فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


كل يوم هو في شأن
هدى من الآيات

" لا بشيء من آلائك رب أكذب " إنها العبارة التي ينبغي أن نكررها كلما تساءل السياق القرآني " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ، و لكن هل يكفي أن نكرر ذلك كشعار دون معرفة و تطبيق ؟ كلا .. فماذا يعني إذا التكذيب بآلاء الله ، و كيف نصدق بها؟

هناك فريقان من الناس يكذبون بآلاء الله . الاول الذين لا يعتقدون بالنعمة ، لانهم ينظرون الى الحياة من خلال رؤية مشؤومة ، و نفسية معقدة فاذا بكل شيء عندهم نقمة ، " و إذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا "(1) و الفريق الآخر هم الذين يعترفون بالنعمة ، و لكنهم ينكرون عمليا انها من الله فتراهم يتوجهون بالشكر الى غيره " و من آياته الليل و النهار و الشمس و القمر ، لا تسجدوا للشمس و لا للقمر و اسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم(1) الفرقان / 60 .


إياه تعبدون " (1) و هذا نوع من التكذيب ايضا فالذي لا يؤمن برب النعمة او يشرك به لا يشكره عليها ، ومن لا يشكر النعمة لا يعمل على ضمان استمرارها و نموها ؟ ، و الاستفادة منها في مواردها السليمة ، أليس ذلك كله مرهون بالشكر على وجهه الصحيح ؟ جهاز الهظم عند الانسان مثلا ( الفم ، المريء ، المعدة ، الامعاء ) ينبغي أن نستفيد من هذه النعمة ، فالذي يعلم بانها من الله ، سوف يبحث عن برنامج الرسالة في الاكل و الشرب ، نوع الطعام و الشراب المطلوب ، و مقداره ، و طريقة استهلاكه ( آداب الاكل و الشرب ) أما الآخر المكذب بالله فلن يلتزم بحد في ذلك ، سيسرف فيهما و لن يمتنع عما يضره كالخمر و لحم الخنزير ، و هذا نوع من التكذيب أيضا ، و كذلك يكذب بالنعمة الذي يستخدم الثروة من اجل استغلال الآخرين و استبدادهم ، و الاسراف و التبذير على النفس ، كما ان الذي يتخذ السلطة و سيلة للقهر و الاستعلاء هو الآخر يكذب بآلاء ربه .

و الذي لا يستخدم النعمة في الخير لنفسه و للبشرية ، و بالتالي لا يعمل على ضمان استمرارها باستمرار عواملها ، فانه ليس فقط يحرم من نموها ، بل و يجعلها عرضة للزوال " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم و لئن كفرتم إن عذابي لشديد " (2) اذا فتطبيققولنا " لا بشيء من آلائك رب اكذب " يكون بالتزام شكر النعمة دائما ، و ذلك يعني أن نعترف بانها نعمة فعلا ، و ثانية أن نعرف بأنها من الله فنشكره قولا ، و نطبق منهجه عملا ، و هذا هو التصديق بآلاء الله .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس