و يخاطب المؤمنين لأن هذه الصفة لا تتناسب و إيمانهم بالله ، أوليس الايمان بالله يعني حذف القيم الأرض طريق النهاية . كيف ؟
إن من أعظم مفاخر البشر و مزاياه صفة الحياء ، حيث يتحسس الانسان بفطرته النقية ان للآخرين حرمة لابد أن يؤديها اليهم ، ومن ملك الحياء لا يفكر في تجاوز الآخرين ، فكيف يفكر في اغتصاب حقوقهم و الاعتداء عليهم ؟
وهكذا يسعى الشيطان لازالة صفة الحيـاء ، و حث الانسان الى الاستهانة بالآخرين ، و تصغير قدرهم ، و التصوير بأنهم أقل منه فيحق له إذا تجاوز حقوقهم بل و الاعتداء عليهم . وهنا يقف القرآن له بالمرصاد فيأمر بالتمسك بالحياء و الابقاء على صفة احترام الآخرينحتى يقضي على التفكير في الجريمة .
أرأيت كيف يسمح المستكبرون لأنفسهم بارتكاب المذابح الجماعية بحق المستضعفين و منعهم من حقوقهم من أدنى درجات الحياة ؟ هل فكرت يوما كيف انسلخ أولئك البشر عن إنسانيتهم و اندفعوا في مثل هذه الجرائم ؟ إنهم في البدء سخروا منهم وقالوا نحن أبناء الله ، نحنالشعب المختار ، نحن ذوي البشرة البيضاء إختارنا الله لحكم هؤلاء الذين لم يؤتوا من الذكاء و العقل نصيبا مذكورا . وهكذا كونت الثقافة العنصرية أرضية الجريمة بحق الشعوب .
ولعل التعبير القرآني هنا يعكس طبيعة الاستهزاء عند الرجال ، حيث أنهم يفتخرون عادة بتجمعهم و يسخرون من سائر الناس ، فترى أهل هذا الحي يقولون من مثلنا ؟ أو أهل هذا النادي أو ذلك الحزب أو هذا المصر أو ذلك الاقليم إنهم يفتخرون بما لديهم و يفرحون بما أوتوا من نصيب الدنيا فيسخرون ممن لا يملك ذلك
حتى ولو ملك ما هو أفضل منه .
أما النساء فتجري مفاخرتهن في أمور شخصية كالجمال و الزينة أو النسب أو السبب ، و أساس الاستهزاء بالآخرين عجب كل قوم بما يملكون مـن ميزات ، و فرحهم بها ، ثم تعاليهم على من سواهم بذلك ، و لعل ميزات الآخرين أعظم و أنفع للناس و أبقى عند الله ، لذلك ذكرنا الرب سبحانه بالالتفات الى هذه الحقيقة ، و قال :
[ عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ]وفي حديث مأثور عن رسول الله ( ص) نقرأ أن من علامات عقل المرء تركه التعالي على الناس ، هكذا روي عن أبي جعفر ( عليهما السلام ) : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " لم يعبد الله عز وجل بشيء أفضل من العقل ، ولا يكون المؤمن عاقلا حتى تجتمعفيه عشر خصال .. و العاشرة لا يرى أحدا إلا قال : هو خير مني و أتقى ، إنما الناس رجلان : فرجل خير منه و أتقى ، و آخر هو شر منه و أدنى ، فاذا رأى من هو خير منه و أتقى تواضع له ليلحق به ، وإذا لقي الذي هو شر منه و أدنى قال : عسى خير هذا باطن ، و شره ظاهر، و عسى أن يختم له بخير . فاذا فعل ذلك فقد علا مجده ، و ساد أهل زمانه " . (1)وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " إن الله عز وجل كتم ثلاثة في ثلاثة ، كتم رضاه في طاعته ، و كتم سخطه في معصيته ، و كتم وليه في خلقه ، فلا يستخفن أحدكم شيئا من الطاعات فانه لا يدري في أيها رضا الله ، ولا يستقلن أحدكم شيئا من المعاصي فانه لا يدري في أيها سخط الله ، ولا يزرأن(1) بحار الانوار / ج 1 - ص 108
أحدكم بأحد من خلق الله فانه لا يدري أيهم ولي الله " (1)و جــاء في سبب نزول الآية الكريمة ان ثابت بن قيس بن شماس كان في أذنه وقر ، وكان إذا دخل المسجد تفسحوا له حتى يقعد عند النبي (ص) فيسمع ما يقول ، فدخل المسجد يومـــا و الناس قد فرغوا من الصلاة ، و أخذوا مكانهم ، فجعل يتخطى رقاب الناس ، و يقول : تفسحوا ، تفسحوا ، حتى انتهى الى رجل فقال له : أصبت مجلسا فاجلس ، فجلس خلفه مغضبا ، فلمــا انجلــت الظلمة ، قال : من هذا ؟ قال الرجل : أنا فلان ، فقال ثابت : ابن فلانة ! - ذكر أما له كان يعير بها في الجاهلية - فنكس الرجل رأسه حياء فنزلت الآية (2) .
وعن ابن عباس في قوله : " ولا نساء من نساء " نزل في نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) سخرن من أم سلمة . وعن أنس : و ذلك أنها ربطت حقويها بسبيبة - وهي ثوب أبيض - و سدلت طرفها خلفها ، فكانت تجره ، فقالت عائشة لحفصة : أنظري ماذا تجر خلفها كأنه كلب ، وقيل أنها - عائشة - عيرتها بالقصر ، و أشارت أنها قصيرة ، وهذا ما روي عن الحسن بن علي عليهما السلام (3) .
وفي تفسير علي بن إبراهيم أن الآية نزلت في صفية بنت حيي بن أخطب - وكانت زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وذلك أن عائشة و حفصة كانتا تؤذيانها ، و تشتمانها ، و تقولان لها : يا بنت اليهودية ، فشكت ذلك الى رسول الله (ص) ؟ قال : قولي : أبي هاروننبي الله ، و عمي موسى كليم الله ، و زوجي محمد رسول الله (ص) فما تنكران مني ؟! فقالت لهما ، فقالتا : هذا علمك رسول الله (ص) فأنزل الله الآية (4) .
(1) المصدر / ج 75 - ص 147
(2) مجمع البيان / ج 9 - ص 135
(3) المصدر
(4) تفسير القمي / ج 2 - ص 322
[ ولا تلمزوا أنفسكم ]
اللمز هو العيب . وقال الطبري : " اللمز باليد و اللسان و الاشارة ، و الهمز لا يكون إلا باللسان " (1) .
وحين يعيب الواحد منا أخاه ينشر النفس السلبي في المجتمع ، و يسقط حرمته ، ممــا يسبب فــي لمــز نفسـه أيضا ، و لعله لذلك قال ربنا هنا " أنفسكم " كما قال سبحانه : " ولا تقتلوا أنفسكم " (2) أي لا يقتل بعضكم بعضا أو قال " فسلموا على أنفسكم " (3) أي سلموا على بعضكم . إن الاخلال بالآداب الاجتماعية أسرع شيء تأثيرا على صاحبه ، لأن الحالة الاجتماعية ستعمه سريعا ، ثم ان الذي تلمزه لا يترك العيب عليك ، فتسقط هيبة الجميع ، و يرفع حجاب الحياء و تتسع الكلمات البذيئة و ينتشر الجو السلبي . ثم ان اللمز - كما السخرية بالآخرين - خطوة في طريق إفساد العلاقات الاجتماعية ، و جرثومة الصراعات الخطيرة ، لابد أن نقف دونها بحزم حتى لا تتطور .
[ ولا تنابزوا بالألقاب ]
أن يلقب بعضنا بعضا بالألقاب البغيضة . وفي الروايات : أنه يستحب أن ينادي الأخ أخاه بأحب الاسماء اليه .
و إننا قد نسيء الى إخوتنا من غير قصد كأن نلقبه باسم أمام الآخرين ، بأسم لا يرضاه ، وقد نقوله له بحسن نية غير جد ، فيأخذه الآخرين مأخذ الجد و يعيروه به حتى ينطبع عليه ، و يسيء الى شخصه و شخصيته . و تختلف تلك الألقاب باختلاف(1) القرطبي / ج 16 - ص 327
(2) النساء / 29
(3) النور / 61
المجتمعات ، و عموما فإن كل لقب لا يرضى به صاحبه يجب أن نمتنع عن تلقيبه به .
" ولا تنابزوا بالألقاب " .
أي لا تتبادلوا بينكم الالقاب السيئة التي تؤثر على سمعة المجتمع الاسلامي ، إنما ينبغي أن نختار أفضل الالقاب ، و أحب الأسماء فنطلقها على إخوتنا .
إن طهارة اللسان و نظافة الأجواء الاجتماعية تطبع حياتنا بأحسن الصور . أرأيت لو قدمت مدينة قذرة لا يأبه أهلها بنظافة أبدانهم ، أفلا تتمنى لو تخرج منها سريعا ؟ كذلك المجتمع حين يعبق طيب الكلمات الحسنة في أرجائه يستريح الانسان إليه ، أما إذا انتشر فيهريحة نتنة نهرب منها .
