بينات من الآيات
وفي السماء رزقكم وما توعدون
هدى من الآيات مثلما تتصل حقائق السماء و الأرض بما في بدنك ، لابد أن تتواصل عبرها وآياتها و ما في عقلك من وعي ، و يبدو أن الموقنين وحدهم يبصرون آيات الله في الأرض ، و في النفس وفي السماء التي قدر الله فيها الرزق ، و جعل فيها ما نتطلع إليه من فضله ، و ما نحذر من نقماته .. وفي قصة ضيف إبراهيم تصديق ذلك ، فقد جاؤوه بالبشرى ( حيث رزق من عجوز عقيم غلاما عليما هو إسحاق ) ، و أرسلوا إلى قوم لوط المجرمين بالعذاب متمثلا في حجارة من طين قد هيأت لأولئك المسرفين ( الشاذين جنسيا ) .
و كان العذاب مقدرا بحكمة بالغة ، فلم يشمل بيتا واحدا كان فيه مسلمون وهم آل لوط الذين أخرجهم الله منها سحرا ، و قد ترك هذا البيت كما آثار تلك القرية لكي يكونا آية بينه لمن يخشى العذاب ( أما قساة القلب فإنهم لن يستفيدوا من هذه الآية ) .
و قصة فرعون هي الأخرى عبرة لمن يعتبر حيث أرسل الله إليه موسى بحجة بالغة و لكنه تولى بكل وجوده وقواه ( حتى أنه لم يعرف كيف يفسر كفره ) فقال : هذا ساحر أو مجنون ، فأخذه الله و جنوده بقوته ، و نبذهم في البحر بذنوبهم .
و مأساة عاد كانت أيضا عبرة هامة حيث أرسل الله عليهم الريح العقيم التي أتت على كل آثار الحياة في بلادهم ( بما كفروا بنعمة الله و كذبوا رسله ) .
و كذلك فعل بثمود الذين عتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة ( نار فيها عذاب ) ، و بالرغم من أنهم كانوا ينتظرونه لم يقدروا على الدفاع ، ولهم ينصرهم أحد ، و ما كان يمكن نصرهم أبدا .
و بعد ان يشير السياق إلى قصة نوح يختم الدرس الذي نستوحي منه سنة الجزاء في الخلق ، و أنها لا تختص بقوم ولا بذنب ، فكل فسق و جريمة و إٍسراف يلقى جزاءه ، و هذا الجزاء دليل هيمنة الرب و عدالته و قدرته ، و كل ذلك يهدينا إلى الجزاء الأكبر في الآخرة .
|