و أمرهم شورى بينهم
هدى من الآيات يتكلم القرآن في هذا الدرس عن المحــور الذي سميت السورة باسمه وهو الشورى ، ولكنه بعد أن يجعله في إطار الحديث عن أبعاد الشخصية الإيمانية . لماذا ؟ لأن الصفات خيرها و شرها تنبع من حالة في شخصية المجتمع ، و تترادف مع بعضها ، فالصدق يستتبع الإحسان ، والأمانة تستتبع الوفاء ، وهكذا ، لأن اصل صفات الخير البصيرة و الإيمان ، كما أن الصفات الرذيلة يلحق بعضها بعضا ، لأن جذرها واحد ألا وهو مرض القلب .
و صفة الشورى التي يتركز حولها هذا الدرس تمثل العلاقة الإيجابية بين أفراد الأمة على صعيد اتخاذ القرارات العامة .
ولا تتحقق إلا إذا كانت العلاقات الإجتماعية عبر مختلف الأصعدة المتدرجة طاهرة و أيجابية و بمستوى التبادل الفكري ، إذ لا فائدة للشورى في مجتمع الظلمو الطبقية و العنصرية ، ولا في المجتمع الذي لا يعتقد بالعقلائية و المنهجية العلمية في حياته ولا يبحث عما يثير عقله و يزيده علما ، و الحال إن الشورى أحوج ما تكون لتؤتي أكلها الى مجتمع فاضل يتحلى بالصفات النفسية التي تدعم تطبيق المناهج العلمية التي تصدرعلى ضوئها .
ولعله لذلك بدأت هذه الآيات ببيان جانب من صفات المؤمنين كاجتناب كبائر الإثم و التجاوز عن المسيء قبل بيان صفة الشورى ، ثم بعد بيانها يذكرنا القرآن بجانب آخر منها كالإنتصار بعد الظلم ، و الصبر الذي هو من عزم الأمور .
|