اعملوا آل داود شكرا
هدى من الآيات استلهاما من اسمي الحميد العزيز لربنا عز وجل ، و انطلاقا من الحديث عن البعث و النشور ، و بيانا لبعض الشبهات التـي يبثها المشركون انكارا للمعاد يحدثنا هذا الدرس - من بدايته - عن استنكارهم الظاهر لحقيقة النشور بعد الموت و التمزق .
إن الكثير من الذين ينكرون الحقائق إنما ينكرونها لأنها أكبر من افقهم و تفكيرهم الضيقين ، و هذه من مشاكل البشر المعقدة ، إنهم يكفرون بكل مالم يصل اليه علمهم و عقلهم ، و لكن الله يضرب لهؤلاء فكرة البعث فيقول : صحيح ان ذلك من المستحيلات بالقياس الى القدرة البشرية ، و لكنه ممكن عند الله الذي يجمع الزمان و الأعضاء ليعيد الخلق من جديد . و حتى يكون هذا الحديث مقبولا من الناحية المنطقية و الفطرية ، يدعو ربنا هؤلاء الى التفكر في الآيات من حولهم ، لأنها من مظاهر القدرة لربنا الحميد .
و لعل لهذا التأكيد المتكرر في القرآن على ضرورة التفكر في آيات الله فائدة مهمة هي : إرساء قاعدة صلبة للبحث العلمي الرصين عند الانسان الذي اعتاد - و من اول يوم عملت حواسه - على هذه الآيات ، و ألفها حتى أصبحت لا تثير انتباهه ، لكنه لو نظر إليها و كأنها جديدة و بقلب متفتح ، و عقل منير ، لازداد علما ، و توسع أفقه ، مما يجعله أقدر على استيعاب الحقائق و تفهمها .
ثم يضرب القرآن لنا مثلا من حياة داود و ابنه سليمان على نبينا و آله و عليهما السلام حيث ان قصصهما تجليات لاسمي العزيز الحميد .
فقد بلغ داود من الملك و السيطرة مبلغا عظيما ، حتى شملت هيمنته الطبيعة فكانت الجبال و الطيور تسبح معه ، و الحديد طوع يده يصوغه كيف يشاء ، اما سليمان فقد ورث ملك والده ، و زاده الله عليه ملكا ، و هذه القصص و الأمثال تفتح أمام البشر آفاقا ، و تدعوهمالى السير فيها و الوصول الى أبعادها ، فقصة داود توحي بإمكانية تسخير الطير و الحــديـد لخدمة الحضارة الانسانية ، و قصة سليمان تشير الى إمكانية الاستفادة من الريــح .
|