وقال ربكم ادعوني أستجب لكم
هدى من الآيات لكي نعالج الكبر الذي انطوت عليه النفوس ، لابد أولا : أن ننظر الى حجمنا بالقياس الى عظمة الخلائق ، ثانيا : إذا اطمأنت النفس الى عظمة البارئ الذي خلقها و أتقن صنعها ، التجأت إليه بالدعاء ، و خلعت رداء التكبر ، و ارتدت ثوب العبودية لرب العالمين ، أماالذين يستكبرون عن عبادة الله ( وعن الدعاء وهو مخ العبادة ) فسيدخلون جهنم داخرين ، ثالثا : نشكر ربنا على نعمه التي تحيط بنا ، ولولا واحدة منها انعدمت حياتنا و تحولت الى جحيم لا يطاق ، فهو الذي جعل الليل سكنا و النهار معاشا ، إنه فضل عظيم ، ولكن أكثرالناس لا يشكرون ( ولذلك تجدهم يستكبرون ) .
ولماذا ينحرف البشر عن صراط الله الذي رباه و نعمه ، وهو خالق كل شيء ، ولا سلطان إلا سلطانه ، ولا إله إلا هو الواحد الأحد ؟ لأنه يجحد بآيات الله ( وهكذا عاد السياق الى موضوع رئيسي في السورة ، وهو التعامل مع آيات الله )و آيات الله ( التي هي السبل الى معرفته و عبادته ) مبثوثة في الآفاق وفي أنفسنا ، فهو الذي جعل الأرض قرارا و السماء بناء ( وهذا عن الآفاق ) ، وهو الذي صور الانسان في أحسن تصوير ، و أغدق عليه من رزقه الطيب . إنه ربنا رب العالمين تبارك و تعالى .
وهو الحي الذي تفرد بالإلوهية فإليه لابد ان يجأر الانسان خالصا له الطاعة و الإنقياد ، وإن له الحمد كله ، لأنه رب العالمين ، لأنه هدانا اليه بالبينات التي أرسلها ، و يتجلى حمدنا له في تحدي الكفار الذين يدعون الأنداد ، و كذلك في تسليمنا له . أوليس قدأسلم له كل شيء في العالمين ؟
من هذا الانسان المسكين الذي يتكبر على ربه ، و ينازعه رداء العزة ؟! إنه مخلوق كان أصله التراب فجعله الله نطفة ثم علقة ثم أخرجه طفلا و رعاه حتى أضحى بالغا رشيدا ، و أحاطت به نعم الله حتى أمسى شيخا ، بينما البعض توفاهم الله من قبل ، كل قد حدد له أجلا، كل ذلك بهدف أن يعرفوا ربهم من خلال تطورات حياتهم و يعقلوا .
و بيده - لا بيد غيره - الحياة و الموت ، وهو مطلق القدرة ، فعال لما يريد ، وأمره - إذا قضى شيئا - بين الكاف و النون .
|