الفصل الثاني فيما أوحى إليه و ما صدر عنه من الحكم
أمالي الصدوق رحمه
الله بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أوحى الله سبحانه إلى داود (عليه السلام) يا داود كما لا
تضر الطيرة من لا يتطير منها كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيرون .
أقول : هذا الحديث يكون وجها للجمع بين ما ورد في الأخبار من قوله (عليه السلام) لا
طيرة في الإسلام و بين ما روي من وقوعها و وجودها .
و عنه (عليه السلام) : أن العبد
من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي فقال داود يا رب و ما تلك الحسنة قال يدخل
على عبدي المؤمن سرورا و لو بتمرة فقال داود (عليه السلام) حق لمن عرفك ألا يقطع رجاءه منك .
[349]
و عنه (عليه السلام) : قال أوحى الله تعالى إلى داود (عليه السلام) يا
داود إن العبد ليأتيني بالحسنة يوم القيامة فأحكمه بها في الجنة فقال يا رب و ما
هذا العبد الذي يأتيك بالحسنة يوم القيامة فتحكمه بها في الجنة قال عبد مؤمن سعى
في حاجة أخيه المؤمن أحب قضاءها فقضيت له أو لم تقض .
و قال المسعودي من علمائنا أنزل الله الزبور بالعبرانية خمسين و مائة
سورة جعله ثلاثة أثلاث فثلث في الأول فيه ما يلقون من بختنصر و ما يكون من أمره
في المستقبل و في الثلث الثاني ما يلقون من أهل الثور و في الثلث الثالث مواعظ و
ترغيب ليس فيه أمر و لا نهي و لا تحليل و لا تحريم .
و قال الله سبحانه لداود (عليه السلام) : أحببني و حببني إلى خلقي قال يا رب أنا أحبك
فكيف أحببك إلى خلقك قال اذكر أيادي عندهم فإنك إذا ذكرت ذلك لهم أحبوني.
و عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : بينا داود (عليه السلام) جالس و عنده شاب رث الهيئة يكثر الجلوس عنده و يطيل الصمت إذ أتاه
ملك الموت فسلم عليه و أخذ ملك الموت النظر إلى الشاب فقال داود (عليه السلام) نظرت إلى هذا
فقال نعم إني أمرت بقبض روحه إلى سبعة أيام في هذا الموضع فرحمه داود (عليه السلام) فقال يا
شاب هل لك امرأة فقال لا و ما تزوجت قط قال داود فأت فلانا رجلا كان عظيم القدر في
بني إسرائيل فقل له إن داود (عليه السلام) يأمرك أن تزوجني ابنتك و تدخل بها في هذه الليلة و
خذ من النفقة ما تحتاج إليه و كن عندها فإذا مضت سبعة أيام فوافني في هذا الموضع
فمضى الشاب برسالة داود (عليه السلام) فزوجه الرجل ابنته و أدخلوها عليه و أقام عندها سبعة
أيام ثم وافى داود (عليه السلام) يوم الثامن فقال له داود (عليه السلام) يا شاب كيف رأيت ما كنت فيه قال ما
كنت في نعمة و سرور قط أعظم مما كنت فيه قال داود (عليه السلام) اجلس فجلس و داود (عليه السلام) ينتظر أن
يقبض روحه فلما طال قال انصرف إلى منزلك فكن مع أهلك فإذا كان يوم الثامن فوافني
هاهنا فمضى الشاب ثم وافاه يوم الثامن و جلس عنده ثم انصرف أسبوعا آخر ثم أتاه و
جلس
[350]
فجاء ملك الموت إلى داود (عليه السلام) فقال له داود (عليه السلام) أ لست
حدثتني بأنك أمرت بقبض روح هذا الشاب إلى سبعة أيام قال بلى فقد مضت ثمانية و
ثمانية و ثمانية قال يا داود إن الله تعالى رحمه برحمتك له فأخر في أجله ثلاثين
سنة .
و عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أوحى الله تعالى إلى داود (عليه السلام) أن خلادة بنت أوس
بشرها بالجنة و أعلمها أنها قرينتك في الجنة فانطلق إليها و قرع الباب و خرجت و
قالت هل نزل في شيء قال إن الله أوحى إلي فأخبرني أنك في الجنة و أن أبشرك بالجنة
قالت أو يكون اسم وافق اسمي قال إنك لأنت هي قالت يا نبي الله ما أكذبك و لا و
الله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به قال داود (عليه السلام) أخبريني عن ضميرك و سريرتك ما هو
فقالت أما هذا فسأخبرك به أخبرك أنه لم يصبني وجع قط نزل بي كائنا ما كان و لا نزل
ضر بي و حاجة و جوع كائنا ما كان إلا صبرت عليه و لم أسأل الله كشفه عني حتى يحوله
الله عني إلى العافية و السعة و لم أطلب بها بدلا و شكرت الله عليها و حمدته فقال
لها داود (عليه السلام) فبهذا بلغت ما بلغت و قال أبو عبد الله (عليه السلام) هذا دين الله الذي ارتضاه
للصالحين .
