محورية القيادة الرسالية في المجتمع
هدى من الآيات حينما نرجع الى الشريعة الاسلامية - كما سائر الانظمة - نجد فيها ثلاث قوى أساسية هي القضائية ، و التشريعية ، و التنفيذية ، أما الاولى فان وظيفتها تشريع القوانين و الأحكام العامة ، و أما الثانية فشأنها تطبيق القوانين على الوقائع المختلفة ، بينما مهمةالقوة التنفيذية هي تطبيق القانون الذي تقضي به كلا القوتين على الواقع .
و في الشريعة الاسلامية تتركز جميع هذه القوى في القيادة الرسالية العليا و هو النبي (ص) أو من يمثل أمتدادا حقيقيا له ، فهي المرجع التشريعي و القضائي الأعلى ، و اذا قضى النبي أو من يكون خليفة حقيقيا له لا يحق لأحد الاعتراض عليه .
و يضرب لنا القرآن مثلا من واقع الأمة الاسلامية على هذه الحقيقة ، حيثعارض الاسلام العادات الجاهلية الغاصبة حرمة الزواج من مطلقة الابن بالتبني ، و وضحت الآيات بأن ابن الانسان هو الذي ينسل من صلبه ، أما الآخر الذي يلتقطه و يتبناه فلن يصبح أبنا له أبدا ، لان الأبوة كما النبوة و عموم العلاقات الاجتماعية المشابهة قضية طبيعية واقعية و ليست اعتبارية تشريعية .
و كان هذا القضاء الجديد يومذاك يحتاج الى من يملك الجرأة و الإقدام ، و هنا تبرز و بصورة واضحة القدوة في الأمة ، فاذا بالرسول (ص) يتزوج من مطلقة زيد ابن حارثة وهو ابنه بالتبني ، و كان النبي قد خرق عادتين جاهليتين في هذه الحادثة ، الاولى ما تقدمت الاشارة اليها ، و الثانية انه زوج زينب بنت جحش - ذات الحسب و النسب الشريف - من رجل اقل نسبا ، تأكيدا لقيمة التقوى ، و نسفا للقيم الجاهلية المادية .
و رفعا للحرج في مثل هذه الحوادث عن المسلمين ، و لأن خرق العرف الاجتماعي سوف يسبب شيئا من الإحراج للرسول ، و ربما ألوانا من الضغط عليه من قبل الساذجين و المنافقين ، فقد حذره الله من الخضوع للناس على حساب الحق ، مؤكدا بأن أهم صفات المبلغ للرسالة هيالخشية من الله وحده ، و التوكل عليه .
|