فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


إنا فتحنا لك فتحا مبينا
هدى من الآيات

بالرغم من أن الله ينجز وعده لعباده المؤمنين فينصرهم على أعدائهم ، و بالرغم من أنهم ينتظرون فتحا قريبا و نصرا عاجلا ، إلا أنه قد يتأخر عنهم لمصلحة يعلمها الله ، فلربما لو جاءهم النصر عاجلا منع عنهم فتحا كبيرا لما تتهيأ أسبابه ، فهذا رسول الله (ص) يرى في منامه ، و يخبر المؤمنين أنه سوف يدخل المسجد الحرام آمنا ، ثم يقودهم حاجا الى بيت الله ، فيجد المشركين قد استعدوا لحربه أو صده عنه ، فلم تتحقق رؤياه في الظاهر ، و لكنه (ص) دخله فاتحا في السنين اللاحقة ، بسبب ذلك الصلح الذي أبرمه في تلك السنة .


المسلمون من جهتهم فهموا رؤيا الرسول على أنها تؤكد دخول مكة في تلك السنة ، و لكنه (ص) مع علمه بالواقع جعلها غامضة ، فلم يبين لهم بأن النصر لا يأتيهم في ذلك العام ، لأنه لو أخبرهم ربما تقاعسوا عن الجهاد ، وإذ لم يخبرهم الرسول بواقع الأمر سارعوا نحومكة يحدوهم أمل الانتصار ، و انتهى الأمر بهم الى


صلح الحديبية الذي كان تمهيدا لفتح مكة المكرمة ، ولو أن المسلمين دخلوا المسجد الحرام في ذلك العام فلربما فاتهم فتحها ، و بالتالي فتح الجزيرة العربية ، و انتشار الاسلام في الأرض .

إن الهدف القريب الذي توخاه المسلمون بعد إخبار الرسول لهم برؤياه هو دخول مكة ، و لم يشأ الله أن يتحقق ذلك تمهيدا لتحقيق الهدف الأكبر وهو فتح مكة ، و العبرة من ذلك أن لا يستعجل المسلمون للنتائج ، وإنما ينبغي الانتظار ريثما تنضج الظروف .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس