فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


أم للانسان ما تمنى
هدى من الآيات

المسافة بين الحق و الباطل و بين الهدى و الهوى هي بالذات المسافة بين الحق و التمنيات ، و بين السعي و الأحلام ، و إذا عرفنا الفارق بين واحدة من هذه المفارقات فإنها ستكون مقياسا لنا نعرف بها مثيلاتها .

فالذين يعيشون على التمنيات هم الذين يعبدون الأصنام ، زاعمين بأن عبادتهم لها سوف تغنيهم عن الحق الواقع ، و هم الذين يزعمون بأنوثة الملائكة و بنوتهم لله ، و أنهم يشفعون لهم من دون إذنه تعالى ، و هم كذلك الذين يتبعون الظن طلبا للتخلص من مسؤولية الحق والعلم .

ففي الدرس السابق بين القرآن و بوضوح كاف أن الوحي رؤية مباشرة و حضور النبي (ص) عند الله بدىء كل حق و بديع كل واقع سبحانه ، و كذلك شهوده الواعي للملك المنزل من عنده وهو جبرئيل (ع) و وعيه و عرفانه لآيات الله ، و بالتاليفإن مسافة لا متناهية تفصل بين واقع الحضور و الشهود و العلم عند الرسول و بين الأهواء و الظنون عند أولئك الكفار .

و هنا يلج السياق في الحديث المفصل ببيان الضلالات التي وقع فيها المشركون بابتعادهم عن الهدى ، و اعتقادهم بالأصنام ليس عن قناعة ، بل لأنهم أرادوا منها الشفاعة ، و الفرار من المسؤولية ، و الآيات تنسف هذا الضلال بالتأكيد على أن الملائكة مع كرامتهم عندالله لا يملكون الشفاعة إلا من بعد إذنه و رضاه ، فكيف بهذه الأصنام الحجرية التي لا تبصر ولا تسمع ، ولا تنفع ولا تضر ، بل يستوجب الإعتقاد بها الغضب و العذاب ؟! . أنهم يتمنون ذلك و يزعمون ، و الظن لا يغني من الحق شيئا ، إذ ليس في هذا العالم إلا الحق ، وإنما الحق أن يبلغ الإنسان ما يسعى إليه .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس