(وفيها إحدى عشرة آية).
(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ
أَحْسَنُ عَمَل).
الكهف/ 7.
قال الحافظ الحسكاني (الحنفي) تحت هذه الآية الشريفة:
(قال: زينة الأرض الرجال، وزينة الرجال علي بن أبي طالب)(1).
(أقول) لعل المقصود يقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأنّ مثل هذا الحديث يقرب في ذهني أنّي رأيته عن رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) ولكن أين وفي أي كتاب فلا اتذكره عاجلاً، ولعلَّ من يعثر عليه من القُراء فيسجله في هامش الكتاب (كما) أنَّ إطلاق (ما) الموصولة لذوي العقول مكرر في القرآن، مثل قوله تعالى:
(وَالسَّماءِ وَما بَناها * وَالأَرْضِ وَما طَحاها * وَنَفْسٍ وَما سَوَّاه)(2).
وروى الحسكاني (الحنفي) أيضاً قال: حدّثنا أبو محمد الأصبهاني إملاءً (بإسناده المذكور) عن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) يقول لعلي:
(يا علي إنَّ الله زيّنك بزينة لم يزين العباد بأحسن منها:
(بغّضَ إليك الدنيا، وزهّدك فيها، وحبّب إليك الفقراء).
(فرضيت بهم أتباعاً، ورضوا بك إماماً)(3).
(... فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ
وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَق).
الكهف/ 16.
أخرج الطبري في المسترشد، مرسلاً عن علي (عليه السلام) أنه خطب خطبة، وجاء فيها قوله:
(إنَّ مثلنا فيكم كمثل الكهف لأصحاب الكهف)(4).
(أقول) هذه الفقرة إشارة إلى الآية الكريمة المذكورة، فكما أنّ الكهف كان نجاةً في الدنيا والآخرة لأهله، كذلك أهل البيت ـ (عليهم السلام) ـ نجاة للمسلمين في الدنيا والآخرة، إذا آووا إليهم واعتصموا بهم.
(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ...).
الكهف/ 29.
أخرج محمد بن علي بن شاذان في المناقب المائة، التي جمعها من طرق العامّة، بسنده عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله ـ (صلى الله عليه وسلّم) ـ:
يا علي أنت أمير المؤمنين، وإمام المتقين.
يا علي أنت سيّد الوصيين، ووارث علوم النبيين وخير الصديقين، وأفضل السابقين.
يا علي أنت زوج سيدة نساء العالمين، وخليفة خير المرسلين.
يا علي أنت مولى المؤمنين.
يا علي أنت الحُجّة بعدي على النّاس أجمعين، استوجب الجُنّة من تولاّك، واستحق النّار من عاداك.
يا علي والذي بعثني بالنبوة، واصطفاني على جميع البرية، لو أنّ عبداً عبد الله ألف عام ـ وفي حديث آخر: ثم ألف عام ـ ما قُبل ذلك منه إلاّ بولايتك، وولاية الأئمّة من ولدك، فإنّ ولايتك لا يقبل الله تعالى إلاّ بالبراءة من أعدائك، وأعداء الأئمّة من ولدك، بذلك أخبرني جبرائيل.
ثم قرأ (صلى الله عليه وسلّم):
(فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ)(5).
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ
مَنْ أَحْسَنَ عَمَل).
الكهف/ 30.
روى العلاّمة السّيد هاشم البحراني (قده) عن الجبري في تفسيره، يرفعه إلى ابن عباس قال (قول تعالى):
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
(نزلت) في علي وشيعته(6).
(هُنالِكَ الْوَلايَةُ للهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْب).
الكهف/ 44.
روى الحاكم الحافظ الكبير، عبيد الله الحسكاني (الحنفي) الحذَّاء، قال: حدّثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ (بإسناده المذكور) عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر، محمد بن علي في قول الله تعالى:
(هُنالِكَ الْوَلايَةُ للهِ الْحَقِّ).
قال: تلك ولاية أمير المؤمنين، التي لم يبعث نبيٌ قط إلاّ بها)(7).
وأخرجه الحافظ القندوزي، عن عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر الصادق (رضي الله عنه)(8).
(أقول) وردت أعداد كثيرة من الأحاديث الشريفة ـ من طرق الخاصة والعامّة ـ كلها تقول بلسان واحد: إنَّ الله تعالى أخذ على الأنبياء ولاية رسول الإسلام محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين.
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ...).
الكهف/ 50.
