فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


فأقم وجهك للدين حنيفا
هدى من الآيات

بعد أن أرسى الذكر قاعدة الايمان في النفس حين ذكر بآيات الله في خلقه البشر شرع في تصفية الايمان من رواسب الشرك ، تلك العقبة الكأداء في طريق البشر الى ربه ، و الشرك في القرآن الكريم ليس لونا واحدا ، بل لأنه نقيض الايمان فهو متعدد الأبعاد ، و الألوانذلك لأن من يترك الحق و يتجه الى الباطل فليس بالضرورة ان يعبد باطلا من نوع واحد ، بل إن كل كافر قد يعبد باطلا مختلفا عمن سواه ، فمن اتبع هواه فقد اشرك بالله ، و هكذا من اتبع سلطانا جائرا أو مجتمعا فاسدا أو غنيا مترفا ، فقد أشرك بالله سبحانه ، و هكذا من فرق دينه حسب هواه ، و هكذا كلما لم يكن ايمان المرء خالصا كان مشوبا بالشرك .

و كلما أردنا معالجة نوع من الإنحراف لابد ان نؤكد على التوحيد ، لأن التوحيد عصمة الانسان و حصنه من الإنحراف ، و كل انحراف عن طريق التوحيد هو بالتالي سقوط في مادية الشرك .


و يذكرنا الرب بنظام السموات و الارض و حسن التدبير في حركتها ، لعلنا نهتدي الى قدرة المدبر الحكيم الواسعة و التي تحيط بنا من حولنا ، و نؤمن بيوم النشور حيث يدعونا دعوة واحدة ، فإذا بنا خارجون من القبور بلا تريث أو تباطئ .

و مادامت الهيمنة التامة له فان كل شيء مملوك له قانت لأمره و مطيع لسلطانه أوليس قد بدا الخلق ، و هو يعيده بأيسر مما خلقه ، و إنه له الاسماء الحسنى التي تهدي إليها آياته في السموات و الارض ، و هو العزيز الحكيم ؟ بلى . إذا لا ينبغي الشرك به . أو يجوزان يشركك فيما تملكه بجهد غيرك ممن لا سلطان له ؟ كلا .. إذا حرام أن نشرك بربنا من خلقه أحدا .. هكذا يبين ربنا آياته بوضوح بالغ لمن يعقل ، أما الذين ظلموا فإنهم لا ينتفعون بعقولهم بل يتبعون أهواءهم بغير علم و لا يهديهم الله . أرأيت من لم يهده الله هليهديه من بعده أحد ؟ أو هل ينصره أحد ؟

دين التوحيد فطرة إلهية خلق الله الناس عليها ، و لا تبديل لخلق الله و هو دين قيم لا عــوج له و لا أمت ، و إنما يخالفه الناس لجهلهم ، فعلينا ان نتبعه طاهرا من الشرك ، و نعود إليه كلما أبعدتنا عوامل الإنحراف ، مستعينين بالصلاة التي هي ركن كيان التوحيد ، فلا نشرك بربنا أحدا .

و آية التوحيد في الواقع وحدة الدين ، و ألا نفرقه و نكون شيعا متفرقين ، يفرح كل شيعة بما يملكون ، و يتركون ما يؤمنون به من الدين الذي يوحدهم .

إن ما يملكه كل حزب زيف يتلاشى عندما يمس الناس ضر ، اذ يدعون هنالك ربهم عائدين اليه ، و لكنهم إذا أحسوا برحمة لا يثبتون جميعا على الهدى , بلى . يشركون بربهم ، و هذا عين الكفر بالنعمة ، و يهددهم الله بزوالها و سوف يعلمون مدى خسارتهم بالشرك .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس