فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
بينات من الآيات

[33] لا يعارض الاسلام خروج المرأة من حدود البيت و تعلمها ، أو دخولها المعترك الاجتماعي و السياسي ، و حتى العسكري بعض الاحيان ، انما يرفض خروجها بهدف الفساد و الافساد .

[ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ]لما في ذلك من فساد النفوس ، و انحطاط الاخلاق بالنسبة للمجتمع .

[ و أقمن الصلاة ]

توثيقا للعلاقة مع الله .

[ و ءاتين الزكاة ]


تطهيرا للمال و النفس ، و بناءا لاقتصاد المجتمع .

ثم ينعطف السياق ليحدثنا عن ضرورة طاعة الله و الرسول ، كما يشير الى طهارة أهل بيته ،و هذه الانعطافات و الالتفافات عادة ما يكون التدبر فيها مفتاحا لفهم الآيات ، و العلاقة بينها ، و تحول الخطاب من الغائب الى المخاطب ، أو من الخاص الى العام ، أو العكسهو من قبيل هذه الالتفاتات في السياق القرآني ، و المثل الظاهر للالتفات في القرآن هو ما نكرره عند كل صلاة في سورة الحمد ، فبعد ان نقول : " الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين " كل ذلك بضمير الغائب ، نقول : " اياك نعبدو اياك نستعين " بصيغة المخاطب ، و ذلك لاسباب منها :

1 - لان الانسان في اول علاقته مع ربه يكون بعيدا عنه بعد الذكر و ليس المسافة ، لكنه حينما يستمر في ذكره و العبادة له يتقرب اليه ، و لعل السورة تحدثنا عن هاتين المرحلتين ، ففي البداية يخاطب الانسان ربه بضمير الغائب ، اما حينما يتقرب اليه فانه يتحدثمعه بضمير المخاطب القريب .

2 - لو قلنا نعبدك و نستعينك ، لظن اننا نعبد غيره أيضا ، أما وقد تقدمت كاف الخطاف التي تخص بالخطاب فقد حصرت العبادة و الاستعانة في الله وحده ، و هنا في هذه الآيات من سورة الاحزاب نرى تغيرا في لحن القرآن ، فبينما كان الخطاب بصيغة جمع المؤنث ، موجهالنساء النبي " يا نساء النبي ... " فاذا به يتغيـر الى صيغــة المفرد المؤنث " و من يقنت منكن " " للمحسنات منكن " و منه الى الصيغة العامة و جمع المذكر ، و التحول الى الصيغة الأخيرة ( المذكر العام ) يذكرنـا بانعطــاف آخر مرفي الدرس السابق ، حيث تحــول السياق من المخاطب الجمع ، للمؤنث الى المفرد " للمحسنات منكن أجرا عظيما " و لعل الحكمة في ذلك : انالسياق أراد التأكيد على ان القيم العامة و الواضحة كقيمة التقوى قائمة ، و تشمل الجميع حتى نساء النبي (ص) فلا تصبح المرأة من اهل الجنة بمجرد انتمائها للنبي ، بل لابد ان تكون هي نفسها محسنة و صالحة أيضا .

فالله سبحانه يذهب الرجس عن أهل البيت اذا كانوا ممن انتمى الى الرسالة قلبا و قالبا ، اما من انتمى ظاهرا بنسبه أو بسب دون العمل فهو غير طاهر لأن ما يطهر الانسان هو الرسالة و العمل الصالح بما يغيرانه من سجايا الانسان الباطنة و الظاهرة فدخولك في هذاالبيت أو خروجك منه لا يؤثر الا بقدر ما تستوعب من قيم هذا البيت و رسالته و سلوكه أو بالعكس ، من هنا جاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق عليه السلام :

" ولايتي لمحمد أحب الي من ولادتي منه "

[ و أطعن الله و رسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا ]و لهذه الآية علاقتان وثيقتان بما قبلها :

