نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثامن

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثامن

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 303

*(8)* رواية جلال الدين السيوطي

 وقال جلال الدين السيوطي في رسالة له وصفها في أولها بقوله: هذا جزء جمعت فيه الأشعار التي عقد فيها شيء من الأحاديث والآثار، سميته بالأزهار، وله فوائد منها الاستدلال به على شهرة الحديث في الصدر الأول وصحته، وقد وقع ذلك لجماعة من المحدثين، ومنها إيراده في مجالس الاملاء، ومنها الاستشهاد به في فن البديع في أنواع العقد والاقتباس والانسجام قال: في تذكرة الشيخ تاج الدين ابن مكتوم: لحسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه: يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم فأسمع بالرسول مناديا وقال فمن مولاكم ووليكم * وقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا إلهك مولانا وأنت ولينا * ولم تلف منا في الولاية عاصيا فقال له قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا وأيضا للسيد الحميري: يا بايع الدين بدنياه * ليس بهذا أمر الله من أين أبغضت إمام الهدى * وأحمد قد كان يهواه من الذي أحمد من بينهم * بيوم خم ثم ناداه أقامه من بين أصحابه * وهم حواليه وسماه هذا علي بن أبي طالب * مولى لمن قد كنت مولاه

ص 304

فوال من والاه يا ذا العلى * وعاد من قد كان عاداه وقال بعضهم: إذا أنا لم أحفظ وصاة محمد * ولا عهده يوم الغدير موكدا فإني كمن يشري الضلالة بالهدى * تنصر من بعد التقى أو تهودا (1)

 ترجمة ابن مكتوم

 والجلال السيوطي من أكابر حفاظ أهل السنة حتى لقبه بعضهم بمجدد القرن التاسع، وتوجد ترجمته مفصلة في مجلد حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها). وأما ابن مكتوم الذي نقل السيوطي شهر حسان عن تذكرته فمن أكابر علماء أهل السنة كذلك، وإليك بعض كلماتهم في الثناء عليه: - 1 - الصفدي: أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم... هو الإمام تاج الدين، إشتغل بالحديث وفنونه، وأخذ الحديث عن أصحاب البخت وابن علاف وهذه الطبقة، وهو مقيم بالديار المصرية، بلغني أنه يعمل تاريخا للنحاة، ووقفت له على الدر اللقيط من المحيط من تفسير القرآن، وهو كتاب ملكته بخطه في مجلدين، التقط فيه إعراب البحر المحيط تصنيف شيخنا العلامة أثير الدين، فجاء في غاية الحسن، وقد اشتهر هذا الكتاب وورد إلى الشام ونقلت به النسخ، رأيته بالقاهرة مرات، ثم إنني اجتمعت به في سنة خمس وأربعين وسبعمائة بالقاهرة وسألته الإجازة بكل ما يرويه، فأجاز لي متلفظا بذلك... (2) 2 - ابن الجزري: ... إمام عالم نحوي أستاذ، ولد في أوائل ذي الحجة سنة 683، قرأ على التقي الصائغ وأبي حيان وببعض الروايات على ابن يوسف

(هامش)

(1) الأزهار فيما عقده الشعراء من الأشعار - للسيوطي. (2) الوافي بالوفيات 7 / 74. (*)

ص 305

الشطنوفي، وسمع الكثير وكتب وجمع، وتصدر للإقراء بالجامع الظاهري بالحسينية بعد موسى بن علي القطني، توفي في السابع والعشرين من رمضان سنة 749 (1). 3 - السيوطي: ... جمع الفقه والنحو واللغة، وصنف تاريخ النحاة، والدر اللقيط من البحر المحيط، ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وستمائة. ومات سنة تسع وأربعين وسبعمائة (2). 4 - السيوطي: ... تقدم في الفقه والنحو واللغة، ودرس وناب في الحكم... (3).

 وجوه صحة الاستدلال بهذا الشعر

 وشعر حسان بن ثابت في يوم الغدير صريح في دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وأنه صلى الله عليه وآله قال لأمير المؤمنين عليه السلام: قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماما وهاديا. فهذا معنى حديث الغدير وما قاله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك اليوم العظيم، وفي ذلك الحشد المنقطع النظير من المسلمين، لا ما ذكره المتأولون المتأخرون عن الصدر الأول، لغرض صرفه عن الدلالة على الإمامة لعلي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل. ثم إنه لا ريب في صحة استدلالنا بهذا الشعر لتوضيح دلالة حديث الغدير على معناه لوجوه منها:

(هامش)

(1) طبقات القراء 1 / 70. (2) حسن المحاضرة 1 / 470. (3) بغية الوعاة 1 / 326. (*)

ص 306

1 - قائله من الصحابة

 إن قائل هذا الشعر - وهو حسان بن ثابت - من الصحابة المعروفين والموصوفين بالمناقب الجليلة، ففي (الاستيعاب) بترجمته: وروينا من وجوه كثيرة عن أبي هريرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان: أهج - يعني المشركين - وروح القدس معك. وإنه صلى الله عليه وسلم قال لحسان: اللهم أيده بروح القدس لمناضلته عن المسلمين. وقال صلى الله عليه وسلم: قوله فيهم أشد من وقع النبل. ومر عمر بن الخطاب بحسان بن ثابت وهو ينشد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: تنشد الشعر؟ أو قال: هذا الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له حسان بن ثابت: قد كنت أنشد فيه من هو خير منك يعني النبي صلى الله عليه وسلم فسكت عمر . وروى ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: فضل حسان الشعراء بثلاث، كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام. قال أبو عبيدة: واجتمعت العرب على أن أشعر المدر أهل يثرب ثم عبد القيس ثم ثقيف، وعلى أن أشعر المدر حسان بن ثابت. وقال أبو عبيدة: حسان بن ثابت شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر أهل اليمن في الإسلام، وهو شاعر أهل القرى . ذكر الزبير بن بكار: قال إبراهيم بن المنذر عن هشام بن سليمان عن ابن جريج عن محمد بن السائب بن بركة عن أمه: أنها كانت مع عائشة في الطوائف - ومعها أم حكيم بنت خالد بن العاص، وأم حكيم بنت عبد الله بن أبي ربيعة - فتذاكرنا حسان بن ثابت فابتدرتاه بالسب، فقالت عائشة: ابن الفريعة تسبان! إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بذبه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه. أليس

ص 307

القائل شعر: هجوت محمدا فأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء فإن أبي ووالدتي وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء فبرأته من أن يكون افترى عليها... (1). وقال ابن الأثير بترجمته: يقال له: شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان والله كما قال فيه حسان... وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب له منبرا في المسجد يقوم عليه قائما يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله يقول: إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2). وقال ابن حجر العسقلاني: وفي الصحيحين عن البراء: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لحسان: أهجم أو هاجم وجبرئيل معك. وقال أبو داود ثنا لوين [لؤى] عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن هشام بن عروة عن عائشة: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يضع لحسان المنبر في المسجد يقوم عليه قائما يهجو الذين كانوا يهجون النبي صلى الله عليه وآله. فقال رسول الله: إن روح القدس مع حسان ما دام ينافح عن رسول الله (3). وأخرج الحاكم بترجمته أحاديث ذكر بعضها، ومن ذلك قوله: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي الحسن مولى بني نوفل: إن عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت طسم الشعراء يبكيان وهو يقرأ عليهم *(والشعراء يتبعهم الغاوون)* حتى بلغ:

(هامش)

(1) الاستيعاب 1 / 345. (2) أسد الغابة 2 / 4. (3) الإصابة 1 / 325. (*)

ص 308

*(وعملوا الصالحات)* قال: أنتم *(وذكروا الله كثيرا)* قال: أنتم *(وانتصروا من بعد ما ظلموا)* قال: أنتم (1).