أقول : هذه المرتبة هي الدرجة العليا من مراتب السالكين و هي الرضا
بقضاء الله تعالى .
و كان مولاناأمير المؤمنين (عليه السلام) يمتدح بالوصول إليها و الإحاطة
بها.
و كان يقول : إن الله
سبحانه لو ألقاني بالنار معذبا لما قلت إنها نار بل قلت إنها جنة لأنه تعالى رضي
لي بها و جنتي رضاه.
و هو ناظر إلى قوله عز و جل بعد أن ذكر الجنة و ما أعد فيها للمتقين
وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ فسخطه نارهم و رضاه جنانهم .
و على هذا نزل بعض
المحققين المحيا و الممات في قوله إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ
مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على معنى أن حياتي و مماتي أريدهما مدة إرادة
الله سبحانه لهما فما دام يريد حياتي فأنا أريدها و لا أريد الموت و إذا قرب أجلي
و أراد موتي كنت أريده أيضا و لا أريد الحياة .
و روي هذا عن مولانا الإمام أبي
جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) و كذلك ينزل عليه ما ورد في الدعاء عند رؤية الجنازة و
هو قوله الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم يعني من الهالكين و الأموات.
[351]
و المراد حمد الله سبحانه على الحياة فإنها أمر مطلوب
الداعي حيث إن الله سبحانه اختارها له فلا يرغب إلا فيما أعطاه الله سبحانه أو من
حيث إن فيها الوصول إلى رضاه من حيث الطاعات و ما يقع منه قبل الموت من العبادات.
و كثيرا ما ينزل على هذه الدرجة العلمية من الآيات و الأخبار و ما تخطى إليها أحد
غير الأولياء إلا كان كاذبا في دعواه و شواهد الامتحان تكون ناعية عليه كذب ما
زعمه و من جملة من انتحلها مشايخ الصوفية و هم عنها بمراحل و روي في الآثار أن
عمرو بن الفارض من أئمة الصوفية ادعاها في أقواله و أشعاره و من جملتها قوله .
و بما شئت في هواك اختبرني *** فاختياري ما كان فيه رضاكا
ثم بعده ابتلي بحصر البول و كان يندب و يصيح و يقبض على ذكره و يذهب
إلى مكتب الصبيان و يصيح أيها الأولاد ادعوا لعمكم الكذاب .
بقي الكلام في الجمع
بين قوله إلا صبرت عليه و لم أسأل الله كشفه عني و بين ما ورد في الآيات و الأخبار
من الأمر بالتضرع و الدعاء في كشف البلاء و ما يورد على الإنسان من المصائب و
الأوجاع و الأسقام .
قلت و من درج إلى هذه الدرجة و نال هذه السعادة و خرج من مرارة
التصبر على البلاء إلى حلاوة التلذذ به و كان مخيرا بين الدعاء في كشف ما يسمى
محنة و بلاء و بين الاستلذاذ به و تحمله و الصبر عليه و لا نقول هو من باب الصبر بل هو من باب الشكر .
و ذلك
أن أولياء الله سبحانه كما ينالون حظا من العافية ينالون حلاوة من الأسقام و
المصائب لعلمهم بأن مبدأ الأمرين من الحبيب الحقيقي و العشيق التحقيقي فهؤلاء من
حيث التلذذ به لا يحبون كشفه و لا يطلبون زواله .
و قول أمير المؤمنين (عليه السلام) عند الضربة.
فزت و رب الكعبة
شاهد عليه كذلك .
قوله (عليه السلام) لما قال له
ابن عمه و أخوه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف صبرك إذا ضربت على قرنك و اختضب شيبك بدمك و أنت
في محراب صلاتك ساجدا لربك فقال (عليه السلام) : ذلك مقام الشكر لا مقام الصبر .
[352]
و قال (عليه السلام) في وقعة أحد لما فر المسلمون و بقي وحده يضرب بسيفه يمينا و شمالا
: يا رسول الله وعدتني الشهادة و هذا اليوم كان ميقاتها فما الذي حرمني لذتها فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) إنك تنالها بعدي إذا قاتلت الناكثين و القاسطين و المارقين .
و كان يقول : و الله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه.
و قال في مقام آخر
لابنه الحسن (عليه السلام) : ما يبالي أبوك أ وقع على الموت أم وقع عليه الموت .