الاولى : علاقتها الخاصــة بقـوله تعالى : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " فالسورة كلها تدور حول قضية القيادة الرسالية ، المتجسدة أيام الرسول (ص) في شخصه ، و من بعده فيمن يمثل امتدادا حقيقيا لقيمه و قيادته ، لاقتدائه به و هم أهل بيته الذين طهرهم الله عن الرجس ، قال الامام علي (ع) :

" انا وضعت في الصغر بكلاكل العرب ، و كسرت نواجم قرون ربيعة و مضر ، و قد علمتم موضعي من رسول الله - صلى الله عليه و آله - بالقرآبة القريبة ، و المنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره و أنا ولد ، يضمني الى صدره ، و يكنفني في فراشه ،و يمسني جسده ، و يشمني عرفه ، و كان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ، و ما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل ، و لقد قرن الله به - صلى الله عليه وآله - من لدن ان كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، و محاسن اخلاق العالم ، ليله و نهاره ، و لقدكنت اتبعه اتباع الفصيل اثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من اخلاقه علما ، و يأمرني بالاقتداء به ، و لقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله - صلى الله عليه وآله - و خديجة وانا ثالثهما ، ارى نورالوحي و الرسالة ، و اشم ريح النبوة " (1)

و لم يكن هذا الحديث كلاما كتبه الامام (ع) في كتاب و ابقاه لتقرأه الاجيال ، انما هي خطبة القاها أمام عامة المسلمين ، و صدقوه جميعا ، ولم يرد في التاريخ ان احدا قد كذبه في ذلك .

و العلاقة بين آية التأسي و هذه الآية : انه كما تجب طاعة الله و الرسول على نساء النبي و المسلمين ، تجب كذلك طاعة اهل بيته الذين تعنيهم الآية و هم الأئمة (ع) الذين اذهب الله عنهم الرجس ، و طهرهم بالعلم و التقوى و العصمة .

الثانية : علاقتها العامة بالآيات السابقة حول نساء النبي - و منهن المرأة المسلمة - فهذا الاهتمام و التركيز الذي يوليه الاسلام للمرأة في صورة تعاليم تربوية و اجتماعية و سياسية نابع من نظرة الدين لموقعها الحساس في المجتمع المسلم و الأسرة المسلمة ، ودورها الخطير في مستقبلها ، فتحقيق هدف الاسلام - و هو بناء المجتمع النموذجي الذي ينطلق من الاسرة النموذجية - يبدأ من خلق المرأة الفاضلة .

و لعله لهذا السبب جاء الحديث عن البيت الفاضل الطاهر بعد مجموعة التعاليم(1) نهج البلاغة / خ 134 - ص 200


في شأن المرأة ، اشارة الى هدف هذه التعاليم القرآنية .

و قبل ان نمضي قدما في التدبر في بقية آيات هذا الدرس ، نورد بعض النصوص التي تفسر بشكل أوضح الآية الكريمة و المروية عن الكتب المعتمدة لدى الفرق الاسلامية جميعا .

يقول صاحب تفسير الميزان ( رض ) و بهذا الذي تقدم اشارة للشرح بتأييد ما ورد في اسباب النزول : ان الآية نزلت في النبي (ص) و علي و فاطمة و الحسنين عليهم السلام خاصة ، لا يشاركهم فيها غيرهم .

و هي روايات جمة تزيد على سبعين حديثا ، يربو ما ورد منها من طرق أهل السنة علــى ما ورد منها من طرق الشيعة . فقد روتها اهل السنة بطرق كثيرة عن أم سلمة ، و عائشة ، و ابي سعيد الخدري ، و سعد ، و وائلة بن الأسقع ، و أبي الحمراء ، و ابن عباس ، و ثوبان مولى النبي ، و عبد الله بن جعفر ، و علي ، و الحسن بن علي - عليهما السلام - في قريب من اربعين طريقا .

