و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون
هدى من الآيات اذا كان محور سورة " الذاريات " أن الهدف الاساسي من خلقه الجن و الانس هو عبادة الله فان خاتمة السورة تبين ذلك بعد ان تمهد له بتوجيهنا : الى السماء كيف بناها ربنا بقوة ، ولا يزال يوسعها ، و الى الارض كيف فرشها ، و مهدها لنا أفضل تمهيد ، و الى سنة الزوجية في كل شيء مخلوق ، تذكرنا بالخالق الغني المقتدر .
ثم يأمرنا بالاستعاذة بالله و الفرار اليه من ضعفنا ، و عجزنا ، و شرور أنفسنا ، و شرور العالم المحيط بنا .
و لكي لا نستسلم للضغوط يذكرنا : ان الرسول نذير مبين من عند الله ، و انه يحذر من مغبة الشرك بالله ، و الكفر بالرسالة ، و اتهام الرسول بأنه ساحر أو مجنون كما فعل الغابرون جميعا . حتى لكأنهم تواصوا بذلك بينما الحقيقة أنهم جميعا كانوا قوما طاغين ، فاذاتولى عنهم الرسول لا يكون ملوما لانهم جحدوا بالرسالة و لكنيجب الاستمرار في رعاية المؤمنين بالتذكرة لأنها تنفعهم .
و بعد هذا التمهيد الذي فيه تذكرة بآيات الله في الخليقة ، و تبصرة بدور الرسول في الانذار و البلاغ فقط فيما يتصل بالكفار ، و دور التذكرة فيما يتعلق بالمؤمنين .. ذكرنا الله بأهم غاية في الخلق وقال : " وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " و حقيقة العبادة التسليم لله و تهيئة النفس لاستقبال نور معرفته ، و تطهيرها من دنس الشرك و الفواحش الباطنة ، ثم العمل بكتابه .
و عبادة الله دليل رحمته ، و هكذا كان الخلق بهدف التفضل على المخلوقين ، ولا تصل أية فائدة من خلقه اليه ، فهو لا يريد منهم رزقا ولا طعاما ، بل هو الرزاق الذي يغمرهم بنعمه ، و هو ذو القوة الدائمة التي لا تزول فلا يحتاج الى نصرهم .
و في الخاتمة يحذر ربنا الظالمين بأن نصيبهم من العذاب مضمون لهم ، فلا يستعجلوه ، كما يحذر الكفار من ويلات اليوم الموعود .
|