و حكى الشهيد الثاني زين الملة و الدين أعلى الله مقامه في دار
الإقامة في كتابه مسكن الفؤاد أن رجلا من العباد مر خارج مصر في طريق فرأى رجلا
مطروحا على المطرب قد أكل الديدان بدنه و احتوى الذباب على جراحاته فقعد عند رأسه
و روحه بالمروحة ليطرد الذباب عنه ففتح عينيه و قال من هذا الذي يدخل بيني و بين
ربي و عزته و جلاله لو قطعني إربا إربا لم أزدد له إلا شكرا و فيه إلا حبا .
و
الحاصل أن درجة الرضا بالقضاء أعلى درجات المتقين رزقنا الله الوصول إليها و
الوقوف عليها بمنه و كرمه .
كتاب الحسين بن سعيد بن أبي البلاد عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كان
في بني إسرائيل عابد فأعجب به داود (عليه السلام) فأوحى الله تبارك و تعالى لا يعجبك من أمره
فإنه مراء قال فمات الرجل فأتي داود (عليه السلام) فقيل له مات الرجل فقال ادفنوا صاحبكم قال
فأنكرت بنو إسرائيل و قالوا كيف لم يحضره قال فلما غسل قام له خمسون رجلا فشهدوا
بالله ما يعلمون منه إلا خيرا فلما صلوا عليه قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما
يعلمون منه إلا خيرا فأوحى الله تعالى إلى داود (عليه السلام) ما منعك أن تشهد فلانا قال الذي
أطلعتني عليه من أمره قال إن كان كذلك و لكن شهد قوم من الأحبار و الرهبان فشهدوا
له ما يعلمون إلا خيرا فأجزت شهادتهم عليه و غفرت له علمي فيه .
و قال السيد علي بن طاوس في سعد السعود : رأيت في زبور داود (عليه السلام) في
[353]
السورة الثالثة ما هذا لفظه يا داود إني جعلتك خليفة
في الأرض و سيتخذ عيسى إلها من دوني من أجل ما مكنت فيه من القوة و جعلته يحيي
الموتى بإذني يا داود من ذا الذي انقطع إلي فنحيته و من ذا الذي أناب إلي فطردته
عن إنابتي ما لكم لا تقدسون الله و هو مصوركم ما لكم لا تطردون المعاصي عن قلوبكم
كأنكم لا تموتون و كأن الدنيا باقية لا تزول عنكم و في السورة العاشرة أيها الناس
لا تغفلوا عن الآخرة بني إسرائيل لو تفكرتم في منقلبكم و معادكم و ذكرتم القيامة و
ما أعددت فيها للعاصين قل ضحككم و كثر بكاؤكم و لكنكم غفلتم عن الموت كم تقولون و
لا تفعلون و لو تفكرتم في خشونة الثرى و وحشة القبر و ظلمته لقل كلامكم و كثر
ذكركم لا تفكرون في خلق السماوات و الأرض و ما أعددت فيها من الآيات و النذر و
حبست الطير في جو السماء يسبحن و يسرحن في رزقي و أنا الغفور الرحيم سبحانه خالق
النور و في السورة السابعة عشرة يا داود اسمع ما أقول و أمر سليمان يقول بعدك إن
الأرض أورثها محمدا و أمته و هم خلافكم و لا يكون صلاتهم بالطنابير و لا يقدسون
الأوتار فازدد من تقديسك يا داود قل لبني إسرائيل لا تجمعوا المال من الحرام فإني
لا أقبل صلاتهم و اهجر أباك على المعاصي و أخاك على الحرام و اتل على بني إسرائيل
نبأ رجلين كانا على عهد إدريس فجاءت لهما تجارة و قد فرضت عليهما صلاة مكتوبة فقال
أحدهما أبدأ بأمر الله و قال الآخر أبدأ بتجارتي و ألحق أمر الله فذهب هذا لتجارته
و هذا لصلاته فأوحيت إلى السماء فنفخت و أطلقت نارا و أحاطت و اشتغل الرجل بالسحاب
و الظلمة فذهبت تجارته و صلاته و كتب على بابه انظروا ما تصنع الدنيا و التكاثر
بصاحبه يا داود إذا رأيت ظالما قد رفعته الدنيا فلا تغبطه فإنه لا بد له من أحد
الأمرين إما أن أسلط عليه ظالما أظلم منه فينتقم منه و إما ألزمه رد التبعات يوم
القيامة يا داود لو رأيت صاحب التبعات قد جعل في عنقه طوق من نار فحاسبوا أنفسكم و
أنصفوا الناس و دعوا الدنيا و يحكم لو رأيتم الجنة و ما أعددت فيها لأوليائي من
النعيم لما ذقتم دواءها بشهوة أين المشتاقون إلى لذيذ الطعام و الشراب أين الذين
جعلوا مع الضحك بكاء أين الذين هجموا على مساجدي في الصيف و الشتاء انظروا اليوم
ما ترى أعينكم فطال ما كنتم تسهرون و الناس نيام فاستمتعوا اليوم ما أردتم فإني قد
رضيت عنكم أجمعين و لقد كانت أعمالكم الزاكية .