وقد نزلت هذه الآية - حسب المفسرين - في أن الرجل كان يعير بأصله بعد إسلامه فيقال له : يا يهودي ، يا نصراني .. وقال البعض : إن الرجل كان له الاسمان و الثلاثة فيدعى ببعضها فعسى يكره فنزلت الآية . (1)[ بئس الإسم الفسوق بعد الايمان ]
فالأسماء التي كانت للجاهلية لا تصلح للمسلمين الذين رفع الله شأنهم بالايمان - و لذلك روي عن النبي صلى الله عليه وآله : " من حق المؤمن على المؤمن أن يسميه بأحب أسمائه اليه " (2) .
[ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ]
(1) القرطبي / ج 16 - ص 328
(2) القرطبي / ج 16 - ص 230
إن الحقوق الاجتماعية ليست بأقل حرمة من الحقوق المالية ، ومن يعتدي على عرض إخوانه كمن يعتدي على نفسه أو ماله ، أولا نقرأ الحديث الشريف المأثور عن النبي صلى اللــه عليه و آله : " إن الله حرم من المسلم دمه و ماله و عرضه وان يظن به الســوء "(1) .
و هذه الآية تنهى أيضا عن التعبير الذي هو من التنابز بالألقاب حسب ما يدل على ذلك سبب نزولها ، و قد وردت نصوص عديدة في النهي عن ذلك منذرة فاعل ذلك بالافتضــاح .
فقد روى الامـــام الصـــادق عليـه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : " من أذاع فاحشة كان كمبتديها ، و من عير مؤمنا بشيء لا يموت حتى يركبه " (2) .
و روي عن الامام الباقر عليه السلام : " إن أقرب ما يكون العبد الى الكفر أن يؤاخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته و زلاته ليعنفه بها يوما ما " (3) .
و جاء في حديث مأثور عن الامام الصادق عليه السلام : " إن لله تبارك و تعالى على عبده المؤمن أربعين جنة فمن أذنب ذنبا كبيرا رفع عنه جنة ، فاذا عاب أخاه المؤمن بشيء يعلمه منه إنكشفت تلك الجنن عنه ، و يبقى مهتك الستر فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة وفي الأرض على ألسنة الناس ، ولا يرتكب ذنبا إلا ذكروه ، و يقول الملائكة الموكلون به يا ربنا ! قد بقي عبدك مهتك الستر ، وقد أمرتنا بحفظه ، فيقول عز وجل : ملائكتي ! لو أردت بهذا العبد خيرا ما فضحته ،(1) تفسير نمونه نقلا عن المحجة البيضاء / ج 5 - ص 268(2) بحار الانوار / ج 75 - ص 215
(3) المصدر
فارفعوا أجنحتكم عنه فوعزتي لا يؤول بعدها الى خير أبدا " (1) .
[12] نهت الآية السابقة عما يفسد العلاقة بصورة علنية ، وفي حضور الطرف الآخر ، و بتعبير آخر : كانت الآية تطهر المحضر بينما تنهى هذه الآية عما يفسد العلاقة من وراء الشخص و تطهر المغيب .. و تبدأ بسوء الظن الذي تثيره وساوس الشيطان ، و يتنامى عادة بين المؤمنين في غيبة بعضهم عن البعض .
[ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ]الظن هو التصور الذي ينقصه الدليل ، وإن كثيرا من هذا الظن باطل و بعضه يصبح إثما . كيف ذلك ؟
إن قلب الانسان يتعرض لأمواج مختلفة من الهواجس و التصورات ، وأن بعضها فقط هي الحق وهي التي تبعث من مصادر المعارف الخارجية ، بينما البقية هي قياسات باطلة و تمنيات و وساوس و إفرازات العقل الباطن و ترشحات الاحباطات و .. و .. و إذا راجعت نفسك يوما و حاولت إحصاء و تقييم كل تصوراتك تقييما سليما ، فيومئذ تصل الى هذه النتيجة ان أكثرها لا تعتمد على أدلة مقنعة ، ولكن أنى للانسان أن يقيم كل ما يتعرض له ذهنه كل يوم من أمواج التصورات المتلاحقة . فماذا علينا أن نفعل ؟
علينا ألا نأبه بأي تصور يحيكه ذهننا ، بل نعتمد على الحواس و المصادر الموثوقة للمعرفة .
