سبحان الذي سخر لنا هذا
هدى من الآيات تسعى آيات هذه السورة الى ترشيد العلاقة بين الإنسان وما حوله ، وإنما يتم ترشيدها بالرؤية السليمة ، ذلك أن بصيرة الإنسان تجاه الطبيعة و ظواهرها هي التي تكيف علاقته بها .
و يذكرنا السياق هنا بأن ما أوتينا من نعم الحياة لابد أن يهدينا الى معرفة ربنا و التقرب اليه ، فنعمة الزوجية وسيلة لمعرفة الله ، كيف ؟ فلقد خلق ربنا من كل شيء زوجين اثنين ليعرف كل شيء بعجزه و حاجته ، حتى لا يشعر أي مخلوق بالإستغناء فيطغى ، و ليبينله أنه مخلوق يحتاج الى قرين يكمله ، وكما حاجة الإنسان الى الزوج كذلك حاجة الإنسان الى الأشياء و الاحياء من دونه ، فالإنسان بحاجة الى دابة و سفينة إذا أراد قطع الفيافي و البحار ، و حاجته دليل عجزه ، و شاهدة على غنى ربه ، ولكن بدل ان يعطي الله للإنسانجناحين يطير بهما ، أو أرجل سريعة يسابق بهما الريح ، أو أذنين حادتين كما أذني الحصان ، بدل كلذلك زوده بهبة العقل يستطيع ان يسخر بها الأشياء ، فتراه يصنع السفينة ، و يمتطي صهوة الطيارة و الصاروخ ، بل و يسخر حتى الأحياء من حوله لخدمته ، كالأنعام ، و الكلاب ، و الدلافين و .. و ..
ولولا هبة العقل هل كان يستطيع ذلك ؟ كلا .. ألم تر كيف يقود طفل قطيعا من الإبل ؟
لذلك عندما يمتطي الإنسان صهوة فرسه ، أو يستقل متن سفينة ، عليه أن يذكر الله فيقول :
( سبحان الله الذي سخر لنا هذا ، وما كان لنا ان نسخرها إلا بأذنه سبحانه ) .
إن المؤمن ينظر الى الأرض باعبتارها أمه ، و ينظر الى النخل و الشجر معبترا إياها عماته ، و ينظر الى الشمس و القمر معتبرا إياهما خلقان لله ، و يجريان بأمره طائعين ، و الإسلام ربطنا بالطبيعة من حولنا ، فهناك دعاء لركوب الدابة ، و دعاء لظهور الهلال ، ودعاء إذا سمعت الرعود ، و .. و .. ، وقد كان رسول الله (ص) يتعبد الله ، و ينظر الى النجوم متفكرا فيها ، و يتلو هذه الآيات : " إن في خلق السماوات و الأرض و اختلاف الليل و النهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما و قعودا وعلى جنوبهم و يتفكرون في خلق السماوات و الأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ... " (1) |