فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


إنا أرسلناك شاهدا
هدى من الآيات

بعد تناول القرآن موضوع الفتح المبين وما تابع ذلك من حقائق إجتماعية أظهرها الوضع الجديد يحدثنا ربنا عن موقع الرسول (ص) بين المسلمين ، كأهم عبرة تستفيدها الأمة من هذه الظاهرة التي لم يعرف الناس أبعادها لولا أن الرسول بحكمته و حزمه تعامل معها ، و اكتسب لهم ثمرات الفتح المبين . فهو (ص) لا يمثل شخصه ، وإنما يمثل رسالته و ربه ، و من ثم فإن بيعته و الخضوع لأوامره ليس إلا لله عز وجل ، و بهذه المناسبة يكشف السياق عن واقع المنافقين بأنهم انتهازيون ، و يبحثون عن مصالحهم فقط ، فتراهم يتبعون القائد مادامذلك لا يتعارض مع مصالحهم ، وإلا تمردوا عليه بمختلف الأعذار ، و لقد أمرهم النبي (ص) بالتوجه الى مكة فنكصوا على أعقابهم خوفا من عواقب ما اعتبروه مغامرة غير محسوبة ، و عندما عاد المسلمون الى المدينة فاتحين رجعوا إلى صفوف الأمة على جسر من الأعذار ، ولم يكن ذلك إلا لأن خط الرسالة فرض نفسه على الواقع .


ولكن ربنا لا يدع الأمر هكذا دون قيد يفرضه عليهم ، و بصيرة يهدي بها الرسول القائد و المؤمنين من حوله في التعامل مع هذا الطراز من الناس ، وإنما يشترط لقبول توبتهم أن تكون توبة نصوحا تحكيها أعمالهم و ممارساتهم ، و تتجلى في مواجهاتهم اللاحقة مع الكفار، التي ينبغي أن يثبتوا فيها جدارتهم للإنتماء الى خط الرسالة و تجمع المؤمنين ، أما مجرد الكلام و إلقاء الأعذار فلا يمكنه إعادتهم الى الصف الإسلامي أبدا .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس