ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض
هدى من الآيات لتطهير القلب من درن الحرص و الكبر ، و لاقتلاع جذور البغي و الخلاف ، يذكرنا ربنا - في هذه الآيات - بأن الله إنما ينزل الرزق بقدر لأن الناس يبغون على بعضهم لو بسط الله لهم الرزق ، ( فتقدير الرزق من الله ، ولا داعي للحرص ، ولا للصراع من أجله ، و تحديده من أجل مصلحة البشر ) .
[ و حري بالانسان التوكل على الله . ألا يرى كيف يرزقه ؟ ) .
وهو الذي ينزل عليه الغيث في اوقات المحنة حيث يستبد به القنوط ، فهو الولي الحميد ( ولابد من النزوع عن الحرص ، و تفويض الأمور اليه ) .
( وكلما عظم الخالق في قلب الانسان تضاءل ما سواه في عينه ، و تواضع للحق أكثر فأكثر ن أنظر الى آثار عظمة ربك ) وهو الذي خلق السماوات و الأرض و نشرفيهما أنواعا لا تحصى من المخلوقات المتحركة ، وحين يشاء يجمعهم بقدرته .
( و رزق الانسان كما سائر جوانب حياته يخضع لسعيه و نوعية عمله ) وما أصاب أحدا من مصيبة فبما كسبته يداه ، بينما يعفو عن كثير ( فلو عاجلهم بذنوبهم لأفناهم جميعا ) .
ولا أحد يقدر على منع الكوارث عن نفسه إذا أراد الله أن يأخذ بذنوبه ، ولا أحد يدافع عنه أو ينصره من دون الله .
وإن قدرة الله محيطة بالبشر ، فإذا ركبوا في البحر و جرت الرياح بهم الى أعالي البحار أرأيت لو شاء الله و أسكن الريح أليس تبقى سفنهم هنالك دون حراك ؟! ( إنما يعي هذه الحقيقة الذي يتعالى عن ضغط النقمة و إغراء النعمة أي ) الصبار الشكور .
والله قادر على أن يهلك الناس بسفنهم في عرض البحر بسبب ذنوبهم ، ولكنه يعفو عن كثير من خطاياهم .
( إذا لماذا الجدال في أمر الله و تحدي أحكامه ؟ ) .
إن كل ذلك يكفي آية لهؤلاء المجادلين في آيات الله أنهم لا يملكون عن ربهم مهربا .
( ثم لماذا الحرص على الدنيا و الصراع من أجلها وهي لا تسوى شيئا ؟! ) فما أوتيتم من شيء ليس سوى متاع الحياة الدنيا التي لو قيست بالآخرة لم تكن شيئا ، لأن الآخرة أفضل و أبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ( فينزعون جلباب الكبر ، و يتعالون على الحرص ،و لا يثيرون الخلاف من أجل الدنيا ) .
|