2 - إنه قيل بإذن النبي

 لقد قال حسان هذا الشعر بعد ما استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله في إنشاده، فأذن له صلى الله عليه وآله قائلا: قل على بركة الله. وذلك أكبر شاهد وأصدق برهان على حجية هذا الشعر.

 3 - تقرير النبي له

 وقد علمت من أحاديث القوم استماع النبي صلى الله عليه وآله لهذا الشعر وتقريره إياه. وقد ثبت باتفاق المسلمين أن تقريره دليل قاطع على الحجية والصواب.

 4 - استحسانه صلى الله عليه وآله

 ولقد استحسن صلى الله عليه وآله هذا الشعر بصراحة، حيث قال لحسان بعد ما فرغ منه: يا حسان لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نافحت عنا بلسانك. كما روى محمد بن يوسف الكنجي وسبط ابن الجوزي.

 5 - إنه قيل في حضور الصحابة

 وإن هذه الأبيات أنشدها حسان بن ثابت في نفس يوم غدير خم، وبعد خطبة النبي صلى الله عليه وآله بلا فصل، أي قبل أن تتفرق تلك الحشود الغفيرة من صحابة النبي العدول وجماهير المسلمين، ولم يسمع من أحد منهم إنكار

(هامش)

(1) المستدرك 3 / 486. (*)

ص 309

أو أي اعتراض على ما قاله واستفاده من حديث الغدير، فثبت بإجماع جميع الصحابة أن المراد من (المولى) في هذا الحديث هو (الإمام) و(الهادي)، وبذلك يسقط اعتراض المعترضين وتأويل المتأولين.

 6 - تقرير المشايخ الثلاثة له

 ولا ريب في جود المشايخ الثلاثة وحضورهم يوم غدير خم وعند إنشاد حسان تلك الأبيات، ولم ينقل إلينا اعتراض من أحدهم، مع أن المعروف عن ثانيهم كثرة الاعتراض، ومن هنا نقول بثبوت هنا المعنى عند الثلاثة أيضا كسائر المسلمين الحاضرين في ذلك اليوم.

ص 311

(4) شعر قيس بن سعد

ص 313

ومن الدلائل الباهرة على أن المراد من (حديث الغدير) هو إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وخلافته بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: شعر قيس بن سعد بن عبادة - وهو من أكابر الصحابة وأعاظمهم - الذي أنشده في معنى حديث غدير خم، وقد صرح فيه بأن عليا إمامنا وإمام لسوانا وأن هذا الحكم أتى به التنزيل وذلك يوم قال النبي من كنت مولاه فهذا مولاه . روى ذلك أبو المظفر سبط ابن الجوزي بقوله: قال قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري - وأنشدها بين يدي علي بصفين: قلت لما بغى العدو علينا * حسبنا ربنا ونعم الوكيل وعلي إمامنا وإمام * لسوانا أتى به التنزيل يوم قال النبي من كنت مولاه * فهذا مولاه خطب جليل إن ما قاله النبي على الأمة * حتم ما فيه قال وقيل (1)

(هامش)

(1) تذكرة خواص الأمة: 33. (*)

ص 314

مدح قيس والثناء عليه

 ومن المناسب أن نذكر هنا طرفا من مدائح القوم لقيس بن سعد بن عبادة وثنائهم عليه، فقد قال ابن عبد البر: قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي... قال الواقدي: كان قيس بن سعد بن عبادة من كرام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسخياهم ودهاتهم. قال أبو عمر: كان أحد الفضلاء الجلة، وأحد دهاة العرب وأهل الرأي والمكيدة في الحروب، مع النجدة والبسالة والكرم، وكان شريف قومه غير مدافع هو وأبوه وجده. صحب قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبوه وأخوه سعيد بن سعد بن عبادة. قال أنس بن مالك: كان قيس بن سعد بن عبادة من النبي بمكان صاحب الشرطة من الأمير، وأعطاه رسول الله الراية يوم فتح مكة، إذ نزعها من أبيه لشكوى قرش لسعد يومئذ. وقد قيل: إنه أعطاه الزبير. ثم صحب قيس بن سعد علي بن أبي طالب، وشهد معه الجمل وصفين والنهروان وقومه ولم يفارقه حتى قتل، وكان ولاه علي على مصر، فضاق به معاوية وأعجزته فيه الحلية، فكايد فيه عليا ففطن علي لمكيدته، فلم يزل به الأشعث وأهل الكوفة حتى عزل قيسا وولى محمد بن أبي بكر، ففسدت عليه مصر (1). وقال عز الدين ابن الأثير ما ملخصه: وكان من فضلاء الصحابة وأحد دهاة العرب وكرمائهم، وكان من ذوي الرأي الصائب والمكيدة في الحرب مع النجدة والشجاعة، وكان شريف قومه غير مدافع ومن بيت سيادتهم. عن أنس قال: كان قيس بن سعد بن عبادة من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير. عن قيس بن سعد بن عبادة: إن أباه دفعه إلى النبي يخدمه. قال: فمر بي

(هامش)

(1) الاستيعاب 3 / 1289. (*)

ص 315

النبي وقد صليت فضربني برجله وقال: ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟ قلت: بلى. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. قيل: إنه كان في سرية فيها أبو بكر وعمر، فكان يستدين ويطعم الناس. فقال أبو بكر وعمر: إن تركنا هذا الفتى أهلك مال أبيه. فمشيا في الناس، فلما سمع سعد قام خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يعذرني من ابن أبي قحافة وابن الخطاب! يبخلان علي ابني. وقال ابن شهاب: كانوا يعدون دهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رهط، يقال لهم ذوو رأي العرب ومكيدتهم: معاوية، وعمرو بن العاص، وقيس بن سعد، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن بديل بن ورقاء. فكان قيس وابن بديل مع علي وكان المغيرة معتزلا في الطائف، وكان عمرو مع معاوية. وقال قيس: لو لا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المكر والخديعة في النار، لكنت من أمكر هذه الأمة. وأما جوده فله فيه أخبار كثيرة لا نطول بذكرها. ثم إنه صحب عليا لما بويع له بالخلافة، وشهد معه حروبه، واستعمله علي على مصر، فكايده معاوية فلم يظفر منه بشيء، فكايد عليا وأظهر أن قيسا قد صار معه يطلب بدم عثمان، فبلغ الخبر عليا، فلم يزل به محمد بن أبي بكر وغيره حتى عزله، واستعمل بعده الأشتر فمات في الطريق، فاستعمل محمد بن أبي بكر فأخذت مصر منه وقتل. ولما عزل قيس أتى المدينة فأخافه مروان بن الحكم، فسار إلى علي بالكوفة، ولم يزل معه حتى قتل، فصار مع الحسن وسار في مقدمته إلى معاوية، فلما بايع الحسن معاوية دخل قيس في بيعة معاوية وعاد إلى المدينة (1). وقال ابن حجر العسقلاني ما حاصله: كان قيس ضخما حسنا طويلا إذا

(هامش)

(1) أسد الغابة 4 / 215. (*)

ص 316

ركب الحمار خطت رجلاه الأرض. وقال الواقدي: كان سخيا كريما داهية، وقال أبو عمر: كان أحد الفضلاء الجلة، من دهات العرب من أهل الرأي والمكيدة في الحرب، مع النجدة والسخاء والشجاعة، وكان شريف قومه غير مدافع، وكان أبوه وجده كذلك. وأخرج ابن المبارك عن ابن عيينة عن موسى بن أبي عيسى أن رجلا استقرض من قيس بن سعد ثلاثين ألفا فلما ردها عليه أبى أن يقبلها. وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها، وصحب عليا وشهد معه مشاهده (1)

(هامش)

(1) الإصابة 3 / 239. (*)

ص 317

(5) شعر أمير المؤمنين عليه السلام

ص 319

ومن الأدلة والبراهين القويمة لواضحة على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام: قول سيدنا أمير المؤمنين في أشعار له: لذاك أقامني لهم إماما * وأخبرهم به بغدير خم فلقد ذكر عليه السلام حديث الغدير ودلالته على إمامته عليه السلام في تلك الأشعار، التي ضمنها طرفا من فضائله، وجملة من مناقبه الخاصة به، متباهيا ومفتخرا بها على سائر الأنام، وهذه هي تلك الأشعار كما في ديوانه: لقد علم الأناس بأن سهمي * من الإسلام يفضل كل سهم وأحمد النبي أخي وصهري * عليه الله صلى وابن عمي وإني قائد للناس طرا * إلى الإسلام من عرب وعجم وقاتل كل صنديد رئيس * وجبار من الكفار ضخم وفي القرآن ألزمهم ولائي * وأوجب طاعتي فرضا بعزم كما هارون من موسى أخوه * كذاك أنا أخوه وذاك إسمي لذاك أقامني لهم إماما * وأخبرهم به بغدير خم فمن منكم يعادلني بسهمي * وإسلامي وسابقتي ورحمي؟

ص 320

وويل ثم ويل ثم ويل * لمن يلقى الإله غدا بظلمي وويل ثم ويل ثم ويل * لجاحد طاعتي ومريد هضمي وويل للذي يشقى سفاها * يريد عداوتي من غير جرم ولقد شرح الحسين بن معين الدين الميبدي هذه الأشعار، في شرحه لديوان أمير المؤمنين عليه السلام المسمى ب‍ (الفواتح) وأوضح معناها، ثم ذكر في شرح البيت الذي أشار فيه الإمام عليه السلام إلى حديث الغدير رواية أحمد بن حنبل لحديث الغدير، وذكر عن الثعلبي رواية نزول آية التبليغ وهي قوله تعالى: *(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته...)* في ذلك اليوم، كما نص على اتفاق المفسرين على نزول الآية: *(إنما وليكم الله ورسوله والدين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)* في شأن أمير المؤمنين عليه السلام. ثم ذكر في نهاية شرحه للأشعار المذكورة عن الإمام علي بن أحمد الواحدي عن أبي هريرة: إن أمير المؤمنين عليه السلام أنشأ هذه الأبيات في حضور: أبي بكر، وعثمان، وطلحة، والزبير، والفضل بن العباس، وعمار، وعبد الرحمن وأبي ذر، والمقداد، وسلمان، وعبد الله بن مسعود (1). دلالة الأبيات من وجوه أخرى ثم إن هذه الأبيات تدل على إمامة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام من وجوه أخرى: (الأول) قوله عليه السلام: لقد علم الأناس بأن سهمي من الإسلام يفضل كل سهم فإن هذا القول نص صريح في أفضليته عليه السلام من غيره

(هامش)

(1) الفواتح في شرح ديوان أمير المؤمنين 405 - 406. (*)

ص 321

مطلقا. (الثاني) قوله: وإني قائد الناس طرا إلى الإسلام من عرب وعجم فيه دلالة واضحة على أنه عليه السلام هو السبب في إسلام جميع الناس من عرب وعجم، فهو إذن أفضلهم مطلقا. (الثالث) قوله: وقاتل كل صنديد رئيس وجبار من الكفار ضخم فيه دلالة على أفضليته، لأن من عمدة أسباب قوة الدين قتل الكفار والمعاندين، وهو عليه السلام قاتلهم باعتراف جميع المخالفين. (الرابع) قوله: وفي القرآن ألزمهم ولائي وأوجب طاعتي فرضا بعزم فيه دلالة صريحة على وجوب اتباعه وإطاعته والانقياد له، فهو عليه السلام إمام الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من الله تعالى من القرآن الكريم، لأن من وجبت طاعته فهو الإمام كما اعترف بذلك (الدهلوي). (الخامس) قوله: فمن منكم يعادلني بسهمي وإسلامي وسابقتي ورحمي؟ فيه دلالة صريحة على أفضليته عليه السلام. ثم إن استماع كبار الصحابة لهذه الأشعار - كما في رواية الواحدي - وتقريرهم لما قاله عليه السلام من أقوى الشواهد على ما نذهب إليه من دلالة حديث الغدير على الإمامة، وبذلك تذهب تأويلات أتباع أولئك الأصحاب أدراج الرياح.

ترجمة الميبدي شارح ديوان الإمام

 والحسين الميبدي من مشاهير علماء أهل السنة، قد أطروه وأثنوا عليه الثناء البالغ في كتبهم، كما لا يخفى على من راجعها. وممن أثنى عليه: غياث الدين المدعو بخواند أمير في تاريخه (حبيب السير). كما نقل عن شرحه للديوان: محمود ابن سليمان الكفوي في طبقاته للحنفية المسمى ب‍ (كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار).

ص 322

وفي (كشف الظنون): ديوان علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقد شرحه حسين بن معين الدين الميبدي اليزدي المتوفى سنة 870 بالفارسية .

ص 323

(6) نزول قوله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع

ص 325

ونزل قوله تعالى: *(سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع)* بحق (الحارث بن نعمان) الذي قال ما قال بعد ما سمع كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غدير خم. وهذا دليل قطعي آخر على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.

 ذكر من روى ذلك

 وقد روى حديث نزول الآية المباركة في هذا الشأن جماعة كبيرة من أكابر أعلام أهل السنة وهم: 1 - أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري. 2 - شمس الدين سبط ابن الجوزي. 3 - إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي. 4 - محمد بن يوسف الزرندي المدني. 5 - شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي. 6 - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي.

ص 326

7 - نور الدين علي بن محمد بن الصباغ. 8 - عطاء الله بن فضل الله المحدث الشيرازي. 9 - شمس الدين عبد الرؤف المناوي. 10 - شيخ بن عبد الله العيدروس. 11 - محمود بن محمد الشيخاني القادري المدني. 12 - نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي. 13 - أحمد بن الفضل باكثير المكي. 14 - محمد محبوب عالم. 15 - محمد صدر عالم. 16 - محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير. 17 - أحمد بن عبد القادر العجيلي. 18 - السيد مؤمن بن حسن الشبلنجي.

*(1)* رواية الثعلبي

 قال أبو إسحاق الثعلبي: سئل سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل: *(سأل سائل)* فيمن نزلت؟ فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك. حدثني أبي عن جعفر بن محمد عن آبائه: لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها

ص 327

وعقلها، ثم أتى النبي وهو في ملأ من أصحابه فقال: يا محمد! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقبلناه منك. وأمرتنا أن نصلي خمسا، فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه، وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلناه. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه!! فهذا شيء منك أم من الله عز وجل؟! فقال صلى الله عليه وسلم: والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله. فولى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل: *(سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع)*(1).

ترجمة أبي إسحق الثعلبي

 1 - ياقوت الحموي: بترجمة الواحدي: وقال أبو الحسن الواحدي في مقدمة البسيط: وأظنني لم آل جهدا في إحكام أصول هذا العلم [على] حسب ما يليق بزماننا [بزمننا] هذا وتسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله [تعالى] وله الحمد حتى اقتبست كلما احتجت إليه فيه هذا الباب في مظانه وأخذته من معادنه. أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي رحمه الله... حتى عاتبني شيخي رحمه الله يوما وقال: إنك لم تبق ديوانا من الشعر إلا قضيت حقه، أما آن لك أن تتفرغ لتفسير كتاب الله

(هامش)

(1) تفسير الثعلبي - مخطوط. (*)

ص 328

العزيز، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقاصي البلاد وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار - يعني الأستاذ الإمام أحمد بن محمد إبراهيم الثعلبي -؟! فقلت: يا أبت إنما أتدرج بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا المرء أحكم الأدب بجد وتعب رمى في غرض التفسير من كثب. ثم لم أغب زيارته يوما من الأيام حتى حال بيننا قدر الحمام... ثم فرغت للأستاذ أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي رحمه الله، وكان خير العلماء بل بحرهم، ونجم الفضلاء بل بدرهم، وزين الأئمة بل فخرهم، وأوحد الأئمة بل صدرهم. وله التفسير الملقب بالكشف والبيان عن تفسير القرآن، الذي رفعت به المطايا في السهل والأوعار، وسارت به الفلك في البحار، وهب هبوب الريح في الأقطار، وسار مسير الشمس في كل بلدة، وهب هبوب الريح في البر والبحر، وأصفقت عليه كافة الأمة على اختلاف نحلهم، وأقروا بالفضيلة في تصنيفه ما لم يسبق إلى مثله، فمن أدركه وصحبه علم أنه كان منقطع القرين، ومن لم يدركه فلينظر في مصنفاته ليستدل لها أنه كان بحرا لا ينزف وغمرا لا يسبر، وقرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء، منها تفسيره الكبير، وكتابه المعنون بالكامل في علم القرآن وغيرهما (1).

 ترجمة العروضي مادح الثعلبي

وأبو الفضل العروضي الذي نقل عنه الواحدي مدحه للثعلبي من كبار مشايخ علماء أهل السنة في اللغة والأدب، وقد ترجموا له في معاجم الرجال: قال جلال الدين السيوطي: أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن محمد النهشلي، الأديب، أبو الفضل العروضي الصفار الشافعي. قال عبد الغافر: هو

(هامش)

(1) معجم الأدباء 12 / 262. (*)

ص 329

شيخ أهل الأدب في عصره، حدث عن الأصم وأبي منصور الأزهري والطبقة. وتخرج به جماعة من الأئمة منهم الواحدي. وقال الثعالبي: إمام في الأدب، خنق التسعين في خدمة الكتب، وأنفق عمره على مطالعة العلوم وتدريس مؤدبي نيسابوري. ولد سنة 334 ومات بعد سنة 416 (1). 2 - ابن خلكان: أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي. النيسابوري، المفسر المشهور، كان أوحد أهل زمانه في علم التفسير. وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وغير ذلك. ذكره السمعاني وقال: يقال له الثعلبي والثعالبي، وهو لقب له وليس بنسب قاله بعض العلماء. وقال أبو القاسم القشيري: رأيت رب العزة عز وجل في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب تعالى اسمه: أقبل الرجل الصالح. فالتفت فإذا أحمد الثعلبي مقبل. وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور وأثنى عليه وقال: هو صحيح النقل موثوق به، حدث عن أبي طاهر بن خزيمة، والإمام أبي بكر بن مهران المقري، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ، توفي سنة 427، وقال غيره: توفي في محرم سنة 427. وقال غيره: توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة 437 رحمه الله تعالى (2). 3 - الذهبي: وفيها توفي أبو إسحاق الثعلبي... وكان حافظا واعظا، رأسا في التفسير والعربية، متين الديانة، توفي في المحرم (3). 4 - ابن الوردي: صحيح النقل، روى عن جماعة (4).

(هامش)

(1) بغية الوعاة 1 / 369. (2) وفيات الأعيان 1 / 61 - 62. (3) العبر - حوادث 427. (4) تتمة المختصر حوادث 427. (*)

ص 330

5 - الصفدي: روى عن جماعة، وكان حافظا عالما بارعا في العربية موثقا ثم ذكر منام القشيري وكلام عبد الغافر المذكورين (1). 6 - اليافعي: المفسر المشهور، وكان حافظا واعظا رأسا في التفسير والعربية والدين والديانة، فاق تفسيره الكبير سائر التفاسير... (2). 7 - ابن الشحنة: كان واحد زمانه في علم التفسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء وهو صحيح النقل (3). 8 - ابن قاضي شهبة: أخذ عنه أبو الحسن الواحدي، روى عن أبي القاسم القشيري... قال الذهبي: وكان حافظا رأسا في التفسير والعربية متين الديانة... (4). 9 - السيوطي: كان كبيرا إماما حافظا للغة بارعا في العربية (5).. 10 - وذكره ولي الله الدهلوي - الذي عده ولده (الدهلوي) آية من آيات الله ومعجزة من المعاجز النبوية، وطالما استند إلى أقواله، ووصفه الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي ب‍ عمدة المحدثين وقدوة العارفين ووصفه المولوي حيدر علي الفيض آبادي ب‍ خاتم العارفين وقاصم المخالفين، سيد المحدثين سند المتكلمين، حجة الله على العالمين في كلام له في (إزالة الخفاء) في بيان كون الخلفاء الراشدين وسائط بين النبي والأمة - ذكر أبا إسحاق الثعلبي من جملة علماء التفسير الذين كانوا وسائط في حفظ الدين المبين، وإيصال الشريعة المطهرة، إلى الأمة، وإن القرون المتأخرة أخذت علم التفسير منهم. وذكر أن الثعلبي إمام المفسرين ومقتداهم، كما أن أبا حنيفة إمام الحنفية،

(هامش)

(1) الوافي بالوفيات 8 / 33 وفيه السهلي. (2) مرآة الجنان حوادث سنة 427. (3) روض المناظر حوادث 427. (4) طبقات الشافعية 1 / 207. (5) بغية الوعاة 1 / 356. (*)

ص 331

والشافعي إمام الشافعية... وأن ما ذكره الثعلبي في تفسيره مأخوذ من السلف الصالح لأهل السنة، وأنه بمنزلة اللوح، وكأنه اللوح المحفوظ من المحو والإثبات والمصون من تطرق الأغلاط والشبهات إليه، إلى غير ذلك من الأوصاف الحميدة التي ذكرها للثعلبي وتفسيره. رواية القوم لتفسير الثعلبي وتفسير الثعلبي من الكتب المعروفة المعتمدة لدى القوم، وهم يروونه بأسانيدهم عن مؤلفه، وينقلون عنه رواياته ويعتمدون إليها، فقد ذكره عز الدين ابن الأثير في الفصل الذي ذكر فيه أسانيد الكتب التي خرج منها الأحاديث في صدر تلك الكتب حيث قال: فصل نذكر فيه أسانيد الكتب التي خرجت منها الأحاديث وغيرها، وتركت ذكرها في الكتاب لئلا يطول الاسناد، ولا أذكر في أثناء الكتاب إلا اسم المصنف وما بعده فليعلم ذلك: تفسير القرآن المجيد لأبي إسحاق الثعلبي. أخبرنا به أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي علي بن مهدي الزرزاري الشيخ الصالح رحمه الله تعالى قال: أخبرنا الرئيس مسعود بن الحسن بن القاسم الاصبهاني وأبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي قالا: أخبرنا أحمد بن خلف الشيرازي قال: أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي بجميع كتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن، سمعت عليه من أول الكتاب إلى آخر سورة النساء. وأما من أول سورة المائدة إلى آخر الكتاب فإنه حصل لي بعضه سماعا وبعضه إجازة واختلط السماع بالاجازة، فأنا أقول فيه أخبرنا به إجازة إن لم يكن سماعا، فإذا قلت أخبرنا أحمد بإسناده إلى الثعلبي فهو بهذا الاسناد (1). ثم إنه ذكر أسانيد الكتب الأخرى ومنها الصحاح والمسانيد.

(هامش)

(1) أسد الغابة 1 / 8. (*)

ص 332

وقال أبو محمد بن محمد الأمير في (رسالة أسانيده): تفسير الثعلبي وسائر مؤلفاته بسند صاحب المنح من طريق ابن البخاري عن منصور بن عبد المنعم وعبد الله بن عمر الصفار والمؤيد بن محمد الطريثي كلهم عن أبي محمد العباس بن محمد بن أبي منصور الطوسي عن أبي سعيد بن محمد عن أبي إسحاق أحمد بن محمد النيسابوري الثعلبي وهو لقب وليس بنسب توفي سنة 427 .

