(وفيه تسع آيات)
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
يونس/ 2.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) عن الحافظ أبي بكر بن مردويه في كتابه (المناقب) أنّه:
روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري في قوله تعالى:
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
قال: نزلت في ولاية علي بن أبي طالب(1).
(... إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ...).
يونس/ 4.
أخرج الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسى بن إسحاق (بسنده المذكور) عن ابن عباس قال:
ما في القرآن آية (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفه(2).
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ).
يونس/ 9.
أخرج العلاّمة البحراني، عن الموفّق بن أحمد (الحنفي) بسنده المذكور عن علي (كرّم الله وجهه) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) قال:
أي علي، ألم تسمع قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)؟
أنت وشيعتك(3).
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
يونس/ 25.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن أبي طالب الحسني كتابة (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن عباس في تفسير قول الله تعالى:
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ).
يعني به: الجنّة.
(وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
يعني به: إلى ولاية علي بن أبي طالب(4).
(أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
يونس/ 35.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: في العتيق، حدّثنا سعيد بن أبي سعيد (بإسناده المذكور) عن ابن عباس قال:
اختصم قوم إلى النبي (صلى الله عليه وسلّم) فأمر بعض أصحابه أنْ يحكم بينهم، فلم يرضوا به، فأمر علياً، فحكم بينهم، فرضوا به.
فقال لهم بعض المنافقين: حكم عليكم فلان فلم ترضوا به، وحكم عليكم علي فرضيتم به، بئس القوم أنتم. فأنزل الله في علي.
(أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ) إلى آخر الآية.
وذلك أنَّ علياً كان يوفق لحقيقة القضاء)(5).
(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ).
يونس/ 53.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرني أبو بكر المعمري (بإسناده المذكور) عن يحيى بن سعيد(6) عن جعفر الصادق، عن أبيه في قول الله تعالى:
(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ).
قال: يستنبؤنك يا محمد أهل مكة عن علي بن أبي طالب أ إمام؟
(قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ)(7).
(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ ممّا يَجْمَعُونَ).
يونس/ 58.
روى الخطيب البغدادي (بإسناده المذكور) عن ابن عباس في قوله تعالى:
(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ) الآية.
قال (يعني: ابن عباس):
بفضل الله: النبي (صلى الله عليه وسلّم)
وبرحمته: علي (كرّم الله وجهه)(8).
وأخرجه أيضاً مفسّر الشافعية، جلال الدين بن أبي بكر السّيوطي في تفسيره(9).
والعلاّمة الكنجي الشافعي في كفايته(10).
وآخرون أيضاً.
(أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
يونس/ 62.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل (بإسناده المذكور) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم):
إنّ من العباد عباداً يغبطهم الأنبياء، تحابوا بروح الله على غير مال ولا عرض من الدنيا، وجوههم نور، لا يخافون إذا خاف النّاس، ولا يحزنون إذا حزنوا، أتدرون من هم؟
قلنا: لا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال: (هم) علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر، وعقيل.
ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) (قوله تعالى):
(أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(11).
* * * * *
وأخرج علاّمة الأحناف، أخطب الخطباء، الموفّق بن أحمد الخوارزمي في مناقبه قال: وأنبأني الإمام الحفاظ صدر الحافظ أبو العلاء، الحسن بن أحمد العطار الهمداني (بإسناده المذكور) عن ثابت، عن أنس، عن النبي (صلى الله عليه وسلّم) ـ في حديث ـ قال:
(إنّ علياً وذريته ومحبيهم السابقون الأولون إلى الجنّة.
وهم جيران الله وأولياء الله...)(12).
(أقول) ثبت في علوم الأدب: أنَّ هكذا جملة تفيد الحصر، نظير (هو الله أحد)(13) فلاحظ.
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
يونس/ 87.
ورى الفقيه الشافعي (ابن المغازلي) عن محمد بن أحمد بن عثمان (بإسناده المذكور) عن حذيفة بن أسيّد الغفاري قال: لمّا قدم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلّم) لم يكن لهم بيوت يبيتون فيها، فيحتلمون، ثم إنَّ القوم بنوا بيوتاً حول المسجد، وجعلوا أبوابها إلى المسجد، وإنّ النبي (صلى الله عليه وسلّم) بعث إليهم معاذ بن جبل، فنادى أبا بكر فقال (صلى الله عليه وآله): إنّ الله أمرك أنْ تخرج من المسجد، فقال: سمعاً وطاعة، فسدّ بابه طاعة وخرج من المسجد.
ثم أرسل (صلى الله عليه وآله) إلى عمر، فقال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) يأمرك أن تسد بابك في المسجد وتخرج منه فقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، غير أني أرغب إلى الله في خوخة إلى المسجد فأبلغه معاذ ما قال عمر، ثم أرسل (صلى الله عليه وسلّم) إلى عثمان، وعنده رقية فقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله فسدّ بابه وخرج من المسجد.
ثم أرسل (صلى الله عليه وسلّم) إلى حمزة فسدّ بابه وقال: سمعاً وطاعة.
وعلي على ذلك يتردد، لا ندري ما هو؟ فيمن يقيم؟ أو فيمن يخرج؟
وكان النبي (صلى الله عليه وسلّم) قد بنى له بيتاً في المسجد بين أبياته.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): اسكن طاهراً مطهراً، فبلغ حمزة قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي، فقال: يا محمد تخرجنا وتمسك علي بن أبي طالب؟
فقال النبي (صلى الله عليه وسلّم): لو كان الأمر لي ما جعلتك من دونهم من أحد، والله ما أعطاه إيّاه إلاّ الله، وإنّك لعلى خير من الله ورسوله أبشر، فبشّره النبي (صلى الله عليه وسلّم) فقتل يوم أُحد شهيداً.
ومعه من ذلك رجال على علي فوجدوا في أنفسهم، وتبيّن فضله عليهم، وعلى غيرهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلّم) فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلّم) فقام خطيباً فقال:
(إنّ رجالاً لا يجدون في أنفسهم في أنْ أُسكن علياً في المسجد، والله ما أخرجتهم
ولا أسكنته، إنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى موسى وأخيه (أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)..
وأمر موسى (عليه السلام): أنْ لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه، ولا يدخله إلاّ هارون وذريته، وإنّ علياً بمنزلة هارون من موسى، وهو أخي دون أهلي، ولا يحل مسجدي لأحد ينكح فيه النساء إلاّ علي وذريته، فمن شاء فهاهنا ـ وأومأ نحو الشام
(14).
(أقول) في هذا الحديث موارد تحتاج إلى توضيح.
(الأول) قول عمر: (إنّي أرغب في خوخة) هذا مرويّ عن عمر، وعن أبي بكر، ولا مانع في أنْ يكون كلّ واحد منهما طلب الخوخة، ولكن الرسول (صلى الله عليه وآله) أبى عليهما.
(الثاني) قوله (وعلي على ذلك يتردد) يعني: الأمر يتردد فيما بيننا لا أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتردد، لأنّه لا تردّد عنده (صلى الله عليه وآله).
(الثالث) المقصود بذرية علي هم الأئمة المعصومون، الذين ثبت بالنصوص جواز الجنابة لهم في المسجد،لا كلّ ذرية علي وأولاده إلى يوم القيامة.
(الرابع) (فمن شاء فهاهنا) لعل المراد به: من شاء أن يجنب في المسجد فليخرج من الإسلام لأنَّ الشام كان أهلها كفاراً، ولأنّ الخروج عن طاعة النبي (صلى الله عليه وآله) كفر.