(وفيها ست آيات)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم * ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ * ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ)
القلم/ 1 ـ 2
روى العلاّمة البحراني، عن الطبرسي، بإسناده عن بعض علماء الحنفية، عن الضّحاك بن مزاحم
(1). قال:
لمّا رأت قريش تقديم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) علياً وإعظامه له، نالوا من
علي، قالوا: قد افتتن به محمد، فأنزل الله تعالى: (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) قسم أقسم الله به.
(ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) (2).
(أقول): بما أنّ الافتتان نوع من الجنون، وكانت قريش نسبت الافتتان إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في حبّ علي (عليه السلام)، نفى الله الجنون عن نبيه.
وأخرج نجم الدين عبد الله بن محمد الأسدي المعروف بـ (داية) في تفسيره المخطوط قال: قال علي بن أبي طالب:
(إنّ لك كتاب صفوة، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي) (3).
(وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ)
القلم/ 3
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو النصر في تفسيره (بإسناده المذكور) عن جعفر بن محمد الخزاعي، عن أبيه: قال: سمعت أبا عبد الله يقول:
نزل: (وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) في تبليغك في علي ما بلغت
(4).
(فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ)
القلم/ 5 ـ 6
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: قرأتُ في التفسير العتيق (بإسناده المذكور) عن كعب بن عجرة
(5) وعبد الله بن مسعود قالا:
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): وسُئل عن علي ـ فقال:
(علي أقدمكم إسلاماً، وأوفركم إيماناً، وأكثركم علماً، وأرجحكم حلماً، وأشدُّكم في الله غضباً، علّمته علمي، واستودعته سرّي، ووكلته بشأني، فهو خليفتي في أهلي، وأميني في أمتي).
فقال بعض قريش: لقد فتن عليٌّ رسولَ الله حتى ما يرى به شيئاً، فأنزل الله تعالى:
(فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ) (6).
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)
القلم/ 7
روى الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي (بإسناده المذكور) عن الضّحاك بن مزاحم قال:
لمّا رأت قريش تقديم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) علياً وإعظامه له، نالوا من علي، فأنزل الله تعالى:
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ)، وهم النفر الذين قالوا ما قالوا:
(وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) علي بن أبي طالب (7).
(وفيها سبع آيات)
(وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ)
الحاقة/ 12
روى المؤرخ الشهير (البلاذري) قال: حدّثني مظفر بن مرجا (بإسناده المذكور) عن علي بن حوشب قال: سمعت مكحولاً يقول: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ)
قال: يا علي، سألت الله أنْ يجعلها أُذُنَك.
قال علي: فما نسيت حديثاً أو شيئاً سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)
(8).
* * * * *
وأخرج نحواً منه، الكثير من أئمّة الحديث والتفسير والتاريخ، بتعبيرات مختلفة في بعض الألفاظ، ولكنها كلَّها متفقةٌ في المعنى.
(منهم): ابن جرير الطبري في تفسيره الكبير بأسانيد عديدة (9).
(ومنهم): أبو القاسم محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري في تفسيره (الكشاف) (10) ـ
(ومنهم): الهيثمي في مجمعه (11).
(ومنهم): أبو نعيم في الحلية (12).
(ومنهم): السّيوطي في تفسيره (13).
(ومنهم): المتقي في كنزه (14).
(ومنهم): ابن عساكر في تاريخه (15).
(ومنهم) الخطيب الخوارزمي، موفّق بن أحمد في كتابه في فضائل علي بن أبي طالب (16).
(ومنهم) الواحدي في أسبابه (17).
(ومنهم): الحافظ الكنجي الشافعي في كفايته (18).
(ومنهم): الحافظ ابن كثير الدمشقي في تفسيره (19).
(وكذلك) السّيوطي في لبابه أيضاً (20).
وآخرون كثيرون...
