:: سورة الصف

(وفيها أربع آيات)

1. (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ) / 4.
2. (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) / 8.
3. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ) / 10.
4. (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ) / 12.

(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)
الصف/ 4
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا الشريف أبو عثمان سعيد بن العباس القرشي (بإسناده المذكور) عن ابن عباس في قوله تعالى:
(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) (إنه قيل: له) من هؤلاء؟
قال: حمزة أسد الله وأسد رسوله، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحرث، والمقداد بن الأسود (1).

* * * * *

وروى هو أيضاً قال: أخبرنا محمد بن عبد الله (بإسناده المذكور) عن ابن عباس قال: كان علي إذا صف في القتال كأنّه بنيان مرصوص، فأنزل الله تعالى هذه الآية (2).
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
الصف/ 8
روى الحافظ القندوزي (سليمان الحنفي) بإسناده عن علي بن الحسين في تفسيره قوله تعالى:
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ).
أنّه قال: إنّ الله مُتمٌّ الإمامة وهي النور.
وذلك قوله تعالى:
(فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْن) الآية.
ثم قال: النور هو الإمام (3).
(أقول): لدينا في ذلك تفسير النور بالقرآن أيضاً في بعض الآيات، وفي هنا أيضاً، لكون القرآن نوراً، كما أنّ الإمام نور، والقرآن حمّال ذو وجوه، وله بواطن عديدة ـ كما في مستفيض الروايات ـ.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ)
الصف/ 10
أخرج عالم الشوافع السيد الشبلنجي في نور الأبصار، عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال:
ليس آية من كتاب الله تعالى (فيها): (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو) إلاّ وعليّ أولها، أميرها وشريفها (4).
(أقول): هذه الآية فضيلة لعلي (عليه السلام)، لكونه أمير المؤمنين والآية موجهة إلى المؤمنين، ولكن في نفس الوقت ليس علي (عليه السلام) محتملاً لذيل الآية، حتى يتنبه بذلك، فقد عصمه الله تعالى من ذلك.
(يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
الصف/ 12
روى العلاّمة البحراني عن (مسند أحمد بن حنبل) قال: روى عبد الله بن أحمد بن حنبل (بإسناده المذكور) عن الفضل بن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
من أحبّ أن يستمسك بالقضيب الأحمر الذي غرسه الله عزّ وجلّ في جنة عدن بيمينه، فليتمسك بحبّ علي بن أبي طالب (5).
(أقول): المستفاد من هذا الحديث النبوي الشريف، ومن غيره من متواتر الأحاديث هو أنّ أصحاب جنة عدن هم فقط وفقط المتمسكون بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فالآية لهم، وبحقهم.
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) (يستمسك بالقضيب الأحمر)، كناية عن دخول جنة عدن، حتى يتمكن من الاستمساك بذاك القضيب، لأنّه في جنّة عدن.


:: سورة الجمعة

(وفيها ثلاث آيات)

1. (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ) / 2.
2. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) / 9.
3. (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا) / 11.

(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
الجمعة/ 2
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) عن فرات بن إبراهيم الكوفي (بإسناده المذكور) عن ابن عباس في قوله تعالى:
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) الآية.
قال: الكتاب: القرآن، والحكمة ولاية علي بن أبي طالب (6).
(أقول): ويدل على ذلك مستفيض الرويات القائلة: بأن (علياً باب دار الحكمة)؛ لأنّ آتي الدار يدخلها من الباب، وقاصد الحكمة لابدّ أنّ يأتي من قبل بابها ـ علي بن ابي طالب ـ.
فتعليم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) للمسلمين الحكمة إنّما يكون من طريق علي، ولا يتمُّ ذلك إلاّ بمعرفة علي.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ)
الجمعة/ 9
أخرج موفّق بن أحمد الخوارزمي (الحنفي) في مناقبه عن ابن عباس قال:
ما ذكر في القرآن (يا أيها الذين آمنوا) إلاّ وعليٌّ شريفها وأميرها (7).
(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
الجمعة/ 11
علي وأهل بيته لم ينفضوا
روى العلاّمة البحراني عن تفسير مجاهد، وأبي يوسف يعقوب بن سفيان قال: قال: ابن عباس في قوله تعالى:
(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِم).
إنّ دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجار الزيت ثم ضرب بالطبول؛ ليؤذن الناس بقدومه فنفر الناس إليه إلاّ علياً والحسن والحسين وفاطمة وسلمان وأبا ذر والمقداد وصهيباً، وتركوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قائماً يخطب على المنبر فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم):
لقد نظر الله إلى مسجدي يوم الجمعة، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي، لأضرمت المدينة على أهلها ناراً، وحصبوا بالحجارة كقوم لوط، ونزل فيهم: (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ) (8).
(أقول): الآية مفهومها في علي وأهل بيته، لا منطوقها ـ كما هو واضح ـ.
(ومن ذلك) يظهر أنّ في هذه المناسبة نزلت آيتان (أحداهما) هذه الآية: (والثانية)، ما في سورة النور (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) وقد مضى ذكرنا لها عند تفسير النور ص (65) من هذا الجزء الثاني فلاحظ.


:: سورة التغابن

(وفيها آيتان)

1. (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) / 8.
2. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ) / 14.

(فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
التغاين/ 8
روى العلاّمة البحراني قال:
أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس:
أنّ النّور في الآية، ولاية علي بن أبي طالب (9).

* * * * *

ونقل العلاّمة القبيسي، عن الحافظ بن جرير الطبري ـ أيضاً ـ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال في خطبة الغدير ـ فيما قال ـ:
(معاشر الناس: آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا).
ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم):
النور من الله فيّ، ثم في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي (10).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ...)
التغاين/ 14
أخرج الفقير العيني في مناقبه بعدة أسناد قال:
قال ابن عباس (رضي الله عنهما): ما أنزل الله:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو).
إلاّ وعليٌّ أميرها وأشرفها (11).


:: سورة الطلاق

(آية واحدة)

1. (ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور)/ 11.

(لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْق)
الطلاق/ 11
أخرج الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسى بن إسحاق (بسنده المذكور) عن عكرمة، عن ابن عباس قال:
(ما في القرآن آية ـ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ـ إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها... الخ) (12).


:: سورة التحريم

(وفيها ثلاث آيات)

1. (وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) / 4.
2. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) / 6.
3. (يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) / 8.

(وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ)
التحريم/ 4
روى جلال الدين، عبد الرحمن بن أبي بكر السّيوطي (الشافعي) في تفسيره قال: وأخرج ابن مردويه، عن أسماء بنت عميس: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول (في قوله تعالى):
(وصالح المؤمنين).
قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): علي بن أبي طالب (13).

* * * * *

وروى هو أيضاً عن ابن عساكر، عن ابن عباس في قوله (تعالى):
(وصالح المؤمنين).
قال: هو علي بن أبي طالب (14).
وأخرج الثعلبي النيسابوري في تفسيره (الكشف والبيان) المخطوط بسنده المذكور عن أسماء بنت عميس قالت:
سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول: (وصالح المؤمنين) علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) (15).
(أقول): قوله تعالى: (وإن تظاهرا عليه) أي تتظاهران بالعداوة ضد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، والمقصود من ضمير المثنى اثنتان من زوجات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) تعاقدتا للقيام ضد رسول الله في قصة (المغافر) المذكور في التفاسير، وهما عائشة وحفصة.

* * * * *

وأخرج مفتي العراقين أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي (الشافعي) في كفاية الطالب عن ابن عباس قال في قوله تعالى:
(وصالح المؤمنين).
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول:
صالح المؤمنين علي بن أبي طالب (16).

* * * * *

وأخرج هذا المعنى بتعبيرات مختلفة في بعض ألفاظها، الكثير من أئمّة الحديث، والحفّاظ، والمؤرخين والمفسّرين في كتبهم.
(منهم): المتقي الهندي الحنفي في كنز العمال (17).
(ومنهم): ابن حجر الشافعي في صواعقه (18) وكذلك الهيثمي في مجمع الزوائد (19).
(ومنهم): ابن حجر الشافعي العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري (20).
(ومنهم): الحافظ أبو الحسن بن المغازلي في مناقب علي بن أبي طالب (21).
(ومنهم): الحافظ ابن كثير الدمشقي في تفسيره، وكلاهما روى ذلك بسندهما عن ليث عن مجاهد (22).
(ومنهم): العلاّمة الأندلسي أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط) (23).
وآخرون كثيرون...
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً...)
التحريم/ 6
أخرج المفسّر (الشافعي) جلال الدين بن أبي بكر السّيوطي في تفسيره بإسناده المذكور عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(وما أنزل الله آية فيها (يا أيها الذين أمنوا) إلاّ وعليٌّ رأسها وأميرها) (24).
(أقول): لتوضيح أنّ ما ورد في القرآن مكرراً بالألفاظ فليس مكرراً بالمعنى نورد الحقيقة التالية الجديرة بالتأمل والتدقيق، كشاهد لذكر الآيات المتكررة في فضل علي (عليه الصلاة والسلام):
يقول المؤلفون عن (علوم القرآن):
التكرار اللفظي، موجود في القرآن.
أمّا التكرار الحقيقي ـ والمعنوي فلا يوجد في القرآن.
(وذلك)؛ لأنّ المقصود من كل كلمة (تكرر لفظها) في القرآن غير نفس تلك الكلمة في مكان آخر.
فإذا كُرّرت لفظة في القرآن مرتين، فاللفظ واحد، لكنّ المعنى والمقصود اثنان.
وإنْ كُرّرت لفظة أو آية في القرآن خمس مرات، فاللفظ واحد، لكنّ المعاني والمقاصد خمسة.
وهكذا داوليك.
ويسمّون ذلك بعلم الأحكام والتفصيل (25).
ولا بأس لبيان ذلك من نقل كلمات عن كتب كُتبت بهذا الصدد، لبيان هذا الموضوع المهم.
نصوص العلماء:
قال الأستاذ العفيفي المعاصر في كتابه (القرآن القول الفصل) ـ بصدد هذا المعنى وهو عدم التكرار المعنوي في القرآن، وإنّما التكرار لفظي فقط:
فإذا تعدّدت المواضع في القرآن كله بآية، أو جملة أصغر من آية، أو كلمة، أو حرف (26) كان كلٌّ من ذلك ثابتاً في نصه بلا تبديل، وإنّما لكلّ مفردة منه عمل جديد، بكلّ موضع جديد، حتى إذا احتاج أيُّ إنسان منّا بأيّ زمان أو مكان إلى النظر فيما تصلنا به كل مفردة من هذه المفردات في سياقها من أي موضع، وجدنا لها حساباً، فيه تعميم إلهي معجز، من حيث تقدير جملة مواضع كل مفردة، ومن حيث جملة ما تربطنا به من المقاصد.
كما أنّ في هذا الحساب تخصيصاً معجزاً من حيث ربط كل مفردة في سياقها من كل موضع نحتاج إليها به، بالمقصد المتفرد الذي يعمل معه الفارق بينه وبين أي مقصد آخر نحتاج إليه في القرآن كله، فننظر بكل موضع لكل مفردة، تتفق مع نوع حاجتنا إلى القرآن كأنْ ننظر بمواضع كلمة (الغيب) لنعرف المقاصد القرآنية المرتبطة بالغيب!
وهكذا يكون الأمر مع كل حرف، أو كلمة، أو جملة نحتاج إليها في القرآن كلّه، فنحصل على مقاصدها القرآنية، التي لا مثيل لها في كلام البشر.
وهذا من أعظم الحدود الفاصلة بين كلام الخالق وكلام المخلوقين، إذ البشر عاجزون عن (التعميم)، حتى يستطيعوا تثبيت القدر المطلوب من الكلام، بلا زيادة ولا نقصان.
كما أنّهم عاجزون عن تخصيص عدد مواضع أي مفردة من مفردات كلامهم كلّه أو بعضه، على نحو ثابت لا زيادة فيه ولا نقصان فضلاً عن عجزهم عن تقدير جملة المقاصد التي يحتاجون إليها في كلامهم أو علمهم بذلك (27).
وقال الخطيب الإسكافي في كتابه (درّة التنزيل وغرّة التأويل) في بيان مثل لاختصاص كل مفردة قرآنية بجديد من العلم وجديد من المعنى:
(إنّ قوله تعالى في سورة النبأ: (كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) 4 ـ 5 النبأ ـ يدلّ على اختصاص الآية الرابعة من سورة النبأ بالعلم في الدنيا، ثم اختصاص الآية الخامسة من هذه السورة بالعلم في الآخرة، فهو إذاً ليس بتكرار، ولم يرد بالثاني ما أراد بالأول...) (28).
وقال تاج القراء الكرماني في كتابه (أسرار التكرار في القرآن) في مقام إعطاء مثل آخر لعدم التكرار المعنوي في القرآن، ما مؤدّاه:
(إنّ قوله تعالى في سورة الفاتحة (عليهم) في موضعين بهذه الآية (صراط الذين أنعمت (عليهم) غير المغضوب (عليهم) ولا الضالين) لا تكرار فيه، لأنّ المراد بالأول الارتباط بمعنى الأنعام، أمّا المراد بالثاني فهو الارتباط بمعنى الغضب (29) ).
وقال العلاّمة الزركشي في كتابه (البيان في علوم القرآن) بصدد توضيح للاصطلاح المعروف (أحكام القرآن وتفصيله) ومعناه:
(إنّ أحكام القرآن وتفصيله) هو العلم الذي يضمن لنا أنّنا كلّما احتجنا إلى أي مفردة قرآنية، وجدناها بأي موضع من مواضعها كالحرف الواحد في الكلمة التي تجمع حروفها جميعاً في جملتها، فإذا كل حرف بموضعه الخاص، به تفصيلاً وإذاً الحروف جميعاً تامة الارتباط بها كلّها إجمالاً، وليس كذلك كلام البشر: الذي نرى كيف أننا لا نعلم له جملة، كما نقل مثل ذلك عن القاضي أبي بكر بن العربي، حيث يقول:
(إنّ ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة، علم عظيم فتح الله لنا فيه، فلمّا لم نجد له حملة، ووجدنا الخلق بأوصاف المبطلة، ختمنا عليه وجعلناه بيننا وبين الله، ورددنا إليه) (30).
وقال الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه المعروف (إحياء علوم الدين) لبيان تعميم هذا المصطلح:
(يقول بعض العارفين (31): إنّ القرآن يحوي سبعمائة وسبعين ألف علم ومائتي علم؛ إذ كل كلمة علم) (32).
وقال ابن القيم، أبو عبد الله، محمد بن أبي بكر في كتابه (إعلام الموقعين عن رب العالمين) نقلاً عن بعض الصحابة.
(حيث سُئل عن (الكلالة)، فتوقف عن إبداء رأيه في ذلك، حتى رجع إلى كلمة (كلالة)، وكلمة (الكلالة)، ليجدهما في موضعين قرآنيين) (33).
(أولهما): بقوله تعالى:
(وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ (كَلالَةً) أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) النساء ـ 12.
(وثانيهما): قوله تعالى:
(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي (الْكَلالَةِ) إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) النساء/ 176 (34).
ثم قال العفيفي تعقيباً على ذلك.
فها نحن نرى أنّ النظر في كل موضع من الموضعين المخصصين لكلمة (الكلالة) وكلمة (كلالة) قد وصلنا بمقصد جديد، من مقاصد القرآن، وهذا هو الشأن دائماً في ارتباط أي قارئ للقرآن بأي قول قرآني ينظر إليه بسياقه من موضعه الذي يجده به (35).
وقال القاضي أبو بكر (الباقلاني) في كتابه (إعجاز القرآن) بعد تفصيل من نقل أقوال الأشاعرة والمعتزلة في المسائل المرتبطة بهذا الموضوع من قريب وبعيد، ومسألة خلق القرآن بالذات، إلى أنْ قال رأيه الأخير بذلك ـ:
(لقد علمنا أنّ الله تحدّى المعارضين بالسور كلّها ولم يخص، فعلم أنّ جميع ذلك معجز) (36).
وذلك: لأنّ الكلمات المكررة لفظاً، هي ذات معانٍ جديدة بعدد تكرارها.
وقال السيد رشيد الرضا في كتابه (الوحي المحمدي):
لو أنّ عقائد الإسلام المُنزلة في القرآن من الإيمان بالله، وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وما فيه من الحساب، والجزاء، ودار الثواب، ودار العقاب، جمعت مرتبة في ثلاث سور، أو أربع أو خمس ـ مثلاً ـ لكتب العقائد المدونة:
ولو أنّ عبادته من الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والدعاء والأذكار، وضع كل منها في بضع سور أيضاً مبوّبة ذات فصول لكتب (الفقه) المصنفة.
ـ إلى أنْ قال ـ:
ولو أنّ قواعده التشريعية وأحكامه الشخصية، والسياسية، والحربية، والمالية، والمدنية، وحدوده وعقوباته التأديبية، رُتبت في عدّة سور خاصة بها كأسفار (القوانين الوضعية).