 اعتماد القوم على تفسير الثعلبي

 ولقد كثر نقل علماء القوم عن تفسير الثعلبي وغيره من مؤلفاته واستشهادهم برواياته واعتمادهم عليها، ونحن نذكر موارد من ذلك من باب التمثيل: قال القرطبي بتفسير قوله تعالى: *(وقرن في بيوتكن)*: ذكر الثعلبي وغيره: أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبل خمارها. وذكر أن سودة قيل لها: لم لا تحجين ولا تعتمرين كما تفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججت واعتمرت، وأمرني الله أن أقر في بيتي. قال الراوي: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها، رضوان الله عليها (1). وفيه بتفسير *(وأوحينا إلى أم موسى)*: وقال الثعلبي: واسم أم موسى: لوخا بنت هاند بن لاوي بن يعقوب (2). وقال النووي بترجمة آدم عليه السلام: قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي في قول الله عز وجل إخبارا عن إبليس *(خلقتني من نار وخلقته من طين)* قال الحكماء: أخطأ عدو الله في تفضيله النار على الطين، لأن الطين أفضل منه من أوجه... (3).

(هامش)

(1) تفسير القرطبي 14 / 180 - 181. (2) المصدر نفسه 13 / 250. (3) تهذيب الأسماء واللغات 1 / 96. (*)

ص 333

وقد نقل عنه النووي في مواضع أخر مع وصفه ب‍ الإمام . وقال كمال الدين الدميري: وقال محمد الباقر رضي الله عنه: كان أصحاب الكهف صياقلة، واسم الكهف حيوم، والقصة طويلة في كتب التفاسير والقصص، وقد وقفت على جمل من ذلك في كتب التفاسير والقصص مطولا ومختصرا، فمن ذلك ما ساقه الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي، في كتابه الكشف والبيان في تفسير القرآن (1). وقال نور الدين الحلبي في (السيرة): وفي العرائس: إن فرعون لما أمر بذبح أبناء بني إسرائيل جعلت المرأة، أي بعض النساء كما لا يخفى، إذا ولدت الغلام انطلقت به سرا إلى واد أو غار فأخفته... . وقال الحسين الديار بكري في مقدمة تاريخه: هذه مجموعة من سير سيد المرسلين... إنتخبتها من الكتب المعتمدة تحفة للأخوان البررة وهي: التفسير الكبير، والكشاف، وحاشيته للجرجاني الشريف، والكشف، والوسيط، ومعالم التنزيل.. والعرائس للثعلبي، وسح السحابة، وأصول الصفار، والبحر العميق وسر الأدب، والانسان الكامل، وسميتها بالخميس في أحوال النفس النفيس . وقال محمد بن معتمد خان البدخشي: وأخرج العلامة أبو إسحاق أحمد ابن محمد بن إبراهيم الثعلبي المفسر النيسابوري في تفسيره، عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما أنه قال: نحن حبل الله الذي قال الله تعالى: *(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)*(2). وقال أحمد بن باكثير المكي: وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى: *(وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)* عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط، عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر

(هامش)

(1) حياة الحيوان الكلب . (2) مفتاح النجا - مخطوط. (*)

ص 334

ذو الجناحين، يعرفون محبهم ببياض الوجه ومبغضهم بسواد الوجه (1).

*(2)* رواية سبط ابن الجوزي

 وقال سبط ابن الجوزي: اتفق علماء السير أن قصة الغدير بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع، في الثامن عشر من ذي الحجة، جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفا وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. نص صلى الله عليه وسلم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة. وذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بإسناده: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، وبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري... (2).

 ترجمة السبط والثناء عليه

 1 - الذهبي: وابن الجوزي العلامة الواعظ المؤرخ، شمس الدين أبو المظفر، يوسف بن قزعلي التركي ثم البغدادي العوني الهبيري، الحنفي، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، أسمعه جده منه ومن ابن كلبي وجماعة، وقدم دمشق سنة بضع وستمائة فوعظ بها، وحصل له القبول العظيم، للطف شمائله وعذوبة وعظه، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلدا، وشرح الجامع الكبير، وجمع مجلدا في مناقب أبي حنيفة، ودرس وأفتى، وكان في شبيبته حنبليا.

(هامش)

(1) وسيلة المآل - مخطوط. (2) تذكرة خواص الأمة: 30. (*)

ص 335

توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجة، وكان وافر الحرمة عند الملوك (1). 2 - ابن الوردي: وفيها توفي الشيخ شمس الدين يوسف، سبط جمال الدين ابن الجوزي: واعظ فاضل، له مرآة الزمان تاريخ جامع. قلت: وله تذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة. والله أعلم (2).

*(3)* رواية الوصابي

 ورواه إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي عن الإمام الثعلبي في تفسيره كذلك.

 إعتماد العلماء على كتاب الاكتفاء

 وكتاب (الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء) لليمني الوصابي من الكتب المشهورة لدى القوم، فقد نقل عنه محمد محبوب في مواضع من تفسيره (تفسير شاهي) منها قوله: وفي الاكتفاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: وقع بيني وبين العباس مفاخرة، ففخر علي العباس بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام أنهما له، قال علي فقلت: الآن أخبرك بمن هو خير من هذا كله!، الذي قرع خراطيمكم بالسيف وقادكم إلى الإسلام. فعز ذلك على العباس رضي الله عنه، فأنزل عز وجل: *(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله)* يعني عليا رضي الله عنه (3).

(هامش)

(1) العبر في خبر من غبر حوادث 656. (2) تتمة المختصر حوادث 656 (3) تفسير شاهي. بتفسير الآية. (*)

ص 336

ومنها: في الاكتفاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغزو تبوك، دعا جعفر بن أبي طالب، فأمره أن يتخلف على المدينة فقال: لا أتخلف بعدك يا رسول الله، فعزم علي لما تخلفت قبل أن أتكلم فبكيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما يبكيك يا علي؟ قال: يا رسول الله يبكيني خصال غير واحد، تقول قريش غدا ما أسرع ما تخلف عن ابن عمه وخذله، وتبكيني خصلة أخرى، كنت أريد أن أتعرض للجهاد في سبيل الله... (1). ونقل شهاب الدين أحمد بن عبد القادر العجيلي عن (أسنى المطالب في فضائل علي بن أبي طالب) وهو الكتاب الرابع من (الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء) (2).

*(4)* رواية الزرندي

 وروى محمد بن يوسف الزرندي حديث نزول الآية المباركة المذكورة في شأن الحارث بن النعمان الفهري، عن الثعلبي واصفا إياه ب‍ الإمام عن سفيان ابن عيينة كما تقدم (3).

 ترجمة الزرندي والاعتماد على كتبه

 وقال ابن حجر العسقلاني بترجمة الزرندي: محمد بن يوسف بن الحسن

(هامش)

(1) المصدر. (2) ذخيرة المآل - مخطوط. (3) معارج الوصول - مخطوط - نظم درر السمطين 93. (*)

ص 337

ابن محمد بن محمود بن الحسن، الزرندي المدني الحنفي، شمس الدين، أخو نور الدين علي. قرأت في مشيخة الجنيد البلياني تخريج الحافظ شمس الدين الجزري الدمشقي نزيل شيراز أنه كان عالما، وأرخ مولده سنة 693 ووفاته بشيراز سنة بضع وخمسين وسبعمائة. وذكر أنه صنف در السمطين في مناقب السبطين. وبغية المرتاح جمع فيها أربعين حديثا بأسانيدها وشرحها... (1). وفي (الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي): حكى شيخ الإسلام العلامة المحدث بالحرم الشريف النبوي، جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي، في كتابه المسمى بدرر السمطين في فضل المصطفى والمرتضى والسبطين: أن الإمام المعظم والحبر المكرم، أحد الأئمة المتبعين المقتدى بهم في أمور الدين، محمد بن إدريس الشافعي المطلبي - رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه - لما صرح بمحبة أهل البيت وأنه من شيعتهم، قيل فيه هذا وهو السيد الجليل، فقال مجيبا عن ذلك بأبيات: إذا نحن فضلنا عليا فإننا * روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل إلى آخر الأشعار (2). ووصفه شهاب الدين أحمد عند النقل عنه ب‍: الإمام المحدث بالحرم الشريف النبوي المحمدي (3). وقد ذكر الكاتب الجلبي كتابيه (نظم درر السمطين) و(بغية المرتاح) في (كشف الظنون) (4).

(هامش)

(1) الدرر الكامنة 4 / 295. (2) الفصول المهمة: 21. (3) توضيح الدلائل - مخطوط. (4) كشف الظنون 1 / 747 باسم: درر السمطين و2501. (*)

ص 338

كما عد الديار بكري كتابه (الأعلام) ضمن مصادر كتابه (الخميس). وقال السمهودي: وقال الحافظ جمال الدين المذكور: وقال أبو الليث عبد السلام بن صالح الهروي: كنت مع علي بن موسى الرضا - وقد دخل نيسابور وهو على بغله شهباء - فغدا في طلبه العلماء من أهل البلد... وقالوا: بحق آبائك الطاهرين حدثنا بحديث سمعته من أبيك. فقال: حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر وقال: حدثني أبي جعفر الصادق ابن محمد قال: حدثني أبي باقر علم الأنبياء محمد بن علي قال: حدثني أبي سيد العابدين علي بن الحسين قال: حدثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي قال: سمعت أبي سيد العرب علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: لو قرأت هذا الاسناد على مجنون لبرئ من حينه. وروى بعضهم أن المستملي لهذا الحديث أبو زرعة الرازي ومحمد بن أسلم الطوسي (1). وهكذا نقل عنه في مواضع عديدة واصفا إياه ب‍ الحافظ .

*(5)* رواية الدولت آبادي

 وروى ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي حديث نزول قوله تعالى: *(سأل سائل بعذاب واقع)* في واقعة حديث الغدير قوله: وفي

(هامش)

(1) جواهر العقدين - مخطوط. (*)

ص 339

الزاهدية عند قوله تعالى: *(سأل سائل بعذاب واقع)*: في تفسير الثعلبي نزولا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما. من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال: هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال: إن كان ما يقوله حقا فأنزل علي حجرا من السماء قال: فنزل حجر ورضخ رأسه. فنزلت السورة (1).

ترجمة الدولت آبادي

 وشهاب الدين الدولت آبادي من أعلام علماء أهل السنة، فقد ذكره غلام علي آزاد قائلا: مولانا القاضي شهاب الدين بن شمس الدين ابن عمر الزاولي الدولت آبادي نور الله ضريحه. ولد بدولت آباد دهلي، وتلمذ على القاضي عبد المقتدر الدهلوي، ومولانا خواجكي الدهلوي وهو من تلامذة مولانا معين الدين العمراني رحمهم الله تعالى. وفاق أقرانه وسبق إخوانه. وكان القاضي عبد المقتدر يقول في حقه: يأتيني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم.... وألف كتبا سارت بها ركبان العرب والعجم، وأذكى سرجا أهدى من النار الموقدة على العلم. توفي لخمس بقين من رجب المرجب، سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ودفن بجو نفور في الجانب الجنوبي من مسجد السلطان إبراهيم الشرقي (2). كما ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي وأثنى عليه الثناء البالغ (3).

(هامش)

(1) هداية السعداء. الجلوة الثانية من الهداية الثامنة. (2) سبحة المرجان في آثار هندوستان: 39. (3) أخبار الأخيار: 173. (*)

ص 340

وذكر كاشف الظنون أحد كتب شهاب الدين الدولت آبادي وهو (الارشاد في النحو) ووصف مؤلفه ب‍ الشيخ الفاضل والكتاب بقوله: وهو متن لطيف، تعمق في تهذيبه كل التعمق، وتأنق في ترتيبه حق التأنق . وكذا مدح ولي الله الدهلوي مؤلفات الدولت آبادي في كتابه (المقدمة السنية في الانتصار للفرقة السنية). وقد عد رشيد الدين الدهلوي ملك العلماء في عداد عظماء العلماء من أهل السنة، الذين ألفوا كتبا ورسائل في مناقب الأئمة الطاهرين من أهل البيت عليهم السلام. وهذا المقدار يكفي لبيان كون الدولت آبادي من علماء أهل السنة، المعتمدين الموثوقين لديهم.

 *(6)* رواية السمهودي

 وروى نور الدين لي بن عبد الله السمهودي الشافعي، حديث نزول الآية الشريفة في حق الحارث في الواقعة المذكورة، عن الثعلبي أيضا، حيث قال: وروى الإمام الثعلبي في تفسيره: إن سفيان بن عيينة رحمه الله سئل عن قول الله عز وجل: *(سأل سائل بعذاب واقع)* فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدثني أبي عن جعفر بن محمد عن آبائه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي رضي الله عنه وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة، فنزل بالابطح عن ناقته وأناخها وقال:

ص 341

يا محمد أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه، وأردتنا أن نصوم شهرا فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقلبنا. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عز وجل؟ فقال النبي: والله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله عز وجل. فولى الحارث وهو يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته، وخرج من دبره، فقتله فأنزل الله تعالى: *(سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع)*(1).

 ترجمة السمهودي

 1 - السخاوي ملخصا بلفظه: علي بن عبد الله السمهودي: ولد في صفر سنة 844 بسمهود، ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج ولازم والده، وقدم القاهرة معه وبمفرده غير مرة، وقرأ عمدة الأحكام بحثا على السعد بن الديري، وأذن له في التدريس هو والبامي والجوهري، وفيه وفي الافتاء الشهاب السارمساجي بعد امتحانه له في مسائل ومذاكرته معه، وفيها أيضا زكريا وكذا المحلي والمناوي، وعظم اختصاصه بهما وتزايد مع ثانيهما بحيث خطبه لتزويج سبطته، وقرره معيدا في الحديث بجامع طولون، وفي الفقه بالصالحية، وأسكنه قاعة القضاء بها، وعرض عليه النيابة فأبى، ثم فوض إليه عند رجوعه مرة إلى بلده مع القضاء، حيث حل النظر في أمر ثواب الصعيد وصرف غير المتأهل منهم، فما عمل بجميعه. ثم إنه استوطن القاهرة وكنت هناك، فكثر اجتماعنا وكان على خير كبير،

(هامش)

(1) جواهر العقدين - مخطوط. (*)

ص 342

وفارقته بمكة بعد أن حججنا، ثم توجه منها إلى طيبة فقطنها من سنة ثلاث وسبعين، ولقيته في كلا الحرمين غير مرة، وغبطته على استيطانه المدينة، وصار شيخها، قل أن يكون أحد من أهلها لم يقرأ عليه. وبالجملة، فهو إنسان فاضل مفنن متميز في الفقه والأصلين، فهو فريد هناك في مجموعه، ولأهل المدينة به جمال، والكمال لله (1). 2 - عبد القادر العيدروس: وفيها في يوم الخميس ثامن عشر ذي القعدة، توفي عالم المدينة الإمام القدوة والمفتي الحجة الشريف، ذو التصانيف الشهيرة، نزيل المدينة الشريفة وعالمها وفقيهها ومدرسها ومؤرخها، ترجمه الحافظان العز ابن فهد والشمس السخاوي... وألف عدة تآليف منها: جواهر العقدين في فضل الشرفين... وجمع فتاواه في مجلد وهي مفيدة جدا... (2). 3 - عبد الغفار بن إبراهيم العكي العد ثاني: الإمام العلامة نور الدين علي بن عبد الله... وله مصنفات مفيدة... وكلها في غاية الاتقان والتحقيق والتحرير والتدقيق. توفي بطيبة المشرفة (3). 4 - محمد بن يوسف الشامي في ذكر رموز سيرته: أو (السيد) فالإمام العلامة شيخ الشافعية بطيبة نور الدين السمهودي (4). 5 - ووصفه الشيخ عبد الحق الدهلوي: ب‍ السيد العالم الكامل، أوحد العلماء الأعلام، عالم مدينة خير الأنام، نور الدين... مات ضحى يوم ليلة بقيت من ذي القعدة عام إحدى عشر وتسعمائة، ودفن في البقيع عند قبر الإمام مالك... (5).

(هامش)

(1) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع 5 / 245. (2) النور السافر عن أحوال القرن العاشر. حوادث سنة: 911. (3) عجالة الراكب وبلغة الطالب - مخطوط. (4) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - مقدمة الكتاب. (5) جذب القلوب - مقدمة الكتاب. (*)

ص 343

6 - واحتج محمد بن عبد الرسول البرزنجي بكتب السمهودي في كتابه (الإشاعة لأشراط الساعة) وذكر في ديباجته في ضمن مصادره كتب الإمام الشريف نور الدين علي السمهودي، كتاريخ المدينة وجواهر العقدين (1). 7 - ووصفه محمود بن علي الشيخاني القادري ب‍ السيد الجليل مع الاعتماد على رواياته (2). 8 - وذكر الشيخ إبراهيم الكردي أحاديث في الرد على الفلاسفة ثم قال: أورد هذه الأحاديث عالم المدينة ومفتيها العلامة السيد نور الدين... في كتاب جواهر العقدين، وقد أخبرنا بالكتاب كله شيخنا أيده الله تعالى، قراءة للبعض وإجازة للكل... (3). 9 - وقال أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي في (وسيلة المآل في عد مناقب الآل): وقد أكثرت العلماء في هذا الشأن، وجمعت في جواهر مناقبهم الشريفة ما يجمل به جيد الزمان، ومن أحسن ما جمعت في تلك التآليف وأنفع ما نقلت منه في هذا التصانيف: كتاب جواهر العقدين في فضل الشرفين لعلامة الحرمين السيد السمهودي تغمده الله برحمته (4). 10 - ووصفه محمد بن محمد خان البدخشي ب‍ السيد السند نور الملة والدين... (5). 11 - وقال تاج الدين الدهان المكي: تواريخ المدينة الشريفة لعالمها الإمام الحجة السيد الشريف نور الدين... (6).

(هامش)

(1) الإشاعة لأشراط الساعة. مقدمة الكتاب. (2) الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط. (3) بلغة المسير إلى توحيد الله العلي الكبير. (4) وسيلة المآل في عد مناقب الآل - مخطوط. (5) مفتاح النجا - مخطوط. (6) كفاية المتطلع في مرويات الشيخ حسن العجيمي - مخطوط. (*)

ص 344

12 - ووصفه أحمد بن عبد القادر العجيلي ب‍ إمام السادة والعلماء (1). 13 - وذكره رشيد الدين خان الدهلوي فين ألف وصنف في فضائل الأئمة من العترة الطاهرة، من عظماء علماء أهل السنة، حيث ذكر كتابه (جواهر العقدين) ووصف مؤلفه ب‍ الإمام (2).

*(7)* رواية ابن الصباغ

ورواه أيضا الشيخ نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصباغ المالكي، عن تفسير الثعلبي، كما مر مرارا، وعبر عن الثعلبي ب‍ الإمام (3).

ترجمة ابن الصباغ والتعريف بكتابه

 وابن الصباغ من مشاهير علماء المالكية، ومن أكابر مشايخهم المعتمدين، وقد وصفه العجيلي لدى النقل عنه ب‍ الشيخ الإمام علي بن محمد الشهير بابن الصباغ من علماء المالكية . وذكر محمد بن عبد الله المطيري المدني الشافعي - لدى النقل عنه - أن ابن الصباغ من العلماء العاملين الأعيان. كما أكثر من النقل عن كتابه (الفصول المهمة) جماعة من أعيان علماء أهل السنة كالحلبي في (سيرته) والصفوري في (نزهة المجالس) والشيخاني القادري في

(هامش)

(1) ذخيرة المآل - مخطوط. (2) إيضاح لطافة المقال لمحمد رشيد الدهلوي. (3) الفصول المهمة: 42. (*)

ص 345

(الصراط السوي) والعجيلي في (ذخيرة المآل) والسمهودي في (جواهر العقدين).

*(8)* رواية المحدث الشيرازي

 ورواه السيد جمال الدين عطاء الله بن فضل الله المحدث الشيرازي في (الأربعين في مناقب أمير المؤمنين) حيث قال: الحديث الثالث عشر: عن جعفر ابن محمد عن آبائه الكرام عليهم السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان بغدير خم نادى الناس، فاجتمعوا، فأخذ بيد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث كان وفي رواية: اللهم أعنه وأعن به، وارحمه وارحم به، وانصره وانصر به، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له، ونزل بالابطح عن ناقته وأناخها، فقال: يا محمد: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصوم فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عز وجل؟ فقال النبي: والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله عز وجل، فولى الحارث ابن النعمان وهو يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله

ص 346

عز وجل بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل: *(سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع)*(1). الثناء على المحدث الشيرازي والسيد جمال الدين المحدث الشيرازي من كبار علماء أهل السنة الاثبات، ومن مشايخ (الدهلوي) في الإجازة كما لا يخفى على ناظر رسالته في (أصول الحديث). وجعله الملا علي القاري من المشايخ الكبار. كما وصفه بالأوصاف العظيمة في مقدمة كتابه (المرقاة في شرح المشكاة). واعتمد على رواياته جماعة من أساطين علمائهم، كالشيخ عبد الحق الدهلوي في (مدارج النبوة) والديار بكري في (الخميس) وولي الله الدهلوي في (إزالة الخفاء) كما لا يخفى على من راجع الكتب المذكورة.

*(9)* رواية المناوي

 وروى الشيخ شمس الدين عبد الرؤف بن تاج العارفين المناوي الحديث المذكور حيث قال بشرح حديث الغدير: وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال ذلك، طار في الآفاق، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول الله فقال: يا محمد... (2).

(هامش)

(1) الأربعين - مخطوط. (2) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 6 / 281. (*)

ص 347

ترجمة المناوي

 وترجم محمد أمين بن فضل الله المحبي الدمشقي للمناوي ترجمة حافلة نلخصها فيما يلي بلفظه: عبد الرؤف بن تاج العارفين، الإمام الكبير الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجل أهل عصره من غير ارتياب، وكان إماما فاضلا زاهدا عابدا، قانتا لله خاشعا له، كثير النفع، وكان متقربا بحسن العمل، مثابرا على التسبيح والأذكار، صابرا صادقا، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلة واحدة من الطعام، قد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحد ممن عاصره. انقطع عن مخالطة الناس وانعزل في منزله، وأقبل على التاليف، فصنف في غالب العلوم، ثم ولى تدريس المدرسة الصالحية، فحسده أهل عصره وكانوا لا يعرفون مزية علمه لانزوائه عنهم، ولما حضر الدرس فيها ورد عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه، فأذعنوا لفضله وصار أجلاء العلماء يبادرون لحضوره، وأخذ عنه منهم خلق كثير منهم: الشيخ سليمان البابلي، والسيد إبراهيم الطاشكندي، والشيخ علي الأجهوري الولي المعتقد، وأحمد الكلبي وولده الشيخ محمد وغيرهم. وكان مع ذلك لم يخل من طاعن وحاسد حتى دس عليه السم، فتوالى عليه بسبب ذاك نقص في أطرافه وبدنه من كثرة التداوي. بالجملة، فهو أعلم علماء هذا التاريخ آثارا، ومؤلفاته غالبا متداولة كثيرة النفع، وللناس عليها تهافت زائد ويتغالون في أثمانها، وأشهرها شرحاه على الجامع الصغير وشرح السيرة المنظومة للعراقي. وكانت ولاته في سنة 952 وتوفي سنة 1031 (1).