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ * قُطُوفُها دانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخالِيَةِ)
الحاقة/ 19 ـ 24
روى العلاّمة البحراني (مرسلاً) عن ابن مردويه، عن رجاله عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال ـ في قوله عزّ وجلّ ـ:
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ـ إلى قوله تعالى ـ في الأَيَّامِ الْخالِيَةِ)
(قال): هو علي بن أبي طالب (21).
ونقل قريباً منه المير محمد صالح الترمذي (الحنفي) في مناقبه (22).
(وفيها ثلاث آيات)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم * سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ * مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ)
المعارج/ 1 ـ 3.
روى الفقيه (الحنفي) مفتي بغداد (محمود الألوسي) في تفسيره عند تفسير قوله تعالى:
(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ * مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ).
قال: وقيل: هو الحرث بن النعمان الفهري، وذلك أنّه لمّا بلغه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في علي (رضي الله عنه):
(من كنتُ مولاه، فعلي مولاه).
قال: اللّهم إنّ كان ما يقول محمد حقاً، فأمطر علينا حجارة من السماء.
فما لبث حتى رماه الله بحجر، فوقع على دماغه، فهلك من ساعته (23).
وأخرجه بتفصيل وافٍ العلاّمة (الشافعي)، السيد المؤمن الشبلنجي في نور الأبصار، عن سفيان بن عيينة
(24).
وأخرج الشيخ الإمام محمد بن علي النسوي في تفسيره للقرآن الكريم المسمّى بـ (البيان في نزول القرآن) قال:
روى روحي بن حماد عن سفيان بن عيينة عن قول الله تعالى: (سأل سائل) فيمن نزل؟ قال:
لقد سألتني عن مسألة ما سألها أحد قبلك، حدّثني أبي قال:
لمّا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بغدير خُمّ فإذا الناس قد اجتمعوا فقال: يا أيّها الناس، ألم أبلغكم الرسالة؟
قالوا: اللّهم، بلى.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): ألم أنصح لكم؟
قالوا: اللّهم، بلى.
قال: فأخذ بيد علي، فرفعها حتى رؤي بياض إبطيهما فقال:
(من كنتُ مولاه، فعلي مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه).
فشاع ذلك الخبر في البلاد، فبلغ الحارث بن نعمان الفهري فأتى على ناقة له حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته، فأناخها، وأخذ عقالها، ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ... الخ
(25).
وذكر ما نقلناه آنفاً باختلاف في الألفاظ، واتفاق في المعنى.
وأخرج العلاّمة أبو إسحاق، أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي في تفسيره المخطوط المسمّى بالكشف والبيان، بسنده المذكور، عن جعفر بن محمد، عن آبائه قال:
لمّا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بغدير خُمّ، نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي (رضي الله عنه).
وذكر بتفصيل أكثر نحواً ممّا نقلناه آنفاً.
إلى أنْ قال: فسقط حجر على رأس الحارث بن نعمان الفهري، فخرج من دبره، فقتله، وأنزل الله سبحانه:
(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (26).
* * * * *
وذكر نحواً منه (أبو السعود) قاضي القضاة محمد بن محمد العمادي، في تفسيره المُسمّى بـ (إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم) قال:
(هو الحرث بن النعمان الفهري، وذلك أنّه لمّا بلغه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ـ في علي ـ (رضي الله عنه) (من كنتُ مولاه، فعلي مولاه) ... الخ
(27).
وقال أبو القباء الرازي في تفسيره التبيان: هو النضر بن الحرث قال:
(اللّهم إن كان هذا هو الحق الآية) (28).
يعني تمام الآية وهو: (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) سورة الأنفال/ آية32.
وقال أبو حيان الأندلسي في تفسيره الكبير:
(قال الجمهور: نزلت في النضر بن الحرث حين قال: اللّهم إنْ كان هذا هو الحق من عندك الآية)
(29).
ونقل أبو حيّان نفس هذا النصّ في تفسيره الآخر المُختصّ المُسمّى بـ (النهر الماد من البحر)
(30).
وقال العلاّمة المهايمي (الحنفي) في تفسيره (تبصير الرحمن وتيسير المنان).
(هو النضر بن الحرث قال... الخ) (31).
* * * * *
وقال علامة مصر (المعاصر) محمد عبد اللطيف (صاحب الذقان) في تفسيره أوضح التفاسير في تفسير هذه الآيات:
(هو النضرُ بن الحارث، حيث قال استهزاءً: اللّهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك، فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم)
(32).
ونحو ذلك أيضاً جاء في تفسير (جزء تبارك) للشيخ عبد القادر المغربي (33).
(وفيها آيتان)
(وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَب)
الجن/ 15.
هم أعداء علي (عليه السلام).
أخرج رضى الدين، أبو الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني القزويني، في كتاب (الأربعين المُنتقى من مناقب المرتضى عليه رضوان الله العلي الأعلى)، بسنده المذكور، عن عبد الله بن مسعود قال:
خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فأتى منزل أم سلمة، فجاء علي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(يا أمّ سلمة، هذا قاتل القاسطين، والناكثين، والمارقين من بعدي).
ثم قال في ذيل حديث آخر:
فأمّا القاسطون فأهل الشام، وأمّا الناكثون فذكرهم، وأمّا المارقون فأهل النهروان، يعني الحرورية
(34).
(وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَد)
الجن/ 17.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) عن فرات بن إبراهيم الكوفي، (بإسناده المذكور) عن ابن عباس في قوله تعالى:
(وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ).
قال: ذكر ربّه ولاية علي بن أبي طالب (35).
(وفيها آيتان)
(إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيل)
المزمل/ 19
أخرج العالم (الشافعي)، الحافظ محبّ الدين الطبري، في كتاب (ذخائر العُقبى في مناقب ذوي القربى)، قال: وعن عبد العزيز، بسنده إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال:
(أنا وأهلُ بيتي شجرة في الجنّة وأغصانها في الدنيا، فمن تمسك بنا اتّخذ إلى ربّه سبيلاً)
ثم قال: أخرجه أبو سعد في شرف النبوة (36).
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ)
المزمل/ 20
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين، (بإسناده المذكور) عن ابن عباس قوله تعالى:
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ ـ يامحمد ـ تَقُومُ ـ تصلي ـ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ)
(قال): فأولُ من قام الليل معه علي بن أبي طالب، وأولُ من بايع معه علي بن أبي طالب، وأولُ من هاجر معه علي بن أبي طالب
(37).
(وفيها ثلاث آيات)
(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ)
المدثر/ 38 ـ 40
روى الحاكم الحسكاني (قال) حدثني أبو بكر الحبري (بإسناده المذكور) عن عنبسة العابد، عن جابر، عن أبي جعفر في قوله تعالى:
(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ).
قال: هُم شيعتُنا أهلَ البيت (38).
(وفيها ثلاث آيات)
(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى)
القيامة/ 31 ـ 33
نزلت في مُنكِرِ ولاية علي.
روى الحاكم الحسكاني (الحنفي)، عن فرات (بإسناده المذكور) عن حذيفة بن اليمان قال: كنتُ والله، جالساً بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، قد نزل بنا غدير خم، وقد غصّ المجلس بالمهاجرين والأنصار، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على قدميه فقال:
يا أيُّها الناس، إنّ الله أمرني بأمر فقال:
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ).
ثم نادى (صلى الله عليه وآله وسلّم) علي بن أبي طالب فأقامه عن يمينه، ثم قال:
يا أيُّها الناس، ألم تعلموا أنّي أولى منكم بأنفسكم؟
قالوا: اللّهم، بلى.
قال: من كنتُ مولاه، فعلي مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصرِ من نصره، واخذلْ من خذله.
فقال حذيفة: فو الله، لقد رأيت معاوية قام وتمطّى وخرج مغضباً، واضعاً يمينه على عبد الله بن قيس الأشعري، ويساره على المغيرة بن شعبة، ثم قام يمشي متمطياً، وهو يقول: لا نصدّق محمداً على مقالته، ولا نقرُّ لعلي بولايته، فأنزل الله:
(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى)
(39).