لذلك فان علينا أن نجتنب كثيرا من الظن ، أما القليل الذي نسعى وراءه فهو(1) المصدر / ص 216
الذي تفرزه الحواس ، و يصدقه العقل ، و يصمد أمام النقد الدقيق . أما الظن الآثم فهو الذي تفرزه حالات الحقد و الغضب و الصراع .. ولكن المشكلة ان هذه المجموعة الصغيرة متناثرة بين سائر الظن الكثير ، مما يجعلنا لا نطمأن اليه جميعا ، كما لو كان بعض الناس في بلد حاملا لفيروس الايدز و لكننا لا نعرفهم بأعيانهم فعلينا أن نجتنب كل أهل هذا البلد حتى يتميزوا عن بعضهم .
من هنا نجد الامام علي عليه السلام يكرر في وصاياه هذه الكلمة ، بعد أن يسأل عن المسافة بين الحق و الباطل يقول : " أربع أصابع " و يضع يده على أذنه و عينه فيقول : " ما رأته عيناك فهو الحق وما سمعته أذناك فأكثره باطل " (1) .
ولأن كثيرا من الظنون تطال المؤمنين بسبب أعمالهم التي قد يكون لهم عذر وجيه في القيام بها ، فقد أمرنا الدين بأن نحمل أفعال إخواننا على أفضل محمل . قال أمير المؤمنين عليه السلام : " ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك ( أي تعلم يقينا غير ذلك ) ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوء و أنت تجد لها في الخير محملا " (2) .
وعن النبي صلى الله عليه وآله : " أطلب لأخيك عذرا فان لم تجد له عذرا فالتمس له عذرا " (3) .
و بعض المؤمنين يزعمون أن من علامة إيمانهم سوء الظن بالناس و ملاحقتهم بتهمة الفسق و كأن الايمان حكر عليهم ، كلا .. إن ذلك علامة ضيق نظرهم ، و شدة عجبهم المفسد لقلوبهم . أما علامة الايمان الحق فهي سعة الصدر و سماحة(1) بحار الانوار / ج 75 - ص 196
(2) المصدر
(3) المصدر / ص 197
القلب ، و صفاء النفس تجاه الآخرين .
قال الامام الصادق عليه السلام : " حسن الظن أصله من حسن إيمان المرء و سلامة صدره ، و علامته أن يرى كل ما نظر اليه بين الطهارة و الفضل ، من حيث ما ركب فيه و قذف من الحياء و الأمانة و الصيانة و الصدق " .
فهذه هي عناصر الايمان حقا ، فالمؤمن حيي أمين يصون سر الناس و يتعامل معهم بالصدق ، و أضاف عليه السلام قائلا :
قال النبي : " أحسنوا ظنونكم بأخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب ، و نقاء الطبع " وقال أبي بن كعب : إذا رأيتم أحد إخوانكم في خصلة تستنكرونها منه فتأولوا لها سبعين تأويلا ، فاذا اطمأنت قلوبكم على أمرها ، وإلا فلوموا أنفسكم حيث لم تعذروه في خصلة سترها عليه سبعون تأويلا و أنتم أولى بالانكار على أنفسكم منه " (1) .
بلى . يصدق هذا فقط عند صلاح الزمان أو بين التجمع الصالح الذي تتسم علاقاتهم بالأخوة الايمانية . أما إذا فسد الزمان أو أردنا الحكم على تجمع فاسد أو مجتمع منحل فلا يجوز حسن الظن ، لانه نوع من الغباء و المؤمن كيس فطن .
هكذا قال الامام الصادق عليه السلام : " إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام أن تظن بأحد سوء حتى يعلم ذلك منه ، وإذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل فليس لأحد أن يظن بأحد خيرا حتى يبدو ذلك منه " (2) .
و كلمة أخيرة : إن تجنب الظن السيء منهج علمي رصين ، لأن وساوس(1) المصدر / ص 196
(2) المصدر / ص 197
الشيطان و هواجس الأفكار تتداخل عادة مع بصائر العقل و مكاسب التجربة ، فلابد من فرزها بتجنب سوء الظن و عدم الاعتناء به . أما إذا استرسلنا مع كل هاجسة في النفس فاننا نفقد المقياس السليم للتفكير ، كما أنها قد تقودنا الى الفتن العمياء ، فقد جاء في الدعاء : " فان الشكوك و الظنون لواقح الفتن و مكدرة لصفو المنائح و المنن " (1) .