روى العلاّمة البحراني، عن القاضي أبي عمرو عثمان بن أحمد ـ أحد شيوخ السنة ـ يرفعه إلى ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وسلّم) (أنه قال):
لما شملت آدم الخطيئة نظر إلى أشباح تضيء حول العرش، فقال يا ربِّ إنّي أرى أشباحاً تشبه خلقي فما هي؟ قال هذه الأنوار أشباح اثنين من ولدك اسم أحدهما (محمد) أبدأ النبوة بك وأختمها به، والآخر أخوه وابن أخي أبيه اسمه (علي) أؤيد محمداً به وأنصره على يده، والأنوار التي حولهما أنوار ذرية هذا النبي من أخيه هذا، يزوجه ابنته تكون له زوجة، يتصل بها أول الخلق إيماناً به وتصديقاً له، أجعلها سيدة النسوان، وأفطمها وذريتها من النيران، تنقطع الأسباب والأنساب يوم القيامة إلاّ سببه ونسبه.
فسجد آدم شكراً لله أنْ جعل ذلك في ذريته.
فعوّضه الله عن ذلك السجود أنْ أسجد له ملائكته(9).
(أقول) ذكرنا هذا الحديث الشريف في تفسير هذه الآية، باعتبار أنّ النبي وأهل البيت ـ صلى الله عليه وعليهم أجمعين ـ كانوا هم وحب آدم لهم، وسجوده شكراً لله بهم سبباً لإسجاد الله تعالى ملائكته له، فكان سبب نزول الآية هم (عليهم السلام).
(وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ
لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْر).
الكهف/ 88.
روى العلاّمة البحراني، عن إبراهيم بن محمد الحمويني (الشافعي) (بإسناده المذكور) عن الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(أتاني جبرائيل عن ربي عزّ وجلّ، وهو يقول: ربي يقرئك السلام ويقول لك: بشّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك الجنّة، فلهم عندي جزاءً الحسنى، وسيدخلون الجنّة)(10).
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمالاً * الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ
صُنْعاً * أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ
أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْن).
الكهف/ 103-105.
أخرج سفيان بن سعيد بن مسروق في تفسيره: إنّ ابن الكوّا سأل علي بن أبي طالب عن قوله:
(بالأخسرين أعمال).
قال: هم أهل حروراء(11).
مقاتلو علي من الأخسرين أعمالاً
روى ابن جرير الطبري في تفسيره عند قوله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ
بِالأَخْسَرِينَ أَعْمالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْع) بسنده عن سلمة بن كهيل، قال: سأل عبد الله بن الكوا، علياً عن هذه الآية فقال علي:
(ويلك أهل حروراء منهم)(12).
(أقول) أهل حروراء هم الخوارج الذين خرجوا على علي (عليه السلام) وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد أمر علياً بقتالهم، وسمّاهم المارقين، لأنّهم مرقوا من الدين، أي خرجوا عنه بقتالهم علياً.
* * * * *
وروى الطبري نفسه أيضاً بإسناده عن زاذان عن علي بن أبي طالب، أنّه سأل عن قوله
تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمال) قال:
هم كفرة أهل الكتاب.
ثم رفع صوته فقال: (وما أهل النهر منهم ببعيد)(13).
(أقول) يعني بذلك: أهل النهروان، وهم الخوارج لوقوع الحرب معهم عند النهر.
* * * * *
وأخرج الحافظ الواسطي (الشافعي) أبو الحسن بن المغازلي عن الحواربي (بإسناده المذكور) عن أبي الطفيل عن علي في (الأخسرين أعمالاً)؟
قال: (هم أهل حروراء)(14).
وممّن أخرج ذلك مفسر الشافعية، جلال الدين بن أبي بكر السّيوطي في تفسيره(15).
وعلاّمة المعتزلة، عز الدين، عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(16).
وآخرون أيضاً.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ
الْفِرْدَوْسِ نُزُل).
الكهف/ 107.
روى العلاّمة البحراني، عن ابن شهر آشوب ـ من طريق المخالفين ـ عن أبي بكر الهذلي عن الشعبي(17):
- أنّ رجلاً أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال يا رسول الله علّمني شيئاً ينفعني الله به؟
قال (صلى الله عليه وسلّم): (عليك بالمعروف فإنّه ينفعك في عاجل دنياك وآخرتك).
إذ أقبل علي فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) فاطمة تدعوك.
فقال الرجل: من هذا يا رسول الله؟
قال (صلى الله عليه وسلّم): نعم.
قال (صلى الله عليه وسلّم): هذا من الذين أنزل الله فيهم:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)(18).
(أقول) ذكرنا هذه الرواية سابقاً في مناسبة أخرى لانطباقها عليهما.