ثم لو أنّ قصص النبيين والمرسلين، وما فيها من العبر والمواعظ والسنن الإلهية، سردت في سورها مرتبة (كدواوين التاريخ).
لو أنّ كلّ مقاصد القرآن التي أراد الله بها إصلاح شؤون البشر، جُمع كلُّ نوعٍ منها وحده كترتيب أسفار (التوراة) التاريخ الذي لا يعلم أحد مرتبها، أو كتب العلم والفقه، والقوانين البشرية (لفقد) القرآن بذلك أعظم مزايا هدايته المقصودة من التشريع وحكمة التنزيل، وهو التعبد به واستفادة كل حافظ للكثير أو للقليل من سورة، حتى القصيرة منها، كثيراً من مسائل الإيمان، والفضائل والأحكام والحكم المنبئة في جميع السور، لأنّ السورة الواحدة لا تحوي في هذا الترتيب المفروض إلاّ مقصداً واحداً من تلك المقاصد، وقد يكون (أحكام الطلاق) أو (الحيض) فمن لم يحفظ إلاّ سورة طويلة في موضع واحد، يتعبد بها وحدها فلا شكّ أنّه يمُلها.
وأمّا السورة المنزلة بهذا الأسلوب الغريب، والنظم العجيب، فقد يكون في الآية الواحدة الطويلة، والسورة الواحدة القصيرة، عدة ألوان من الهداية وإنْ كانت في موضع واحد (37).
وقال العلاّمة مصطفى صادق الرافعي في كتابه (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية) ـ بعد بحث طويل يذكر فيه نصوص المفردات القرآنية التي تحمل الإعجاز في مجموعها كمجموع فيقول ـ: (إنّها هي الحروف، والكلمات، والجمل) (38). ويقول أيضاً في أوائل كتابه:
(نزل القرآن الكريم بهذه اللغة على نمط يعجز قليله وكثيره معاً، فكان أشبه شيء بالنور في جملة نسقه، إذ النور جملة واحدة، وإنّما يتجزأ باعتبارٍ لا يخرجه من طبيعته) (39).
وقال الشيخ محمد عبد الله دارز في كتابه (دستور الأخلاق في القرآن) ـ ملخصاً بعض جوانب الإعجاز القرآني ـ بعد تفصيلها ـ في إيجاز فيقول ـ:
(استطاعت الشريعة القرآنية أنْ تبلغ كمالاً مزدوجاً لا يمكن لغيرها أنْ يحقق التوافق بين شِقّيه، لطف في حزم، وتقدّم في ثبات، وتنوّع في وحدة) (40).
وللتوسع الأكثر في هذا الموضوع، يمكن الاستفادة من كتابين مهمّين من العلماء السابقين، وكتابين حديثين للمتأخرين، وهي الكتب التالية:
1. أحكام القرآن، تأليف أبي بكر أحمد بن علي الرازي (الجصّاص)، الذي كان إماماً للمذهب الحنفي في زمانه (41).
2. الإتقان في علوم القرآن، تأليف عبد الرحمن بن أبي بكر (السّيوطي)، الذي كان إماماً للمذهب الشافعي في عصره (42).
3. إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، للأستاذ مصطفى صادق الرافعي.
4. القرآن القول الفصل، للأستاذ محمد العفيفي.
(أقول): إنما ذكرنا هذا ـ الموجز ـ في هذا البحث العميق الطويل، لكي يتضح أنّ كلّ واحدة ممّا ورد في القرآن من جملة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو) هي غير الثانية، وغير الثالثة، وغير الرابعة.. وهكذا دواليك...
فجملة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو) لم تتكرر في القرآن في الواقع والمغزى، وإنمّا المتكرّر فقط وفقط ألفاظ هذه الجملة، وحروفها.
وما دام في القرآن عشرات من (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو).
وما دام تكررت الأحاديث الشريفة (بأنّ كلّ ما في القرآن يا أيّها الذين آمنوا، فإنّ علياً أميرها وشريفها، ورأسها).
وما دام أنّ التكرار ليس في القرآن في المعنى.
(إذاً) فبعدد ورود (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو) في القرآن، يكون بنفس العدد آيات في فضل علي بن أبي طالب ـ (عليه الصلاة والسلام) ـ.
فلا يعتبر كلّ ما في القرآن من (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو) آية واحدة في فضل علي أمير المؤمنين، بل عشرات الآيات من فضله.
(وهكذا) الأمر بالنسبة إلى ما ورد في القرآن من جملة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
فبعدد تكرارها، يكون عدد الآيات في فضل علي (عليه السلام).
فلا يُؤخذ علينا أنّا لماذا كرّرنا ذكر (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو) و (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
لأنّ كلّ واحدة منهما في محليهما، غيرهما في محل آخر، وثالث، ورابع، وهكذا...
(مثلاً) ورد (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو) مرةً في مقام بيان عبادة الله (43)، وثانيةً في مقام الاستعانة بالصبر والصلاة (44)، وثالثةً عند الردّ على علماء الزور (45)، ورابعةً لبيان أحكام الصوم (46) وخامسة للدخول في السلم (47) وهكذا دواليك.
ومعنى الحديث المتكرّر نقله من (أنّ علياً سيّدها وشريفها ورأسها) هو أنّ علياً (عليه الصلاة والسلام) سيد المؤمنين بالله العابدين بتوحيد الله.. وفي مقدمتهم.
وعلي سيّد المؤمنين بالاستعانة بالصبر والصلاة.. وفي طليعة الصابرين والمصلين.
وعلي شريف المؤمنين بردّ علماء الزور.. وأول معارضيهم.
وعلي رأس المؤمنين بأحكام الصوم.. والصوام عملاً.
وعلي أمير المؤمنين بالسلم.. وهو أول مطبق له.
... وهلُم جرّاً...
(ومثل ذلك) في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
فتارةً ذكرت هذا الجملة لبيان (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (48).
وثانيةً لبيان (إنّهم فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (49)
وثالثةً لبيان (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) (50).
ورابعةً لبيان: (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّ) (51).
وخامسةً لبيان: (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) (52).
ففي كل ذلك، علي بن أبي طالب سيد الذين آمنوا وعملوا الصالحات... وفي قمتها، ففي بعض (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) واحدة من هذا النتائج، وفي بعضهم اثنتان منها، وفي بعضهم ثلاث.. وهكذا.
أمّا علي بن أبي طالب، فكل النتائج فيه وله، وبأرقامها الأولى:
فلعلي المغفرة والأجر الكبير، وأرقامها.
وعلي في جنات النعيم، وأفضل درجاتها.
وعلي يهديه ربه بإيمانه، وبأكمل الهداية.
وعلي يجعل الرحمن له وداً، وبأوفر الود.
وعلي من (القليل)، وهو أفضل القليل، بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهكذا في بقية الموارد..
وبهذا البيان هنا نكتفي عن تكرار هذا الموضوع، عند تكرار ألفاظ جملتي: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو) و (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
(يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ)
التحريم/ 8
روى العلاّمة البحراني، عن ابن شهر آشوب، عن تفسير مقاتل، أنّه روى عن عطاء، عن ابن عباس أنّه قال:
(يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ) لا يعذّب الله محمداً.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) لا يعذِّب علي بن أبي طالب، وفاطمة، والحسن والحسين، وحمزة وجعفراً.
(نُورُهُمْ يَسْعى) يضيء على الصراط بعلي وفاطمة مثل الدنيا سبعين مرة، فيسعى نورهم.
(بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) ويسعى.
(وَبِأَيْمانِهِمْ) وهم يتبعونه، فيمضي أهلُ بيت محمدٌ أول الزُّمرة على الصراط مثل البرق الخاطف، ثم يمضي قوم مثل عدو الفرس، ثم قوم مثل شدّ الرجل، ثم قوم مثل الحبو، ثم قوم مثل الزحف، ويجعله الله على المؤمنين عريضاً، وعلى المذنبين دقيقاً، قال الله تعالى:
(يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَن) حتى نجتاز به على الصراط.
قال: فيجوز أمير المؤمنين في هودج من الزّمرد الأخضر، ومعه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر، حولها سبعون ألف حوراء كالبرق اللامع (53).

