وفيها آيتان
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)
سبأ/ 4
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسى بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن عكرمة عن ابن عباس قال:
ما في القرآن آية (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذكر علياً إلاّ بخير
(1).
(أقول): قد مرّ هذا الحديث ونحوه في أمثال هذه الآية ممّا فيها (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)؛ لأنّ الحديث وما هو نظيره، يدلّ على أنّ كل آية هكذا واردة في علي، قبل غيره من المؤمنين، وقد ذكرناه في آيات عديدة لأنّ العام يشمل أفراده كلها.
قوله: (وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله) كلام غير مستغرق، وإنّما هو
تغليبي، إذ لا شكّ في وجود أصحاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ممّن لم
يعاتبهم الله، ولم يكن فيهم محل عتاب كسلمان (منّا أهل البيت)، وأبي ذر (منّا أهل
البيت)، والمقداد (إيمانه كزُبُر الحديد)، وعمار (مُلىء إيماناً من قرنه إلى مشاش
رجله) ونحوهم... وهذا الكلام ينظر العام التغليبي في قوله تعالى: (أفإن َ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) آل عمران/ 144. حيث نسب الانقلاب إلى جميع المسلمين، باعتبار انقلاب أغلبهم، أو غالبهم وهذا واضح معلوم لمن كانت له دراية بأساليب الكلام، وأنواع البلاغة فيه.
(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ...)
سبأ/ 47.
روى الحافظ سليمان (القندوزي الحنفي) بإسناده المذكور عن محمد بن علي الباقر (رضي
الله عنه) في قوله تعالى: (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ).
قال: من توالى الأوصياء من آل محمد (صلى الله عليه وعليهم) واتبع آثارهم، فذاك
يُزيده ولاية من مضى من المؤمنين الأولين، حتى تصل ولايتهم إلى (آدم) (عليه السلام)
(إلى أنْ قال): وهو قول الله عزّ وجلّ: (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) (يعني): يقول:
أجر المودّة التي لم أسألكم غيرها، فهو لكم، تهتدون بها، وتسعدون بها، وتنجون من عذاب يوم القيامة
(2).
(وفيها عَشْرُ آيات)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)
فاطر/ 7
روى الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: حدّثني علي بن موسى بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن عكرمة، عن ابن عباس قال:
ما في القرآن آية (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل إلاّ وقد عاتبه الله وما ذكر علياً إلاّ بخير
(3).
(وَما يَسْتَوِي الأَعْمى وَالْبَصِيرُ * وَلاَ الظُّلُماتُ وَلاَ النُّورُ * وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ * وَما يَسْتَوِي الأَحْياءُ وَلاَ الأَمْواتُ)
فاطر/ 19 ـ 20
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن ابن عباس (قال) في قوله الله تعالى:
(وَما يَسْتَوِي الأَعْمى) قال (يعني): أبو جهل بن هشام.
(والبصير) قال: علي بن أبي طالب.
(وَلاَ الظُّلُماتُ) يعني: أبو جهل المظلم قلبه بالشرك.
(ولا النُّورُ) يعني: قلب علي المملوء من النّور (نور الإيمان والمعرفة وغيرهما).
ثم قال (الله تعالى):
(ولا الظل) يعني بذلك: مستقر علي من الجنة.
(ولا الحرور) يعني: مستقر أبي جهل من جهنم.
ثم جمعهم فقال (تعالى):
(وَما يَسْتَوِي الأَحْياءُ وَلاَ الأَمْواتُ) كفّار مكة (4).
(إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ...)
فاطر/ 28
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي (بإسناده المذكور) عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله تعالى:
(إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ).
قال: يعني علياً، كان يخشى الله، ويراقبه (5).
(أقول): المراد به ـ كما مرّ مراراً ـ هو المصداق الأتم، والفرد الأظهر الذي ينطبق عليه هذا الكلام، لا الانحصار، أو أنّ علياً (عليه السلام) هو من نزل في حقه هذه الآية الشاملة ـ بأدلة شمول القرآن وعموم آياته ـ لغيره ممّن يخشون الله من العلماء على سبيل التشكيك المنطقي، يعني اختلاف مراتب الصدق على اختلاف الأفراد.
