فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


إن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا
هدى من الآيات

يضرب القرآن مثلا على الصراع بين الحق الذي يحمله النذير الى قومه و الواقع الفاسد الذي يدافع عنه المترفون باعتباره تراث الآباء ، بقصة إبراهيم - عليه السلام - الذي تحدى أباه و قومه ، و أعلن براءته مما يعبدون ، و جعل الإمامة في ذريته الطيبة لتكون منارهدى للأجيال المتعاقبة ، كما و متع طائفة من أبنائه ( وهــم أهــل مكة و آباؤهم ) دهرا طويلا حتى جاءهم الحق و رسول مبين فكذبوه و قالوا هذا سحر .

( وقد قاوموا الرسالة الإلهية بقيمهم المادية ) وقالوا : لولا نزل هذا القرآن على واحد من العظيمين في مكة و الطائف ( الوليد بن المغيرة من قريش مكة أو حبيب بن عمرو من ثقيف الطائف ، حسب ابن عباس ) .

و يبين القرآن ضلالة هذا المقياس ، أولا : بأن الله هو الذي يقسم رحماته كيفيشاء لا المخلوقون و ثانيا : بأن الله قد قسم بينهم معايشهم حسب حكمته ، وإنما رفع بعضهم على بعض لكي يتخذ بعضهم بعضا سخريا ( وليس للغني في غناه كرامة ، ولا على الفقير في فقره هوان ) و ثالثا : بأن رحمة الله ( المتمثلة في رسالاته و جزائه ) خير مما يجمعون من مال و زخرف .

( و يمضي السياق قدما في تهوين شأن الدنيا و ليقتلع من النفوس مقياس الغنى في تقييم الحقائق ، و يقول : ) لولا أن يكون الناس على الضلالة جميعا بإغراء زخرف الدنيا لجمع الدنيا كلها للكفار . فجعل لبيوتهم سقفا من فضة و سلالم يعرجون عليها ( الى الطوابق العليا ) و جعل أبواب بيوتهم و سررها من فضة ، و أحسن تأثيث منازلهم بالزخرف . ثم ماذا بعد كل ذلك ؟ إنما ذلك متاع زائل للحياة الدنيا - بينما تصفى الآخرة لمن اتقى ربه - .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس