أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه
هدى من الآيات ماهي علة اختلاف الناس ؟ وكيف ينبغي أن نعالجه ؟ ومن هو الولي حقا يرد اليه ما اختلف الناس فيه ؟
هذه محاور الدرس من هذه السورة التي تعالج الخلافات الإجتماعية .
كان من الممكن أن يخلق الله البشر بصورة واحدة لا اختلاف بينهم ، وأن يجعلهم كلهم من أصحاب الجنة ، ولكنه تعالى ترك الإنسان يختار مصيره بإرادته بعد أن أوضح له سبيل الغي ، و هداه الى سبيل الرشاد .
وهكذا يؤكد القرآن مبدأ الحرية التكوينية التي جعلها الله للبشر ، والتي صبغت حياتهم بصبغة الصراع الأبدي بين الحق و الباطل .
فبينما يتبع فريق منهم ولاية الله ، يتبع الفريق الآخر الظالم لنفسه ولاية الشركاء المزعومين ، فالسبب الرئيسي لضلالة البشر وما يثير بينهم الخلاف منالحروب التي تنتهي الى الدمار و التخلف هو تركهم ولاية الله ، و تشبثهم بالأولياء من دونه .
أما الخلافات الخارجة عن إطار صراع الحق و الباطل - كالخلاف بين أهل الحق أنفسهم - فهي غير مشروعة ، إذ لابذ من حلها بالعودة الى قيم الرسالة ومن يمثل ولاية الله في الأرض ، ومن الناس من يدعي الإيمان ولكنه يتولى غير الله ، وإنما آية إيمان المرء أن يرد ما تنازع فيه الى الله ( والى رسالته و رسله ) ثم يتحدى الضغوط ، و يتوكل على الله ، و يتضرع إليه ( و يتعوذ بحوله و قوته من شياطين الإنس و الجن الذين ينزغونه في الإتجاه الخاطئ ) .
( و ولاية الله في المجتمع تجل لولايته في الكائنات ) فهو الذي فطر السماوات و الأرض ، و خلق البشر أزواجا وكذلك الأنعام بهدف تكثير الخلق و انتشارهم ، وهو المحيط بهم علما و بيده مفاتيح الرزق ، فيبسط لمن يشاء ، و يقدر على من يشاء ( إنما بحكمته البالغة ، لأنه ) بكل شيء عليم .
|