امنوا بالله و رسوله و انفقوا
هدى من الآيات توجهنا هذه الآيات الى الايمان بالله و بالرسول ، و تأمرنا بالانفاق باعتباره من اعظم ثمرات الايمان ، و لما فيه الاجر الكبير ، و هو محك الميثاق الذي اخذ من كل الناس في عالم الذر ، و هو بند من بنود العهد الذي قطعه المسلم على نفسه عند بيعته للقيادة الرسالية .. و لا يحدد القرآن نوعا من الانفاق بذاته ، و ان كان الظاهر هو انفاق المال ، كما لا يدعو الى كمية معينة من الانفاق ، لان الاهم الكيف و ليس الكم ، لذلك نجد تفريقا بين الانفاق استجابة لامر الله و دعوة الرسول اذا كان قبل الفتح و اذا كان بعده ، و التأكيد على ان الاول هو الافضل عند الله ، لانه الاصعب ، اذ يتعرض المؤمن يومئذ لكثير من الصعاب كضغط السلطة التي تعتبر الانفاق من اجل الحق جريمة تستحق العقاب ، و ضغط المجتمع المثبط الذي يعتبره مغرما و سفها ، اما بعد الفتح فتنتفي الكثير من الضغوط ، و ربمايصير الانفاق بابا الى الشهرة ، و تأكيدا على النوع في الانفاق يدعونا ربنا الى قرض حسن في سبيله ، لا لحاجة منهاليه ، و انما لكي يرده علينا اضعافا مضاعفة في الدنيا ، و ليجعله نورا في الاخرة و ثوابا و فوزا عظيما .
ثم ينقل لنا الوحي مشهدا من الاخرة ، حيث المؤمنون و المؤمنات يسعى نورهم بين ايديهم و بايمانهم التي مدوها بالانفاق و القرض الحسن في سبيل الله ، فهم في نعيم الجنة خالدون ، بينما يتخبط المنافقون الذين بخلوا او انفقوا لغير وجهه تعالى في ظلمات و عذاب مقيم ، و هنالك لا يقبل منهم فدية في مقابل الخلاص من العذاب ، ولو كان قدرها ملء الارض ذهبا ، بينما كان بامكانهم ان يعتقوا انفسهم من جهنم بانفاق حسن محدود في الدنيا لوجه الله و طاعة لرسوله و اوليائه ، لكنهم فتنوا انفسهم و تربصوا و ارتابوا و غرتهم الاماني وخدعهم الشيطان .
|