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ * وَقالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ).
فاطر/ 32 ـ 35
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل (بإسناده المذكور) عن السدي (6)، عن عبد خير، عن علي قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن تفسير هذه الآية فقال:
هم ذريتك وولدك (7) إذا كان يوم القيامة، خرجوا من قبورهم على ثلاثة أصناف:
ظالم لنفسه، يعني الميت بغير ثوبه.
ومنهم مقتصد، استوت حسناته وسيئاته من ذريتك.
ومنهم سابق بالخيرات، من زادت حسناته على سيئاته من ذريتك (8).
* * * * *
وروى السّيوطي في تفسيره (الدر المنثور) عن الطيالسي وغيره (بإسناده المذكور) عن
عقبة بن صهبان، قال قلت لعائشة: أرأيت قول الله (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) الآية:
قالت: (أمّا السابق (إلى أنْ قالت)، وأمّا الظالم لنفسه فمثلي ومثلك ومن اتبعنا)
(9).
(أقول): هذه عائشة تعترف بذلك، والحاكم هو الله العدل.
* * * * *
وروى السّيوطي أيضاً (بإسناده المذكور) عن أبي سعيد الخدري: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) تلا قول الله: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤ) فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): إنّ عليهم التيجان أدنى لؤلؤاً منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب (10).
* * * * *
وروي أيضاً عن ابن عباس أنّه قال: (الحزن) حزن النّار (11).
وروى هو أيضاً (بإسناده المذكور) عن قتادة (رضي الله عنه) في قوله: (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) يقول: غفور لذنوبهم، شكور لحسناتهم
(الذي أحلنا دار المقامة من فضله) قال (قتادة): أقاموا فلا يتحولون ولا يحولون (لا يمسنا فيها نصب) أي وجع
(لغوب) يعني إعياء (12).
(وفيها ثلاث آيات)
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ)
يس/ 12
روى الحافظ سليمان (القندوزي) الحنفي (بإسناده المذكور) عن الحسين بن علي قال، لمّا نزلت هذه الآية:
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ). قالوا: يا رسول الله هو التوراة، أو الإنجيل أو القرآن؟ قال: (صلى الله عليه وآله وسلّم): لا.
فأقبل إليه أبي، فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(هذا هو الإمام الذي أحصى الله فيه علم كلِّ شيء) (13).
* * * * *
وأخرج الحافظ القندوزي ـ نفسه أيضاً ـ عن عمّار بن ياسر (14)،
قال: كنت مع أمير المؤمنين سائراً فمررنا بوادٍ مملوءة نملاً، فقلت: يا أمير المؤمنين، ترى أحداً من خلق الله يعلم عدد هذا النمل؟ (قال): نعم يا عمار، أنا أعرف رجلاً يعلم عدده، وكم فيه ذكر وكم فيه أنثى (فقلت): مَنْ ذلك الرجل؟ (فقال): يا عمار، أقرأت في سورة (يس).
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ). (فقلت): بلى يا مولاي، (فقال): أنا ذلك الإمام المبين
(15).
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ)
يس/ 13
روى (السّيوطي) الفقيه الشافعي، في تفسيره الدرّ المنثورعند تفسير هذه الآية مستفيض الروايات في إيمان علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأنه ما أشرك بالله قط، ونحن ـ كعادتنا في الإشارة لا التفصيل ـ نذكر حديثاً واحداً منها:
قال: وأخرج ابن عدي وابن عساكر، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(ثلاثة ما كفروا بالله قط: مؤمن آل ياسين، وعلي بن أبي طالب، وآسية امرأة فرعون) (16).
(أقول): مؤمن آل ياسين هو الذي قال: (اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً) (يس 21)، فخنقه قومه
(17).
(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)
يس/ 20
روى العلاّمة الزمخشري، (الفقيه المالكي)، في تفسيره (الكشاف) عند تفسير هذه الآية، قال:
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال:
سبّاق الأمم ثلاثة، لم يكفروا بالله طرفة عين: (حزقيل) مؤمن آل فرعون، و (حبيب النّجار) مؤمن آل ياسين، و (علي بن أبي طالب) وهو أفضلهم
(18).
(وفيها ثلاث آيات)
(فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ)
الصافات/ 23
روى أبو الحسن بن شاذان ـ عن طريق العامة ـ عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول: إذا كان يوم القيامة أمر الله ملكين يقعدان على الصراط، فلا يجوز أحد إلاّ ببراءة من أمير المؤمنين، ومن لم يكن عنده براءة من أمير المؤمنين، أكبّه الله على منخره في النار.
ثم قال: قلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله، ما معنى براءة أمير المؤمنين؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلّم):
مكتوب: لا إله إلا الله، ومحمد رسول الله، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصي رسول الله
(19).
أقول: بمقتضى هذا الحديث ونحوه من عشرات الأحاديث الشريفة، أصحاب هذه الآية (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) هم من لم يعترفوا في الدنيا، بأنّ علي بن أبي طالب وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم).
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ).
الصافات/ 24
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني أبو الحسن الفارسي (بإسناده المذكور) عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(إذا كان يوم القيامة، أقف أنا وعلي على الصراط، فما يمرّ بنا أحد إلاّ سألناه عن ولاية علي، فمن كانت معه، وإلاّ ألقيناه في النار، وذلك قوله (تعالى):
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) (20).
(أقول): لا منافاة بين هذه الرواية، وبين سابقها عند قوله تعالى: (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) من جلوس ملكين على الصراط لاحتمال أمور:
(أحدها): كون النبي وعلي (صلى الله عليهما وعلى آلهما وسلم) على الصراط، برفقة ملكين اثنين، فبأمرهما ينفذ الملكان.
فيصح في مثله نسبة الفعل إلى الملكين لمباشرتهما، وإلى النبي وعلي (صلى الله عليهما وآلهما وسلّم) لأمرهما.
* * * * *
وأخرج العلاّمة الهندي (الفقير العيني) في مناقبه، عن ابن مروديه، عن ابن عباس (رضي الله عنه) وعن الديلمي عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه):
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) عن ولاية علي ـ (رضي الله عنه) ـ (21).
(ثانيها): كون المالكين في مكان من الصراط، وكونهما في مكان آخر، والفرق بين المكانين، إمّا للتشريف، أو غيره، وطول الصراط يقتضي ذلك، والعقبات الواردة في السنة للصراط تؤيد ذلك.
(ثالثها): كون الملكين يحكمان على قسم من النّاس، والنبي وعلي (صلى الله عليهما وآله وسلّم) يحكمان على قسم آخر، لاختلاف القسمين في الشرف والكرامة عند الله أو لاختلافهما في نسبة الموالاة والمعاداة، أو نحوهما، ويحتمل غير ذلك، فلا منافاة بين التفسيرين والروايتين.
وأخرج العالم (الشافعي) إبراهيم بن محمد الحمويني (بإسناده المذكور) عن أبي سعيد الخدري، أنّه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في قوله تعالى:
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) يسألون عن الإقرار بولاية علي بن أبي طالب
(22).
* * * * *
وأخرج حديث أبي سعيد الخدري هذا من الأعلام، كثيرون (منهم): أبو الحسن، المفسّر الواحدي في (أسباب النزول)
(23).
(ومنهم) السيد أبو بكر بن شهاب الدين الحسيني (الشافعي) في كتابه (24).
(ومنهم) الحافظ، ابن حجر الهيثمي المكي (الشافعي) في الصواعق (25).
(ومنهم) عالم المالكية، نور الدين، علي بن محمد بن الصباغ في الفصول المهمة (26).
(ومنهم) أخطب خطباء خوارزم، الموفّق بن أحمد في كتابه في مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام)
(27).
وآخرون غيرهم كثيرون.
(سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)
الصافات/ 130
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: وحدثنا أبو جعفر إملاءً (بإسناده المذكور) عن علي، في قوله تعالى:
(سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ). قال: ياسين محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ونحن آل ياسين
(28).
* * * * *
وروى هو أيضاً قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن عباس في قوله (تعالى):
(سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ). (قال): يعني: على آل محمد، وياسين بالسريانية: يا إنسان، يا محمد
(29). (أقول):: القراءة المشهورة المعروفة هي: (إل ياسين) بكسر الهمزة وسكون اللام ـ ولا تنافي هذه القراءة تفسيرها (بآل محمد) (صلى الله عليه وعليهم أجمعين) لأن (إل ياسين) أيضاً هو بمعنى (آل ياسين) كما في عديد من الأحاديث الشريفة.
* * * * *
وممّن روى ذلك أيضاً، فقيه الشوافع، جلال الدين السّيوطي في تفسيره (30).
وأخرج (الفقيه المالكي) جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي في تفسيره بالإسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(من مات على حب آل محمد مات شهيداً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً، ألا ومن مات على حب آل محمد بشّره ملك الموت بالجنّة، ثم منكر ونكير، ألا ومن مات على حب آل محمد يُزف إلى الجنة، كما تُزف العروس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حب آل محمد، فُتح له في قبره بابان من الجنة، ألا ومن مات على حب آل محمد، مات على السُنة والجماعة.
ألا ومن مات على بغض آل محمد، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنّة
(31).
(أقول): آل محمد، هم: علي وفاطمة والحسن والحسين.
فقد صرّح بذلك فقيه الشافعية محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) (32).
وفقيه الأحناف، موفّق بن أحمد الخوارزمي في مناقبه (33).
ومحبُّ الدين الطبري الشافعي في ذخائره (34).
وابن حجر الهيثمي الشافعي في صواعقه (35).
والسيد الشافعي في الرشفة (36).
وغيرهم كثيرون.
* * * * *
وروى مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري في (صحيحه) عن عائشة حديثاً: جمع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) علياً وفاطمة والحسن والحسين ثم قال:
(إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِير) (37) بياناً؛ لأنّ أهل البيت هم هؤلاء فحسب، وليست زوجاته داخلاتٍ في هذا العنوان.
وروى ذلك جمع غفير.
(ومنهم) الحاكم النيسابوري في (المستدرك على الصحيحين) (38).
(ومنهم) أبو عيسى، محمد بن عيسى بن سدرة الترمذي في (صحيحه) (39).
(ومنهم) إمام الحنابلة، أحمد بن حنبل في (مسنده) (40).
وغيرهم أيضاً.
وأخرج علاّمة (الحنفية)، الحاكم، الحسكاني، في شواهد التنزيل العديد من الأحاديث في أنّ (آل محمد) هم: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين.
(وفيها أربع آيات)
(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ)
ص/ 24.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسى بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن ابن عباس قال: ما في القرآن آية:
(الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذكر علياً إلاّ بخير
(41).
(أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار)
ص/ 28.
روى الحافظ الحسكاني الحنفي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد بن عثمان النسوي (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن عباس في قول الله (تعالى):
(أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار).
قال: نزلت هذه الآية في ثلاثة من المسلمين وهم (المتقون): علي، وحمزة، وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب، وفي ثلاثة من المشركين، وهم
(المفسدون الفجار): عتبة، وشيبة، والوليد بن عتبة، وهم الذين بارزوا يوم بدر، فقتل عليٌّ الوليد، وقتل حمزةٌ عتبة، وقتل عبيدةٌ شيبة
(42).
(قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ)
ص/ 67 ـ 68.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) عن فرات بن إبراهيم الكوفي (بإسناده المذكور) عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر ـ في حديث ـ قال:
كان علي (بن أبي طالب) يقول لأصحابه:
(أنا والله، النبأ العظيم، والله، ما لله نبأ أعظم مني، ولا لله آية أعظم مني) (43).
* * * * *
وقال عمرو بن العاص في قصيدته المعروفة: (الجلجلية) التي يمتدح بها علي بن أبي طالب، ويخاطب فيها معاوية:
(نصرناك من جهلنا يا ابن هند * على النبأ الأعظم الأفضل)
(فأين الحصى من نجوم السما * وأين معاوية من علي)
وقال غيره (في علي أيضاً) (وقيل): هو لابن العاص أيضاً:
(هو النبأ العظيم وفلك نوح * وباب الله وانقطع الخطاب) (44).