و روتها الشيعة عن علي ، و السجاد ، و الباقر ، و الصادق ، و الرضا - عليهم السلام - و ام سلمة ، و ابي ذر ، و ابي ليلى ، و ابي الاسود الدؤلي ، و عمر بن ميمون الأودي ، و سعد بن ابي وقاص في بضع و ثلاثين طريقا .

في الدر المنثور اخرج الطبراني عن ام سلمة : ان رسول الله (ص) قال لفاطمة :

" ائتيني بزوجك و ابنيه فجاءت بهم فألقى رسول الله (ص) عليهم كساء فدكيا ثم وضع يده عليهم ثم قال : اللهم إن هؤلاء أهل محمد - و في لفظ آل محمد - فاجعل صلواتك و بركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم . انك حميد مجيد " .


قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لادخل معهم ، فجذبه من يدي و قال : " إنك على خير " .

و رواه في غاية المرام ، عن عبد الله بن احمد بن حنبل ، عن ابيه باسناده ، عن أم سلمة .

و فيه اخرج ابن مردوية ، عن ام سلمة ، قالت : نزلت هذه الآية في بيتي " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا " و في البيت سبعة : جبرئيل ، و ميكائيل ، و علي ، و فاطمة ، و الحسن ، و الحسين ، و انا على باب البيت ، قلت : يارسول الله ألست من أهل البيت ؟ قال : " إنك على خير انك من ازواج النبي " .

و فــي الكتاب ذاته اخرج ابن جرير ، و ابن المنذر ، و ابن ابي حاتم ، و الطبراني ، و ابن مردوية ، عن أم سلمة زوج النبي : ان رسول الله (ص) كان ببيتها على منامة لـه ، عليـــه كساء خيبري ، فجاءت فاطمة ببرمة فيها خزيرة ، فقال رسول الله (ص) : " ادعيزوجك و ابنيك حسنا و حسينا " فدعتهم ، فبينما هم يأكلون اذ نزلت على رسول الله (ص) : " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا " .

فأخذ النبي بفضلة إزارة فغشاهم إياها ، ثم أخرج يده من الكساء و أومأ بها الى السماء ثم قال : " اللهــم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي فاذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا " قالها ثلاث مرات :

قالت ام سلمة : فادخلـت رأسي في الستر ، فقلت : يا رسول الله و انا معكم ؟ فقال : " انك الى خير " مرتين .


و روي الحديث في غاية المرام ، عن عبد الله بن حنبل بثلاث طرق - عن ام سلمة ، و كذا عن تفسير الثعلبي .

وفيه اخرج ابن مردوية ، و الخطيب ، عن ابي سعد الخدري قال : كان يوم أم سلمة أم المؤمنين ، فنزل جبرئيل الى رسول الله (ص) بهذه الآية : " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا " قال : فدعا رسول الله (ص) بحسن و حسين و فاطمةو علي فضمهم اليه ، و نشر عليهم الثوب ، و الحجاب على أم سلمة مضروب ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم اذهب عنهم الرجس و طهرهـــم تطهيرا " قالت أم سلمة : فانا معهم يا نبي الله ؟ قال : " انت على مكانك و انك على خير " .

و فيــه أيضا عن مسلم في صحيحه باسناده ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن ارقم ، قال : قال رسول الله (ص) :

" اني تارك فيكم الثقلين أحدهما كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى و من تركه كان على ضلالة "فقلنا : من أهل بيته نساؤه ؟ قال :

" لا ايم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر ثم الدهر ، ثم يطلقها فترجع الى اهلها و قومها ، اهل بيته اصله و عصبته الذين حرموا الصدقة بعده " (1)كما ان الآيات منقولة في كتب أخرى من جملتها الصحاح ، بما لا يمكن انكاره لبلوغه حد التواتر ، و هكذا تؤكد الاحاديث ما فسرناه بخصوص هذه الآية الكريمة .


(1) راجع تفسير الميزان / ج 16 - تفسير الآية .


بالاضافة الى هذه الروايات ، فانا من خلال دراستنا للتاريخ نجد ان وضعا خاصا كان يتمتع به أهل البيت (ص) و بالذات فاطمة الزهراء و الأئمة المعصومين - عليهم السلام - و لا يمكن لمؤرخ منصف ان ينكر تميزهم بالرغم مما لقوه من الضغوط و المصاعب ، فقد كانوا يجسدون روح الاسلام و قيمه في سلوكياتهم الشخصية ، و دعوتهم للناس ، و قيادتهم للحركة الرسالية عبر التاريخ ، و مواجهتهم للطغاة و .. و .. الخ .

بلى . كانت في أيام حياتهم بعض الأقلام و الالسنة التي باعت نفسها للطغاة ، تحاول النيل منهم لقاء المال و الجاه ، اما الآن فبامكان الجميع ان ينطروا للتاريخ نظرة واضحة مجردة ليكتشفوا دور أهل البيت في التاريخ الاسلامي ، وإذ أنزل الله هذه الآية فيهم فلعلمه بانهم سوف يجسدون الحق في حياتهم ، من خلال اقتدائهم بالرسول ، و تربيته لهم ، وهو الذي ربى البشرية و دفعها دفوعات حضارية ، لا زالت تتقدم بسببها الى اليوم و غد ، و نتساءل : أوليس الرسول قادرا على ان ينقل تلك الروح الى أولاده ؟

ان علماء النفس و التربية و الاجتماع يجمعون على أن الاب يؤثر في أولاده مرتين : مرة من خلال التربية ، و مرة من خلال الوراثة - هذا بغض النظر عن العامل الغيبي الذي يختص به أهل بيت النبوة - و نحن من مجمل دراستنا للتاريخ ، و معرفتنا بهذه العلوم ، و واقعحياة الرسول و سيرته ، و حياة أهل البيت و سيرتهم نستطيع ان نكتشف بان تلك الرسالة امتدت بعد الرسول في أهل بيته و خاصة الأئمة (ع) .

و هو لم يأل جهدا في بيان هذه الحقيقة ، فلم يدع مناسبة إلا و أكد فيها منزلة أهل البيت عند الله و عنده .


قال رسول الله (ص) :

اني تارك فيكم الثقلين خليفتين : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، و عترتي أهل بيتي ، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (1)وقال (ص) :

" من دان بديني ، و سلك منهاجي ، و اتبع سنتي ، فليدن بتفضيل الأئمة من أهل بيتي على جميع أمتي ، فان مثلهم في هذه الأمة مثل باب حطة في بني اسرائيل " (2)و قال (ص) :

" انما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، و من تخلف عنها غرق ، و مثل باب حطة من دخله نجا و من لم يدخله هلك " (3)و في الأثر انه (ص) كان يطرق باب دار علي و فاطمة (ع) و يقول :

" الصلاة الصلاة أهل البيت "

ثم يقرأ الآية " انما يريد الله ... " الآية ، بصوت عال عند الفجر ، استمر لذلك ستة أشهر ، وكان هدفه ان يسمع جميع الناس بذلك الأمر ، و لم يكن هذا التأكيد من رسول الله (ص) بدافع العاطفة و الشفقة على أولاده ، انما كان أمرا الهيا مباشرا ، كماأن سنة الله في الحياة تقتضي ان يبقى خط رسالي صالح العمل ،(1) بح / ج 23 - ص 107

(2) المصدر / ص 119

(3) المصدر / ص 120


و طاهر النفس ، تمتد الرسالة من خلاله للأجيال ، و لعل حفظ الله للرسالة في قوله : " انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون " يتم بوسائل عديدة من أهمها وجود الخط الأصيل الذي يحفظ الرسالة من التحريف .