* * * * *

وأخرج علاّمة الحنفية المير محمد صالح الكشفي الترمذي في مناقبه عن المحدّث الحنبلي وابن عباس، نزول هذا الآية في علي وشيعته (54).


:: سورة الملك

(وفيها آيتان)

1. (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى) / 22.
2. (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) / 27.

(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)
الملك/ 22
روى العلاّمة البحراني (مرسلاً) عن عبد الله بن عمر أنّه قال:
إنّي أتبعُ هذا الأصلع (علي بن أبي طالب)؛ فإنّه أول النّاس إسلاماً، والحقّ معه، فإنّي سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول في قوله تعالى: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ـ:
فالناس مُكبّون على الوجه غيره (55).
(أقول): بهذا الحديث عن ابن عمر ظهر أنّ الآية قسمت الناس على الصراط قسمين (القسم الأول) (يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) وهم غير علي وأتباعه، (القسم الثاني) (يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وهو علي وشيعته.
(فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقيل: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ)
الملك/ 27
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا ابن فنجويه (بإسناده المذكور) عن الأعمش في قوله تعالى:
(فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُو).
قال: لمّا رأوا ما لعلي بن أبي طالب عند الله من الزلفى، سيئت وجوه الذين كفروا (56).

* * * * *

وروى هذا أيضاً (بإسناده المذكور) عن سهل بن عامر، عن الأعمش أنّه قال: هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب (57).

* * * * *

وروى هو أيضاً عن التفسير العتيق (بإسناده المذكور) عن عمرو بن أبي بكار التميمي، عن أبي جعفر، محمد بن علي في قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً).
قال: فلمّا رأوا مكان علي من النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم).
(سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُو) يعني: الذين كذبوا بفضله (58).