ومن هنا أوجب الاسلام ترك الاسترسال وراء الظنون ، و نهى عن التحقق منها و التجسس على الناس و تتبع عيوبهم وقال ربنا :
[ ولا تجسسوا ]
وهو البحث عن عورات الناس بمتابعتهم و كشف أستارهم . و روي عن أبي بردة أن النبي صلى الله عليه وآله صلى بنا ثم انصرف مسرعا حتى وضع يده على باب المسجد ثم نادى بأعلى صوته : " يا معشر من آمن بلسانه و لم يخلص الايمان الى قلبه : لا تتبعوا عورات المؤمنين فإنه من تتبع عورات المؤمنين تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ، ولو في جوف بيته " (2) .
و روي عـــن الامام الصادق أنه قال : " إذا رأيتم العبد متفقدا لذنوب الناس ناسيا لذنوبه ، فاعلموا أنه قد مكر به " (3) .
و هكذا يريد الدين لنا حياة آمنة لا تطالها أعين الفضول ، ولا تهتك حرمتها متابعات الطفيليين .. يتحسس كل فرد فيها ببرد الامنة و سكينة الثقة .
(1) من مناجاة السجاد (ع) مناجاة المطيعين - مفاتيح الجنان ص 122(2) بحار الانوار / ج 75 - ص 215
(3) المصدر
وكما تحرم الآية التجسس الفردي تحرم تجسس الدولة على رعاياها ، إلا إذا اقتضت مصلحة الأمة ، فلابد أن يخضع ذلك للقضاء القائم على أساس أحكام الشريعة .
وقد فهم المسلمون السابقون هذه الشمولية من الآية الكريمة حسب ما نجده في القصة التاريخية التي حدثت في عهد الخليفة الثاني الذي خرج و عبد الرحمن يعسان إذ تبينت لهما دار فاستأذنا ففتح الباب ، فاذا رجل و امرأة تغني وعلى يد الرجل قدح ، فقال عمر : و أنت بهذا يا فلان ؟! فقال : و انت بهذا يا أمير المؤمنين ؟! فقال عمر : فمن هذه منك ؟ قال : إمرأتي ، قال : فما هذا القدح ؟ قال : ماء زلال ، فقـال للمــرأة وما الذي تغنين ؟ فقالت :
تطاول هذا الليل و اسود جانبه و أرقــنـــي الا خليـــل الاعبــــهفوالله لولا الله أني أراقبـــــــه لزعزع من هذا السرير جوانبهولكن عقلي و الحياء يكفنــــــي و أكــرم بعلي أن تنال مراكبــــهثم قال الرجل : ما بهذا أمرنا يا أمير المؤمنين !
قال الله تعالى : ولا تجسسوا ، قال صدقت . (1)
[ ولا يغتب بعضكم بعضا ]
الغيبة : ذكر معايب الناس عن ظهر الغيب . وقالوا تختلف الغيبة عن الإفك و البهتان ، إن الإفك أن تقول في الناس مالا تعلم أنه فيهم ، بينما البهتان أن تقول فيهم ما تعلم أنهم براء منه . أما الغيبة فان تقول فيهم ما يكرهون مما تعلم أنه(1) القرطبي / ج 16 - ص 334
فيهم .. وقد تعم كلمة الغيبة لتشمل الإفك و البهتان .
وفي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام : " من قال في مؤمن ما رأته عيناه و سمعته أذناه فهو من الذين قال الله عز وجل : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم " .
و سأل مرة عن الغيبة فقال عليه السلام : " الغيبة هو أن تقول لأخيك في دينه مالم يفعل ، و تبث عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد " . (1)وفي هذا النص نرى كيف تعم كلمة الغيبة لتشمل البهتان و كيف أنها تخص العيوب المستورة ، أما العيب المتجاهر به صاحبه فان ذكره لا يعد غيبة ، و هكذا جاء في رواية مرسلة عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال :
" من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه ، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس إغتابه ، و من ذكره بما ليس فيه فقد بهته " (2)وهكذا لم يجعل الاسلام للفاسق المتجاهر بفسقه حرمة .
و جاء في رواية نبوية : " إذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس " . (3)[ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ]
هكذا الغيبة . أرأيت أن شخصية الانسان أعظم عنده أم شخصه ؟ أليس المرء يسعى جهده من أجل الكرامة و التقدير ، فإذا اغتابه أحد فقد اغتال شخصيته ، و نال(1) بحار الانوار / ج 75 - ص 240
(2) المصدر / ص 245
(3) القرطبي / ج 16 - ص 339
من كرامته وهي أعز من جسده ، و لانه ليس في محضره فكأنه أكل لحمه بعد موته .
بالله ما أروع هذا التشبيه ؟ وما أنفذه من تحذير في وجدان الانسان الحر . و كيف يقرب كتاب ربنا الحقائق العظيمة الى وعينا ، وبهذه البلاغة النافذة .. و كيف يبصرنا بأن البشر ليس كسائر الأحياء يعيش حياة مادية ضمن حدود بدنه فحسب ، بل إنه يمتد مع سمعته و شهرته أنى توسعت في أفق المكان و الزمان .. و قد يضحي الانسان بجسده في سبيل كرامته ، أو لا يدل ذلك على أن كرامة الانسان أعظم عنده من شخصه ؟ من هنا فان الاعتداء عليها ليس بأقل من الاعتداء على بدنه .. و الغيبة اعتداء سافر على كرامة الشخص فما أشدها حرمة ؟
من هنا جاءت النصوص تترى في التحذير من الغيبة باعتبارها أكلا للحم المغتاب بعد موته .
روي أن ماعزا جاء الى النبي صلى الله عليه وآله فشهد على نفسه بالزنا فرجمه رسول الله صلى الله عليه وآله فسمع نبي الله رجلين من أصحابه يقول أحدهما للآخر : أنظر الى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب ، فسكت عنهما ثم سار ساعة حتى مربجيفة حمار شائل برجله فقال : أين فلان و فلان ؟ فقالا : نحن ذا يا رسول الله . قال : إنزلا فكلا من جيفة هذا الحمار ، فقالا : يا نبي الله ومن يأكل من هذا ؟ قال : فما نلتما من عرض أخيكما أشد من الأكل منه و الذي نفسي بيده انه الآن لفي أنهار الجنة ينغمسفيها (1) .
و روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال : " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم و صدورهم ، فقلت من هؤلاء يا جبرائيل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس و يقعون في أعراضهم " . (2)(1) القرطبي / ج 16 - ص 335
(2) المصدر / ص 336
و عن الامام الصادق عليه السلام أنه قيل له : بلغنا أن رسول الله كان يقول : إن الله يبغض البيت اللحم ؟ قال : " إنما ذاك البيت الذي يؤكل فيه لحوم الناس ... " . (1)و روي عن الامام الصادق عليـــه الســـلام أنه قال : " قال رجل لعلي بن الحسين ( الامام زين العابدين عليه السلام ) أن فلانا ينسبك الى أنك ضال مبتدع ، فقال له علي بن الحسين عليهما السلام :
" ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت الينا حديثه ، ولا أديت حقي حيث أبلغتني عن أخي ما لست أعلمه ، إن الموت يعمنا ، و البعث محشرنا ، و القيامة موعدنا ، و الله يحكم بيننا ، إياك و الغيبة ، فانها إدام كلاب النار ، و اعلم أن من أكثر من ذكر عيوب الناس شهد عليه الأكثار أنه إنما يطلبها بقدر ما فيه " . (2)المغتاب في ولاية الشيطان
و الغيبة تخرج صاحبها من ولاية الله الـى ولاية الشيطان ، فما هي ولاية الشيطان ؟ أظهر ما فيها الفرقة و التشتت و التشرذم التـي هي سبب مصائب المسلمين اليوم . و إذا أمعنا النظر فيها لرأينا أكثرها نفسية ، فبسبب النظرة السلبية الى بعضنا تنامت خلافاتنا ،و الغيبة هي المسؤولة عن انتشار النظرة السلبية . فلو كنا نتمسك بتعاليم الاسلام في التعامل مع بعضنا على أساس الثقة وكنا نستر العائبة و نشيع العارفة ، و نبث الروح الايجابية ، لكنا إخوانا متعاونين ، من هنا حذرت النصوص الدينية من الغيبة و جعلتها سببا للخروج من ولاية الله حيث الوحدة و الصفاء ،
(1) بحار الانوار / ج 75 - ص 256
(2) فبسبب كثرة ذنوبه يذكر عيوب الناس كثيرا . المصدر / ص 246و الدخول في ولاية الشيطان .
سأل أحدهم الامام الصادق عليه السلام : قائلا : يابن رسول الله أخبرني عمن تقبل شهادته ومن لا تقبل ؟ فقال :
" يا علقمة ، كل من كان على فطرة الاسلام جازت شهادته " قال فقلت له : تقبل مقترف للذنوب ؟ فقال :
يا علقمة ، لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادات الأنبياء و الأوصياء صلوات الله عليهم ، لأنهم هم المعصومون دون سائر الخلق ، فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أولم يشهد عليــه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة و الستر ، و شهادته مقبولة ، وإنكان في نفســه مذنبا ، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله عز وجل ، داخل في ولاية الشيطان " . (1)إن الاسلام يريد أن يقوم المجتمع على أساس الثقة ، فمن زعزع هذا الأساس و أشاع جو اللاثقة بين أعضائه فقد برئ من ولاية هذا المجتمع المسلم التي هي ولاية الله ، و انتمى الى الأعداء .
ومن هنا يؤكد الاســلام أن المغتاب ينفصل عمن يغتابه ، لأنه تنقطع العصمة بينهما . فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال :
" من مدح أخاه المؤمن في وجهه ، و اغتابه من ورائه فقد انقطع ما بينهما من العصمة " . (2)وفي حديث مأثور عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال : " لا يطمعن المغتاب(1) المصدر / ص 248
(2) المصدر / ص 249
في السلامة " . (1) ولعل السبب في ذلك ان من يتبع عيوب الناس يستثير عدوانهم ، أو لأنه يخلق المجتمع المفكك الذي لا يحلم في السلامة .
وقد جعلت بعض النصوص الدينية الغيبة أشد من الزنا ، ربما لأن اثار الغيبة الخطيرة في تفرقة الناس و النيل من كرامتهم ، و إشاعة الفاحشة أشد من اثار الزنا ، لأن الحكمة المأثورة في حرمة الزنا هي اختلاط المياه و هدم الأسرة مما يسبب في تفكك المجتمع ، وهذهحكمة حرمة الغيبة أيضا ، و لكن يبدو أن الغيبة أفتك بوحدة الامة من أختها الزنية .
وقد أمر الاسـلام بــأن يستحــل المغتــاب من صاحبه حتى يغفر الله له ، لأن ذلك - فيما يبدو - يعيد العصمة المقطوعة بينهما و يسبب في إعادة اللحمة الى المجتمع ، بالاضافة الى أن ذلك يكون رادعا للمغتاب أن يعود الى مثل ذلك مرة أخرى .
قال النبي صلى الله عليه وآله : " الغيبة أشد من الزنا " ، فقيل يا رسول الله ولم ذاك ؟ قال " صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه ، و صاحب الغيبة يتوب فلا يتوب عليه حتى يكون صاحبه الذي يحله " . (2)و لأن الغيبة تفتح ثغرة في الحصن الاجتماعي فان على الناس أن يأخذوا على يد المغتاب حتى لا يهدم حصنهم ، بأن يدافعوا عن أخيهم الغائب ، فقد جاء في الأثر عن ابن الدرداء عن أبيه أنه قال : نال رجل من عرض أخيه عند النبي ، فرد رجل من القوم عليه فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) " من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار " . (3)(1) المصدر
(2) المصدر / ص 252
(3) المصدر
وفي حديث آخر ، عن النبي صلى الله عليه وآله : " من رد عن عرض أخيه المسلم كتب له الجنة البتة " . (1)و روي عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال : " من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره و أعانه نصره الله في الدنيا و الآخرة ، و من أغتيب عنده أخوه المؤمن فلم ينصره و لم يدفع عنه وهو يقدر على نصرته وعونه خفضه الله في الدنيا و الآخرة " (2)ولكي نحافظ على حصن ولاية الله المحيطة بنا ، لابد أن نذكر أخانا المؤمن بأحسن ما فيه حتى تزداد اللحمة الاجتماعية تماسكا ، و القلوب المؤمنة صفاءا و تحاببا .
جاء في الحديث المروي عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال : " إذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون أن تذكروا به إذا غبتم عنه " . (3)الغيبة : إشاعة الفاحشة
كيف تشيع الفاحشة في الأمة مع أن المغتاب حين يذكر صاحب الذنب يذمه بذنبه و يجعله إمثولة و عبرة لا مثلا صالحا و قدوة ؟
السبب ان للذنوب هيبة في نفوس المؤمنين ، و الجو العام في المجتمع المسلم يرفضها ، فلذلك يضطر الذي قدم عليها الى التكتم ، فإذا انتهكت عصمته أمام الملأ لم يعد يخفيها ، كما أن الآخرين إذا عرفوا وجود من يرتكب الذنب لا يجدون حرجا من الاقتداء بهم ، وهكذا تشيع الفاحشة في الأمة .