[354]
تدفع سخطي من أهل الدنيا يا رضوان اسقهم من الشراب الآن فيشربون و تزداد
وجوههم نضرة فيقول رضوان هل تدرون لم فعلت هذا لأنه لم تطأ فروجكم فروج الحرام يا
رضوان أظهر لعبادي ما أعددت لهم ثمانية آلاف ضعف يا داود من تاجرني فهو أربح
التاجرين يا ابن آدم أبوك و أمك يموتان و ليس لك عبرة بهما يا ابن آدم أ لا تنظر
إلى بهيمة ماتت فانتفخت و صارت جيفة و هي بهيمة و ليس لها ذنب و لو وضعت أوزارك
على الجبال الراسيات لهدتها يا داود و عزتي ما شيء أضر إليكم من أموالكم و
أولادكم و لا أشد في قلوبكم فتنة منها و العمل الصالح عندي مرفوع و أنا بكل شيء
محيط سبحان خالق النور و في السورة الثالثة و العشرين يا بني آدم الطين و الماء
المهين و بني الغفلة و الغرة لا تكثروا الالتفات إلى ما حرمت عليكم فلو رأيتم
مجاري الذنوب لاستقذرتموها و لو رأيتم العطرات قد عوفين من هيجان الطبائع فهن
الراضيات فلا يسخطن أبدا و هن الباقيات فلا يمتن أبدا كلما افتضها صاحبها رجعت
بكرا أرطب من الزبد و أحلى من العسل بين السرير و الفراش أمواج يتلاطم الخمر و
العسل كل نهر ينفذ من آخر ويحك إن هذا لهو الملك الأكبر و النعيم الأطول و الحياة
و الرغد و السرور الدائم و النعيم الباقي عندي الدهر كله و أنا العزيز الحكيم سبحان
خالق النور و في الثلاثين بني آدم رهائن الموتى اعملوا لآخرتكم و اشتروها بالدنيا
و لا تكونوا قوما أخذوا لهوا و لعبا و اعلموا أنه من قارضني نمت بضاعته و من قارض
الشيطان قرن معه ما لكم تتنافسون في الدنيا و تعدلون عن الحق غرتكم أحسابكم فما
حسب امرئ خلق من الطين إنما الحسب عندي هو التقوى سبحان خالق النور و في السادسة و
الأربعين بني آدم لا تستخفوا بحقي فأستخف بكم في النار إن أكلة الربا تقطع أمعاءهم
و أكبادهم إذا ناولتم الصدقات فاغسلوها بماء اليقين فإني أبسط يميني قبل يمين
الآخذ فإذا كانت من حرام قذفت بها في وجه المتصدق و إن كانت من حلال قلت ابنوا له
قصورا في الجنة و ليست الرئاسة رئاسة الملك إنما الرئاسة رئاسة الآخرة سبحان خالق
النور و في السابعة و الأربعين أ تدري يا داود لم مسخت بني إسرائيل فجعلت منهم
القردة و الخنازير لأنهم إذا جاء الغني العظيم ساهلوه و إذا جاء المسكين بأدنى منه
[355]
انتقموا منه وجبت لعنتي على كل متسلط في الأرض لا
يقيم الفقير و الغني بأحكام واحدة إنكم تتبعون الهوى في الدنيا أين المفر مني إذا
تخليت بكم كم قد نهيتكم عن الالتفات إلى حرم المؤمنين و طالت ألسنتكم في أعراض الناس
سبحان خالق النور و في الخامسة و الستين أفصحتم في الخطبة و قصرتم في العمل فلو
أفصحتم في العمل و قصرتم في الخطبة لكان أرجى لكم يا داود اتل على بني إسرائيل رجل
دانت له أقطار الأرض حتى استوى و سعى في الأرض فسادا و أخمد الحق و أظهر الباطل و
عمر الدنيا و حصن الحصون و حبس الأموال فبينما هو في غضارة دنياه إذ أوحيت إلى
زنبور يأكل لحم خده و يدخل و يلدغ الملك فدخل الزنبور و بين يديه ستارة وزرائه و
أعوانه فضربه فتورمت و تفجرت منه أعين دما و قيحا فشير عليه يقطع من لحم وجهه حتى
كان كل من يجلس عنده شم منه نتنا عظيما حتى دفن جثته بلا رأس فلو كان للآدميين
عبرة تردعهم لردعتهم و لكن اشتغلوا بلهو الدنيا فذرهم يخوضوا و يلعبوا حتى يأتيهم
أمري و لا أضيع أجر المحسنين سبحان خالق النور انتهت المواعظ الزبورية على طريق
التلخيص .