(1). شواهد التنزيل / ج2/ ص251ـ 252.
(2). شواهد التنزيل/ ج2/ ص251 ـ 252.
(3). شواهد التنزيل/ ج2/ ص251 ـ 252.
(4). ينابيع المودّة/ ص117.
(5). نور الأبصار/ ص78.
(6). غاية المرام/ ص578.
(7). شواهد التنزيل/ ج2/ ص253.
(8). المناقب للخوارزمي/ ص189.
(9). غاية المرام/ ص412.
(10). غاية المرام/ 437.
(11). كتاب (ماذا في التاريخ) / ج3/ ص147.
(12). المناقب للعيني/ ص48.
(13). شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.
(14). و (3) الدر المنثور/ ج6/ ص244.
(15). الكشف والبيان في تفسير القرآن مخطوط/ الصفحة الأولى/ الورقة 269.
(16). كفاية الطالب/ ص53.
(17). كنز العمال/ ج1/ ص237.
(18). الصواعق المحرقة/ ص144.
(19). مجمع الزوائد/ ج9/ ص194.
(20). فتح الباري/ ج13/ ص27.
(21). المناقب لابن المغازلي/ ص269.
(22). تفسير القرآن العظيم/ ج4/ ص389.
(23). تفسير البحر المحيط/ ج8/ ص291.
(24). الدر المنثور/ ج1/ ص104.
(25). انظر تقديم (الشيخ عطية صقر) الأمين بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، على كتاب (القرآن القول الفصل) تأليف الأستاذ المعاصر الصحفي المحقق (محمد العفيفي) ص7.
(26). (بآية) مثل (فبأي آلاء ربكما تكذبان) المكررة في سورة (الرحمن) عدة مرات (أو جملة أصغر من آية) مثل تكرار جملة (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) في سورة (النحل) آية (43) وسورة (الأنبياء) آية (7). (أو كلمة) مثل تكرار كلمة (عليهم) في سورة الفاتحة (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم) (أو حرف) مثل واو العطف المتكررة في سورة الفاتحة في آيتي (إياك نعبد وإياك نستعين) و (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) وهكذا أشباههما.
(27). القرآن القول الفصل/ ص16.
(28). درة التنزيل وغرة التأويل/516.
(29). أسرار التكرار في القرآن/ ص21.
(30). البيان في علوم القرآن/ ج1/ ص36.
(31). العارف: يقال للذين ادعوا معرفة أكثر بالله وبكونه ـ صدقاً أو كذباً ـ.
(32). إحياء علوم الدين/ ج1/ ص523.
(33). إعلام الموقعين عن رب العالمين/ ج1/ 82.
(34). إعلام الموقعين عن رب العالمين/ ج1/ 82.
(35). القرآن القول الفصل/ ص214.
(36). إعجاز القرآن ـ بهامش الإتقان للسيوطي/ ج2/ ص152.
(37). الوحي المحمدي/ ص142.
(38). إعجاز القرآن والبلاغة النبوية/ ص211/ وص47.
(39). إعجاز القرآن والبلاغة النبوية/ ص211/ وص47.
(40). دستور الأخلاق في القرآن/ ص11.
(41). المجلد الثاني/ ص280 وما بعدها.
(42). المجلد الثاني/ ص2 وما بعدها.
(43). البقرة/ 21.
(44). البقرة/ 153.
(45). التوبة/ 34.
(46). البقرة/ 183.
(47). البقرة/ 208.
(48). فاطر/ 7.
(49). الحج/56.
(50). يونس (عليه السلام) / 9
(51). مريم/ 96.
(52). ص/ 24.
(53). غاية المرام/ ص436.
(54). المناقب للكشفي/ الباب الآول.
(55). غاية المرام/ ص435.
(56). شواهد التنزيل/ ج2/ ص264.
(57). شواهد التنزيل/ ج2/ ص264.
(58). شواهد التنزيل/ ج2/ 265.