:: سورة الأنعام

(وفيها عشر آيات)

1. (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّار فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ) / 27.
2. (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ) / 39.
3. (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ) / 54.
4. (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) / 82.
5. (وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) / 87.
6. (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) / 90.
7. (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) / 115.
8. (قُلْ فَللهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) / 149.
9. (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ) / 151.
10. (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) / 153.

(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّار فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
الأنعام/ 27.
روى العلاّمة البحراني (قده) عن الشيرازي في كتابه (بإسناده المذكور) عن ابن عباس قال:
إذا كان يوم القيامة، أمر الله مالكاً أنْ يسعِّر النيران السبع، وأمر رضوان أنْ يزخرف الجِّنان الثمان، ويقول: يا ميكائيل مد الصراط على متن جهنم، ويقول: يا جبرائيل انصب ميزان العدل تحت العرش، وينادي يا محمّد قرب أمّتك للحساب.
ثم يأمر الله تعالى أنْ يعقد على الصراط سبع قناطر كل قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ، وعلى كل قنطرة سبعون ألف ملك قيام، فيسألون هذه الأمة نساءهم ورجالهم على القنطرة الأولى عن ولاية أمير المؤمنين، وحب أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فمن أتى به جاز على القنطرة الأولى كالبرق الخاطف، ومن لم يُحبْ أهل بيت نبيه سقط على أُمِّ رأسه في قعر جهنم. ولو كان معه من أعمال البِّر عمل سبعين صدّيقاً.
وعلى القنطرة الثاني فيسألون عن الصلاة، وعلى الثالثة يسألون عن الزكاة، وعلى الرابعة عن الصيام، وعلى الخامسة عن الحج، وعلى السادسة عن الجهاد، وعلى السابعة عن العدل.
فمن أتى بشيء من ذلك جاز على الصراط كالبرق الخاطف ومن لم يأت عذب(1).
(مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
الأنعام/ 39.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرني أبو بكر، محمد بن أحمد بن علي المعمري (بإسناده المذكور) عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم):
(من سرّه أنْ يجوز على الصراط كالريح العاصف، ويلج الجنّة بغير حساب، فليتولَّ وليي، ووصيي، وصاحبي، وخليفتي على أهلي علي بن أبي طالب، ومن سرَّه أنْ يلج النّار فليترك ولايته فوعزّة ربّي وجلاله إنّه لبابُ الله الذي لا يؤتى إلاّ منه، وإنّه الصراط المستقيم)(2).
(وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ).
الأنعام/ 54.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرونا عن أبي بكر السبيعي، (بإسناده المذكور) عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله (تعالى):
(وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِن) الآية (قال):
نزلت في علي بن أبي طالب وحمزة وجعفر وزيد(3).
(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
الأنعام/ 82.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن مجاهد، عن ابن عباس في قول الله تعالى:
(الذين آمنو) يعني: صدّقوا بالتوحيد هو علي بن أبي طالب.
(ولم يلبسو) يعني: لم يخلطوا، نظيرها: (لم تلبسون الحق بالباطل) يعني: لم تخالطون؟
ولم يخلطوا (إيمانهم بظلم) يعني: الشرك. قال ابن عباس:
والله ما آمن أحد، إلاّ بعد شرك ما خلا علياً، فإنه آمن بالله من غير أنْ يُشرك به، طرفة عين.
(أولئك لهم الأمن) من النّار والعذاب.
(وهم مهتدون) يعني: مرشدون إلى الجنّة يوم القيامة بغير حساب، فكان علي أول من آمن به(4).
(وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
الأنعام/ 87.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسى بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن سعد، عن أبي جعفر قال:
(آل محمد الصراط الذي دل الله عليه)(5).
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ).
الأنعام/ 90.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني السيّد الزكي أبو منصور، مظفر بن محمد الحسيني (بإسناده المذكور) عن الشعبي أنّه حدَّثهم حديثاً فقال فيما قال ـ:
(فعليٌّ ممّن هدى الله، ومن أهل الإيمان، وعلي ابن عم رسول الله، وختنه على ابنته أحب النّاس إليه، وصاحب سوابق مباركات، سبقت له من الله لا تستطيع أنت ردّها، ولا أحد من النّاس أنْ يحظرها عليه)(6).
(أقول) الحظر أي المنع، يعني: سوابق علي المباركات هي من الشيوع والوضوح بمثابة لا يستطيع أحد من النّاس أنْ ينكرها ويكذِّبها، فهي متواترة غير قابلة للمنع.
(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
الأنعام/ 115.
أخرج الحافظ الحنفي سليمان القندوزي ـ بسنده المذكور ـ عن عدّة من المشايخ الثقاة الذين كانوا مجاورين للإمامين سيدنا (علي الهادي) وأبي محمد (الحسن العسكري) قالوا: سمعناهما يقولان: إنَّ الله تبارك وتعالى إذا أراد أنْ يخلق الإمام، أنزل قطرة من ماء الجنّة في ماء المزن، فتسقط في ثمار الأرض وبقلتها، فيأكلها أبو الإمام، فتكون نطفته منها، فإذا استقرت النطفة في الرحم فيمض لها أربعة أشهر يسمعُ الصوت، وكتب على عضده:
(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
فإذا ولد قام بأمر الله، ورفع له عمود من نور، ينظر منه الخلائق، وأعمالهم، وسرائرهم، والعمود نصب بين عينيه حيث تولى ونظر ـ الحديث(7).
(قُلْ فَللهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ).
الأنعام/ 149.
تتابعت الأحاديث الشريفة وتكاثرت وتواترت، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بأسانيد عديدة على أنّ (علي بن أبي طالب) هو الحجّة الإلهية البالغة على الخلق، بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) نذكر نماذج منها:
1. أخرج ابن شاذان في المناقب المائة من طرق العامّة بسنده، عن سلمان المحمدي قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وسلّم) وإذا بالحسين بن علي على فخذه، وهو يقبل بين عينيه ويلثم فاه وهو يقول: أنت السيّد ابن السيّد أبو السادة، وأنت إمام ابن إمام أبو الأئمة، وأنت الحجّة ابن الحجّة أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم(8).
2. وذكر أيضاً عن أبي الصلت الهروي بإسناده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: (سمعت الله تعالى يقول: علي بن أبي طالب حجّتي على خلقي)(9).
3. وبسنده عن ابن عباس قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) يقول:
(من أحبَّ أنْ يعرف الحجّة بعدي، فليعرف علي بن أبي طالب)(10).
4. وبسنده عن المسيب، عن علي بن أبي طالب قال:
(خلفني رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) في أُمّته فأنا حجّة الله عليهم بعد نبيه)(11).
5. وبسنده عن عبد الله بن العباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) لعلي بن أبي طالب:
(إنّ جبرئيل أخبرني فيك بأمرٍ قرّتْ به عيني، وفرح به قلبي، قال: يا محمد إنّ الله تعالى قال لي: أقرئ محمداً مني السلام، وأعلمه أنَّ علياً إمام الهدى ومصباح الدجى، (والحجّة) على أهل الدنيا)(12).
6. وأخرج علاّمة الشوافع، الحافظ الفقيه أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه، عن أبي نصر بن الطّحان (بسنده المذكور) عن أنس قال:
كنت عند النبي (صلى الله عليه وسلّم) فرأى علياً مقبلاً فقال:
(أنا وهذا حُجّة على أمتي يوم القيامة)(13).
وأخرج نحواً من ذلك كثير من العلماء والحفّاظ والمحدِّثين.
(منهم) الخطيب البغدادي في تاريخه(14).
(ومنهم) العلاّمة المحبّ الطبري في رياضه(15) والذخائر(16).
(ومنهم) أخطب خوارزم، الموفق بن أحمد (الحنفي) في مناقبه(17).
(ومنهم) السّيوطي (الشافعي) عبد الرحمن بن أبي بكر في القول الحلبي(18).
وآخرون غيرهم أيضاً.
(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسان).
الأنعام/ 151.
روى الشيخ الفقيه أبو الحسن بن شاذان في المناقب المائة من طريق العامّة ـ بحذف الإسناد ـ عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
إنّ الله قد فرض عليكم طاعتي ونهاكم عن معصيتي،وأوجب عليكم اتباع أمري، وفرض عليكم من طاعة علي بن أبي طالب، بعدي كما فرض عليكم من طاعتي، ونهاكم عن معصيته كما نهاكم عن معصيتي، وجعله أخي، ووزيري، ووارثي، وهو مني وأنا منه، حبه إيمان، وبغضه كفر، محبّه محبّي، ومبغضه مبغضي، وهو مولى من أنا مولاه، وأنا مولى كل مسلم ومسلمة (وأنا وهو أبوا هذه الأمة)(19).