(هامش)

(1) خلاص الأثر 2 / 412. (*)

ص 348

ترجمة المحبي مادح المناوي

 وترجم محمد أفندي بن علي أفندي المرادي البخاري الدمشقي مفتي الحنفية لمحمد أمين المحبي بقوله: محمد الأمين بن فضل الله... فريد العصر ويتيمة الدهر، المؤرخ الذي بهر العقول بإنشائه البديع، الشاعر الماهر الذي هو ببيانه لها روت ساحر. ولد بدمشق سنة 1061... وكان يكتب الخط الحسن العجيب، وألف مؤلفات حسنة بعد أن جاوز العشرين... وكانت وفاته في ثاني عشر جمادى الأولى سنة 1111... (1).

 *(10)* رواية العيدروس

 وكذلك رواه شيخ بن عبد الله بن شيخ عبد الله العيدروس باعلوي، عن الثعلبي في تفسيره (2).

ترجمة العيدروس والثناء عليه

 وترجم المحبي للعيدروس المذكور بما هذا ملخصه: شيخ بن عبد الله ابن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني، الأستاذ الكبير المحدث الصوفي الفقيه، إشتغل على والده، أخذ عنه علوما كثيرة ولبس منه الخرقة وتفقه، ورحل إلى الشحر واليمن والحرمين في سنة 1016، ثم رحل إلى الهند فدخلها في

(هامش)

(1) سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 4 / 86. (2) العقد النبوي والسر المصطفوي - مخطوط. (*)

ص 349

سنة 1025، وأخذ عن عمه الشيخ عبد القادر بن شيخ، وكان يحبه ويثني عليه وبشره ببشارات، وألبسه الخرقة وحكمه، وكتب له إجازة مطلقة في أحكام التحكيم. ثم قصد إقليم الدكن واجتمع بالوزير الأعظم عنبر وبسلطانه برهان نظام شاه، وحصل له عندهما جاه عظيم، وأخذ عنه جماعة، ثم سعى بعض المردة بالنميمة، فأفسدوا أمر تلك الدائرة ففارقهم صاحب الترجمة، وقصد السلطان إبراهيم عادلشاه فأجله وعظمه، وتبجح السلطان بمجيئه إليه وعظم أمره في بلاده، وكان لا يصدر إلا عن رأيه، وسبب إقباله الزائد عليه أنه وقع له حال اجتماعه به كرامة وهي: إن السلطان كانت أصابته في مقعدته جراحة منعته الراحة والجلوس، وعجزت عن علاجه حذاق الأطباء، وكان سببها أن السيد الجليل علي ابن علوي دعا عليه بجرح لا يبرأ، فلما أقبل صاحب الترجمة ورآه على حالته أمره أن يجلس مستويا، فجلس من حينئذ وبرأ منها. وكان السلطان إبراهيم رافضيا، فلم يزل به حتى أدخله في عداد أهل السنة. فلما رأى أهل تلك المملكة انقياد السلطان إليه، أقبلوا عليه وهابوه، وحصل كتبا نفيسة، واجتمع له من الأموال ما لا يحصى كثرة... ولم يزل مقيما عند السلطان إبراهيم عادلشاه حتى مات السلطان، فرحل صاحب الترجمة إلى دولت آباد... إلى أن مات سنة 1041. وكانت ولادته في سنة 993 (1). ووصفه الشيخاني القادري لدى النقل عنه بأوصاف حميدة جليلة قال: وفي العقد النبوي والسر المصطفوي للشيخ الإمام والغوث الهمام، بحر الحقائق والمعارف، السيد السند والفرد الأمجد، الشريف الحسيني، المسمى بالشيخ بن عبد الله... (2).

(هامش)

(1) خلاصة الأثر 2 / 235. (2) الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط. (*)

ص 350

وإن محمد محبوب عالم ينقل في مواضع من تفسيره (تفسير شاهي) عن كتاب (العقد النبوي) المذكور للعيدروس اليمني.

*(11)* رواية الشيخاني

 وروى محمود بن محمد الشيخاني القادري حديث نزول الآية الكريمة حيث قال: وقد مر مرارا قوله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. قالوا: وكان الحارث بن النعمان مسلما، فلما سمع حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، شك في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم ذهب ليركب راحلته فما مشى نحو ثلاث خطوات، حتى رماه الله عز وجل بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. فأنزل الله تعالى: *(سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع)*(1). وهذا الرجل من علماء أهل السنة المعتمدين، وقد نقل عنه واعتمد عليه رشيد الدين خان الدهلوي في كتابه (غرة الراشدين).

(هامش)

(1) المصدر نفسه - مخطوط. (*)

ص 351

*(12)* رواية الحلبي

 وروى نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي بقوله: قال بعضهم: ولما شاع قوله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه في سائر الأمصار، وطار في جميع الأقطار، فبلغ الحارث بن النعمان الفهري، فقدم المدينة وأناخ راحلته عند باب المسجد، فدخل والنبي جالس وحوله أصحابه، فجاء حتى جثى بين يديه ثم قال: يا محمد! إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا ذلك منك، وأمرتنا أن نصلي في اليوم والليلة خمس صلوات، ونصوم شهر رمضان، ونزكي أموالنا، ونحج البيت فقبلنا ذلك منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء من الله أو منك؟ فاحمرت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني. قالها ثلاثا. فقام الحارث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك - وفي رواية: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا - فأرسل علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فوالله ما بلغ باب المسجد حتى رماه الله بحجر من السماء، فوقع على رأسه وخرج من دبره، فمات. وأنزل الله تعالى: *(سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع)* الآية (1).

(هامش)

(1) السيرة الحلبية 3 / 337. (*)

ص 352

ترجمة نور الدين الحلبي

1 - عبد الله بن حجازي الشرقاوي: العلامة الفاضل، واللوذعي الكامل، شيخ الإسلام وبركة الأنام، الشيخ علي الحلبي، صاحب السيرة الحلبية المشهورة... (1) 2 - المحبي: الإمام الكبير، أجل أعلام المشايخ وعلامة الزمان، كان جبلا من جبال العلم وبحرا لا ساحل له، واسع الحكم، علامة جليل المقدار، جامعا لأشتات العلى، صارفا نقد عمره في بث العلم النافع ونشره، وحظي فيه حظوة لم يحظها أحد مثله، فكان درسه مجمع الفضلاء ومحط رحال النبلاء، وكان غاية في التحقيق، حاد الفهم، قوي الفكرة، متحريا في الفتاوى، جامعا بين العلم والعمل، صاحب جد واجتهاد، عم نفعه الناس، فكانوا يأتونه لأخذ العلم عنه من البلاد، مهابا عند خاصة الناس وعامتهم، حسن الخلق والخلق، ذا دعابة لطيفة في درسه مع جلالة، وكان الشيوخ يثنون عليه بما هو أهله، من الفضل التام ومزيد الجلالة والاحترام. ولد بمصر في سنة 975، وألف المؤلفات البديعة منها: السيرة النبوية التي سماها إنسان العيون في سيرة النبي المأمون، في ثلاث مجلدات، اختصرها من سيرة الشيخ محمد الشامي وزاد أشياء لطيفة الموقع، وقد اشتهرت اشتهارا كثيرا، وتلقتها أفاضل العصر بالقبول، حررها تحريرا مع الشيخ سلطان. وكانت وفاته يوم السبت آخر يوم من شعبان سنة 1044 (2).

(هامش)

(1) التحفة البهية في طبقات الشافعية - مخطوط. (2) خلاصة الأثر 3 / 122 ملخصا. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثامن

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب