ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا
هدى من الآيات ذكر الله نور ساطع يعشو عنه البعض ( لأنهم لا يريدون تحمل مسؤولياته ) فيقيض لهم الله شيطانا يقودهم الى النار ، وذلك بأن يصدهم عن سبيل الحق ، و يزين لهم الباطل فيحسبون أنهم على هدى .
بهذا يكمل السياق ما بدأه بالآيات المتقدمة من تهوين شأن الدنيا ، و تسفيه من يتخذ متاعها مقياسا للحق ، ذلك أن علاج الميل الى الدنيا معرفة حقيقتها ، ولكن كيف يتم ذلك ؟
إنما بذكر الله فهو نور ، وحين يعرض عنه البعض يبتلون بالشياطين من الجن ، و بقرناء السوء من أبالسة الإنس الذين يزينون للمحرومين أعمال السلاطين و المترفين من أدعياء العلم و الدين .
وعند لقاء الله في ذلك اليوم الرهيب يكتشف المرء مدى خسارته ، فيقول لقرينالسوء الذي أضله : يا ليت كنا متباعدين في الدنيا كما تباعد المشرق عن المغرب ، ولكن هيهات لا ينفع يومئذ التبرء من قرينه الذي يلازمه الى الأبد .
وحين يضل الله أحدا لا تنفعه دعــوة الرسول أو عظة الناصحين . أو يسمع الأصم ، أو يهتدي الأعمى ، ومن هو في ضلال بعيد ؟! ( بهذا يشير الذكر الى مسؤولية الإنسان عن هداه أو ضلالته ) .
أما الرسول فما عليه إلا البلاغ فإذا عذب الله أولئك الضلال بعد أن يذهب به أو في حياته فإن الإمر بيد الله يعذبهم آجلا أو عاجلا .
إنما عليه ( و علينا نحن التابعين له ) أن يستمسك بالوحي ( ولا تزلزله دعايات المترفين ) فهو على صراط مستقيم .
إن القرآن هو ذلك الذكر الذي يعالج أمراض القلب ، و التي يجمعها حب الدنيا ، وهو للرسول أولا ، و لقومه الأقرب فالأقرب ، و سوف يسألون جميعا عنه .
( وهو الشرف الذي يسمو على شرف المال و الجاه عند قريش ، لأنه يدخل المؤمن حصن التوحيد ، و يفك عنه أغلال الشرك ) .
و التوحيــد هو رسالة الأنبياء ( و هـو يتنافـى و الخضوع لأصحاب القوة و الثروة ) .
|