كما أنه لابد للناس من قدوة و امام ، و خط أصيل يستوعب افراده روح الرسالة ، و يجسدونها في سلوكهم ، و يتوارثونها عبر الأجيال ليكرسوها في الأمة جيلا بعد جيل ، و مدة بعد مدة ، و في دعاء الندبة اشارة واضحة الى هذه الفكرة ، فقد ورد فيه :

( ايـن ابناء الحسين ، صالح بعد صالح ، و صادق بعد صادق ، اين السبيل بعد السبيــل ، ايــن الخيرة بعد الخيرة ، اين الشموس الطالعة ، اين الاقمار المنيرة ، اين الانجــم الزاهــرة ، ايــن اعلام الدين ، و قواعد العلم ، اين بقية الله التي لا تخلو من العترة الهاديــة ) (1)

وفي اصول الكافي ( ج 1 ) قال الامام الباقر (ع) :

" و الله . ما ترك الله أرضا منذ قبض آدم (ع) الا وفيها امام يهتدى به الى الله ، و هو حجته على عباده ، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده " (2)فليس غريبا اذن ان نجد الحديث عن أهل البيت في سورة الاحزاب التي جاءت لبيان الرسالة و موضوع القائد الرسالي ، و سوف نجد الآيات المناسبة لهذا الموضوع في ضمن السورة - و هو أمر طبيعي - اذ لابد للقائد الرسالي من امتداد في المجتمع .


(1) ضياء الصالحين / ص 602 - الطبعة القديمة .

(2) اصول الكافي / ج 1 - ص 252 - الطبعة الفارسية .


[34] ثم يذكرنا الله بواحدة من الواجبات التي ينبغي على زوجات الرسول مراعاتها وهو ضرورة ان يكن داعيات للرسالة ، ملتزمات بها .

[ و اذكرن ما يتلى في بيوتكن من ءايات الله و الحكمة ]لانها السبيل لتقويم السلوك و الطهارة ، و ليس من شك ان التلاوة التي لا يعقبها العمل لا تنفع صاحبها ، و انما يؤكد الله على نساء النبي بذكر الآيات لكي لا يتصورن الرسالة ما دامت تنطلق من بيوتهن الى الناس فهي لا تخصهن ، بل إن مسؤوليتهن تبليغ الرسالة ،فالقرآن كما جاء ليصنع قدوة للرجال تتثمل في الرسول الاعظم (ص) فكذلك جاء أيضا ليصنع قدوة للنساء و نساؤه أولى بالعمل بها .

[ إن الله كان لطيفا خبيرا ]

فهو يحيط بكن ، و يعلم هل استوعبتن الرسالة ، و عملتن بها أم لا .

[35] ثم نجد اشارة الى حقيقة هامة وهي : ان ما جاء في القرآن من الآيات بصيغة المذكر لا يدل على اختصاصها بالذكور دون الاناث ، انما يشمل الجنسين .

[ إن المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات و القانتين و القانتات و الصادقين و الصادقات و الصابرين و الصابرات و الخاشعين و الخاشعات ]كل ذلك قولا و عملا .

[ و المتصدقين و المتصدقات ]

الذي يكون الاحساس سمة علاقتهم مع الآخرين ، فهم كما يسعون لإصلاحأنفسهم و بنائها يسعون لبناء المجتمع و سد حاجته .

[ و الصائمين و الصائمات ]

تزكية للنفس .

[ و الحافظين فروجهم و الحافظات و الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة ]ان اخطأوا لأن مسيرتهم العامة هي الصلاح .

[ و أجرا عظيما ]

على أعمالهم الصالحة ، و عموما فان ما تقدم من الصفات هو صورة نظرية لسمات المجتمع الاسلامي ، و الاسرة المسلمة ، في ظل الالتزام بالقرآن الكريم ، و مسؤوليتنا السعي و الاجتهاد لايجادها في واقعنا بتجسيدها عمليا .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس