فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


يسألون أيان يوم الدين ؟
هدى من الآيات

في سورة الذاريات المكية التي تحتوي على ستين آية مباركة نقرأ قول الله سبحانه و تعالى في الآية السادسة بعد الخمسين : " وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " ، و كما سبق و نوهنا إلى أن بعض الآيات القرآنية تعتبر محورا للسياق القرآني في السورة ،و ربما تكون الآية الواحدة في السورة مفتاحا لفهم السورة بأكملها ، و الآية ( المحور ) التي جاءت السورة من أجلها و من أجل تكريس مفهومها و مضمونها ، كما مثلا آية الشورى في سورة الشورى أو آية النور في سورة النور وآية الحديد في سورة الحديد أو ما أشبه .


و لعل الآية الكريمة : " و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " هي الآية ( المحور ) في سورة الذاريات ، حيث تبعثنا - نحن البشر - إلى التوجه بكليتنا لرب العالمين ، و التخلص من الأثقال المادية و الأصر النفسية و الأغلال الإجتماعية ، و فارين إليهمن ذنوبنا وجهالتنا ، هاربين إلى قوته و قدرته من الضعف و العجز اللذيننرتكس فيهما ارتكاسا .

و إن عبادة الله تعني التحرر من كل عبودية أخرى ، من عبودية الهوى و الشهوة و المال و السلطة ، و التقاليد و الأعراف ، مما يمنح الإنسان الكرامة التامة ، و آنئذ يرتفع إلى مستوى التقرب إلى الله حتى يهب له الرب قدرة لا تحد ، و حياة لا تنتهي ، جاء في حديثقدسي عن رب العزة سبحانه أنه يقول : " يابن آدم : أنا غني لا أفتقر أطعني فيما أمرتك أجعلك غنيا لا تفتقر ، يابن آدم : أنا حي لا أموت أطعني فيما أمرتك أجعلك حيا لا تموت ، أنا أقول للشيء كن فيكون أطعني فيما أمرتك تقول للشيء كن فيكون " (1) .

إنه آنئذ يكون خليفة الله ليس في الأرض فقط بل في الطبيعة أيضا ، ففي الحديث عن الإمام جعفر بن محمد الصادق - عليهما السلام - أنه قال : " من خاف الله عز وجل أخاف الله منه كل شيء " (2) .

بينما يكون العكس حينما يعبد غير الله ، حيث يصبح ضعيفا حقيرا أمامه ، لا يملك من حول أو قوة : " ومن لم يخف الله عز وجل _خافه الله من كل شيء " (3) .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس