فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


و قدر فيها أقواتها في أربعة أيام
هدى من الآيات

ربط الحقائق الكون بعضها ببعض ، ربطا متناسقا ، ، و مؤثرا في قلب الإنسان ، من الميزات التي يتسم بها القرآن الحكيم في منهجه التربوي و التعليمي ، فبينما يحدثنا في هذا الدرس عن العالمين ، عن الأرض كيف نظم شؤونها ، وقدر فيها أقواتها ، وعن السماء كيف استوى اليها ، و وجه لها و للأرض الأوامر ، وكيف قضاهما سبعا ، وكيف أوحى في كـل سماء أمرها ، نجده يحدثنا - في ذات الوقت - عن التاريح و دروسه و عبره ، عن تلك المجتمعات المقتدرة التي دمرها الله شر تدمير ، بسبب اغترارها بقوتها المادية ، ثم تحدثنا الآيات الحكيمة - بصورة مباشرة - عن ضرورة معالجة الأمراض النفسية التي تعتري الفرد هكذا توصل آيات الذكر آفاق السماء و أبعاد الأرض بأعماق التـــاريخ و أغوار النفس لتصنع منها جميعا منهجا تربويا بديعا ، كما أنها تمهد - فيما يبدو - فؤاد الإنسان لاستقبال الوحي الإلهي بالطريقة المناسبة .


فالذي بسط الأرض و قدر فيها أقواتها ، والذي سمك السماوات و جعلهن سبعا ، و أوحى في كل سماء أمرها ، هو الذي هدى الانسان الى القرآن الحكيم ، بركة للإنسان و سلاما و رحمة ، وإن الإعراض عن منهاج القرآن خطير ، كما الإعراض عن سنن الله في السماوات و الأرض ،وكما الإعراض عن عبر التاريخ .

إن سنة الله في القرآن كسنته في الخليقة .. فهل تستطيع أن تكفر بسنة الجاذبية فتلقي بنفسك من قمة جبل دون أن يصيبك سوء ، وهل تضرب رأسك بصخرة و تنتظر السلامة ، وهل تقدر على الإستغناء عن الهواء ، عن الغذاء ؟ كذلك لا يمكنك الإستغناء عن وحي الله بله الإعراض عنه .

وهل يستطيع أن يقول أحد أني أريد تنظيم الكون تنظيما جديدا ، و سلب الأرض جاذبيتها ، و الهواء رطوبته ، و الغازات خصائصها ؟ كلا .. إن من يريد أن يفعل ذلك لابد أن يجد طريقه يوما الى دار المجانين ! كذلك الذي يريد مخالفة وحي الله ، و سنته في التربية في الإقتصاد ، و السياسة ، و الإجتماع .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس