ويل لكل أفاك أثيم
هدى من الآيات نقرأ في بداية سورة الجاثية أن هناك آيات في الكون لقوم يؤمنون ، و من ثم يوقنون بها ، و أخيرا بها يعقلون ، وهذا التدرج في هذه الآيات يزيدنا معرفة بمنهج التكامل ، ففي البداية يجب أن يؤمن الانسان بالآيات و يسلم لها ، و من ثم يتحول الى حالة اليقين بعدأن يرى آياته سبحانه في الكون ، و يرى الانسجام التام بين رسالة الله في الأرض و آياته في السماء و الأرض ، ومن بعد اليقين يتحول الى مرحلة العقل .
ومن معاجز القرآن الكريم تشابه الآيات ، و هذا يعني أن كل الآيات تسير في خطوط متقاربة ، تنتهي بالتالي الى هدف واحد ، فالتالي لآي الذكر الحكيم يتراءى له أن كل الآيات ذات بعد واحد ، إذ أن الكلمات هي الكلمات ، و الأهداف هي ذاتها الاهداف ، وحتى تركيب الكلمات و الموضوعات العامة التــي توحـي إليها العبارات و تشير إليها واحدة ، و لكن عند التدبر العميق يتبين لنا أن وراء هذهالوحدة وهذا التشابه حقائق متنوعة ، وليس معنى ذلك تناقضها ، أو أنها ليست من سنن الله التي تنبع من قاعدة واحدة و تنتهي الى هدف هو التوحيد .
و سميت هذه السورة بهذا الاسم لآية فيها تصور لنا منظر الأمم في يوم القيامة وهم يجثون على ركبهم خشعا خضعا لله ، كل أمة تدعى الى كتابها ، و آيات هذا الدرس وما بعدها تعمق فينا الايمان بالله سبحانه و تعالى و الايمان بالبعث ، و بالرغم من أن هذه الحقيقةواحدة في مختلف السور إلا أن كل آية من آيات القرآن الكريم في هذا الموضوع تثير في البشر إحساسا خاصا ، و تضرب على أوتار معينة في قلبه ، و بالتالي تعالج أمراضا محددة ، و لذا يجب قراءة القرآن كله ، و بالرغم من أن قراءة سورة واحدة أو مجموعة آيات تفيد الانسان و تنفعه إلا أن قراءة كل القرآن ضروري ، لأن نواقص البشر كثيرة و متنوعة ولا علاج لها إلا في القرآن .
|