(1) المصدر
(2) المصدر / ص 255
(3) المصدر / ص 253
من هنا يعتبر المذنب الكاتم لذنبه أقل إجراما ممن يتجاهر به ، كما يعتبر الذي يذيع الفاحشة كمن يبتدأ بها . جاء في الحديث عن الامام الصادق عليه السلام ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " من أذاع فاحشة كان كمبتديها ، ومن عير مؤمنا بشيء لا يموتحتى يركبه " . (1)
و جــاء فـي حديث مأثور عن الامام الكاظم عليه السلام . قال ( الراوي ) قلت له ( الامام ) : جعلت فداك ، من إخواني يبلغني الشيء الذي أكره له فأسأله عنه فينكر ذلك ، وقد أخبرني عنه قوم ثقاة ؟ فقال لي : " يا محمد ! كذب سمعك و بصرك عن أخيك ، فان شهدعندك خمسون قسامة و قال لك قولا فصدقه و كذبهم ، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه ، و تهدم به مروته ، فتكون من الذين قال الله عز وجل : " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة " . (2)هؤلاء لا حرمة لهم
وقد أنهى الاسلام حرمة ثلاث طوائف :
الأولى : أئمة الجور الذين لابد من توعية الناس بظلمهم و سوء إدارتهم حتى يتمكن المسلمون من إزاحتهم أو لا أقل من تجنب خطرهم ، الثانية : أصحاب الضلالة كالأحزاب الكافرة و المنافقة و المبتدعين في الدين ، الثالثة : الفسقة المتجاهرين .
فقد روي عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال : " ثلاثة ليست لهم حرمة :
(1) المصدر / ص 255
(2) المصدر
صاحب هوى مبتدع ، و الامام الجائر ، و الفاسق المعلن الفسق " . (1)و يبدو أن المظلوم أيضا يجوز له أن يغتاب من ظلمه لقوله سبحانه : " لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم " .
و يقول رسول الله صلى الله عليه وآله : " من عامل الناس فلم يظلمهم ، و حدثهم فلم يكذبهم و وعدهم فلم يخلفهم ، فهو ممن كملت مروته و ظهرت عدالته ، و وجبت أخوته و حرمت غيبته " . (2)هكذا اشترط الرسول صلى الله عليه وآله توافر هذه الصفات في المؤمن حتى تحرم غيبته .
كلمة جامعة في الغيبة
وفي نهاية المطاف نقرء معا كلمة جامعة في الغيبة منسوبة الى الامام الصادق عليه السلام إنه قال : " الغيبة حرام على كل مسلم ، مأثوم صاحبها في كل حال ، و صفة الغيبة أن تذكر أحدا بما ليس هو عند الله عيب ، و تذم ما يحمده أهل العلم فيه ، وأما الخوض في ذكر غائب بما هو عند الله مذموم و صاحبه فيه ملوم ، فليس بغيبة وان كره صاحبه إذا سمع به ، و كنت أنت معافى عنه خاليا منه ، تكون في ذلك مبينا للحق من الباطل ببيان الله و رسوله صلى الله عليه وآله ، ولكن على شرط أن لا يكون للقائل بذلك مرادا غير بيان الحقو الباطل في دين الله ، وأما إذا أراد به نقص المذكور به بغير ذلك المعنى ، مأخوذ بفساد مراده وإن كان صوابا ، فان اغتبت فابلغ المغتاب فلم يبق إلا أن تستحل منه ، وإن لم يبلغه ولم يلحقه علم(1) المصدر / ص 253
(2) المصدر / ص 252
ذلك ، فاستغفر الله له .
و الغيبة تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أوحى الله تعالى عز وجل الى موسى بن عمران عليه السلام المغتاب إن تاب فهو آخر من يدخل الجنة ، وإن لم يتب فهو أول من يدخل النار ، قال الله عز وجـل : أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه " ( الآية )، و وجود الغيبة يقع بذكر عيب في الخلق و الخلق ، و العقل و المعاملة و المذهب و الجيل و أشباهه ، و أصل الغيبـة تتنوع بعشرة أنواع : شفاء غيظ و مساعدة قوم ، و تهمة ، و تصديق خبر بلا كشفه ، و سوء ظن ، و حسد ، و سخرية و تعجب ، و تبرم ، و تزين ، فان أردت السلامة فاذكر الخالق لا المخلوق ، فيصير لك مكان الغيبة عبرة و مكان الاثم ثوابا " (1) .
[ و اتقوا الله إن الله تواب رحيم ]
ولعل هذه الخاتمة التي تفيض مغفرة و رحمة تدل إلى أن الغيبة بلاء يعم الكثير من الناس ولابد ألا تصبح مقبولة ، و يذهب قبحها ، بل نتقي الله فيها ، ومن جهة أخرى لا يجوز أن يستبد اليأس بنا إذا وقعنا فيها بل نتوب الى الله ان الله تواب رحيم .
(1) بحار الانوار / ج 72 - ص 257 عن مصباح الشريعة ص 32 |