* * * * *

وروى العالم الشافعي، الحافظ أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه، عن أبي الحسن علي بن الحسين بن الطيّب إجازة (بإسناده المذكور) عن علي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم):
حقُّ عليٍّ على المسلمين، حقُّ الوالد على ولده(20).
وممّن أخرج هذا الحديث، الحافظ شمس الدين محمد الذهبي (الشافعي) في ميزانه(21) وعلاّمة الشوافع، أحمد بن حجر العسقلاني في لسانه  (22).
وشيخ الحنفية، الموفّق بن أحمد الخوارزمي المكّي في مناقبه، عن سيّد الحفّاظ أبي منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني (بسنده المذكور) عن عمّار بن ياسر، وأبي أيوب، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) بنفس النص(23).
وروى أيضاً بسند آخر عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (حقّ علي بن أبي طالب على هذه الأمة كحقِّ الوالد على ولده)(24).
وآخرون أيضاً.

* * * * *

(أقول) وقد استفاضت الأخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال:
(أنا وعلي أبوا هذه الأمة) فيكون تأويل (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسان) في النبي وعلي (عليهما الصلاة والسلام).
(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
الأنعام/ 153.
روى العلاّمة البحراني (قده) قال:
أسند الشيرازي ـ من أعيان العامّة ـ إلى قتادة، عن الحسن البصري في قوله (تعالى):
(هذا صِراطِي مُسْتَقِيم).
قال: يقول:
هذا طريق علي بن أبي طالب وذريته طريق مستقيم، ودين مستقيم، فاتبعوه وتمسكوا به، فإنّه واضح لا عوج فيه)(25).
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِه).
الأنعام/ 160.
أخرج العلاّمة الكشفي، المير محمد صالح الترمذي (الحنفي) في مناقبه قال: عن علي (كرّم الله وجهه):
(الحسنة حُبّنا)(26).


(1). غاية المرام/ ص259.
(2). شواهد التنزيل/ ج1/ ص59.
(3). شواهد التنزيل/ ج1/ ص196.
(4). شواهد التنزيل/ ج1/ ص197.
(5). شواهد التنزيل/ ج1/ ص61.
(6). شواهد التنزيل/ ج1/ ص94.
(7). ينابيع الموّدة/ ص462.
(8). المناقب المائة/ المنقبات الثلاثون، والثانية والثلاثون، والواحدة والأربعون، والثامنة والخمسون/ الصفحات20-21-28-32.
(9). المناقب المائة/ المنقبات الثلاثون، والثانية والثلاثون، والواحدة والأربعون، والثامنة والخمسون/ الصفحات 20-21-28-32-.
(10). المناقب المائة/ المنقبات الثلاثون، والثانية والثلاثون، والواحدة والأربعون، والثامنة والخمسون/ الصفحات 20-21-28-32-.
(11). المناقب المائة/ المنقبات الثلاثون، والثانية والثلاثون، والواحدة والأربعون، والثامنة والخمسون/ الصفحات 20-21-28-32-.
(12). المناقب المائة/ المنقبات الثلاثون، والثانية والثلاثون، والواحدة والأربعون، والثامنة والخمسون/ الصفحات 20-21-28-32-.
(13). المناقب لابن المغازلي/ ص45و197.
(14). تاريخ بغداد/ ج2/ ص88.
(15). الرياض النضرة/ ج2/ ص193.
(16). ذخائر العقبى/ ص77.
(17). المناقب للخوارزمي/ ص228.
(18). القول الجلي للسيوطي (مخطوط) الحديث (19).
(19). المناقب المائة المنقبة الثانية والعشرون/ ص15.
(20). المناقب لابن المغازلي/ ص48.
(21). ميزان الاعتدال/ ج2/ ص313.
(22). لسان الميزان/ ج4/ ص399.
(23). المناقب للخوارزمي/ ص230.
(24). المناقب للخوارزمي/ ص219.
(25). غاية المرام/ ص434.
(26). المناقب للكشفي/ أواخر الباب الأول.