فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


و انهم ليقولون منكرا من القول و زورا
هدى من الآيات

في قضية عائلية كالظهار ، و عند تحاور خاص بين الرسول و واحدة من المسلمات بشان مشكلتها هذه ، ينزل الله قرآنا . اي شهادة اكبر من شهادة الرب على الحوادث الواقعة ، ام اي حضور فاعل للوحي في يوميات الامة ! بلى . ان الله يسمع تحاورهما .

و لقد كانت العرب ترى ان الرجل اذا قال لزوجته : ( انت علي كظهر امي ) حرمت عليه ابدا ، و كان ينطوي هذا الحكم على ظلم كبير للمرأة التي لا تعاشر انئذ معاشرة الازواج ، و لا تسرح لتتزوج من رجل اخر .

لقد كان الظهار من العادات الجاهلية التي فتت الكثير من الاسر قبل بزوغ نور الاسلام ، و قد تعود عليها المجتمع ، و بقي ايمان الكثير بها الى ما بعد اسلامهم ، و حيث اراد الله لرسالته ان تكون بديلا عن الجاهلية فقد نزل الوحي يدافع عن الاسرة باعتبارها اذا صلحت و قويت كانت اساس بناء المجتمع و الحضارة ، و منهذا المنطلق حارب القرآن فكرة الظهار ، و اعتبرها منكرا و قولا زورا ، لا يبررهم شــرع الله و لا الواقــع ، فان قــول الرجل لزوجته : انت علي كظهر امي لا يصيرها اما له ، " ان امهاتهم الا اللائي ولدنهم و انهم ليقولون منكر من القول و زورا " ، يشبهو لكن بصورة اعظم خطرا عند الله و في واقع المجتمع فكرة الادعياء التي عالجها الذكر الحكيم في سورة الاحزاب . (1)و في الوقت الذي تسفه سورة المجادلة فكرة الظهار كما يتصورها الجاهليون من المسلمين ، بأنها لون من الطلاق الدائم الذي لا تصح بعده الرجعة ، تؤكد هذه السورة بأن الرجعة ممكنة حفاظا على كيان الاسرة و المجتمع و رعاية لعواطف الانسان ، و لكنها تفرض كفارة عليها قلبها ( تحرير رقبة ، او صيام شهرين ، او اطعام ستين مسكينا ) ، و ذلك يعني ان الاسلام يعتبر الظهار امرا مشروعا ، انما اراد بذلك الوقوف امام تأثر المسلمين بالجاهلية من جهة ، و دفعهم من جهة اخرى الى اخذ شرائعهم و ثقافتهم من مصدرها الصحيح و الاصيل ، " ذلك لتؤمنوا بالله و رسوله و تلك حدود الله " ، و ما دون ذلك فهو صنيع الجاهلية الضالة الكافرة ، و الذي ينبغي الاستغفار منه ، لان الايمان و العمل به يستوجب غضب الله و عذابه ، " و للكافرين عذاب اليم " .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس