:: سورة الزّمر

(وفيها عشر آيات)

1. (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) / 7.
2. (أَمّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً) / 9.
3. (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) / 9.
4. (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) / 10.
4. (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) / 22.
5. (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ) / 29.
6. (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) / 31.
7. (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ) / 32.
8 و9. (الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ (إلى) جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) / 33 ـ 34.
10. (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ) / 56.

(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ...)
الزّمر/ 7
تكفروا بولاية علي:
نقل العلاّمة القبيسي عن شيخ أهل السنة في التفسير والتاريخ محمد بن جرير (الطبري) أنّه أورد في كتاب له، خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يوم الغدير، وأورد فيه، أنّه (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال:
معاشر الناس، قولوا ما قلت لكم، وسلموا على علي بإمرة المؤمنين، قولوا ما يرضي الله عنكم (فـ).
(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) (1).
(أقول): استشهاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بهذه الآية الشريفة هنا دليل على أنّ قصة الغدير مورد للآية، إمّا تنزيلاً، أو تأويلاً، أو تطبيقاً.
فإنكار ولاية علي يوم الغدير، هو الكفر في القرآن الحكيم.
(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ...)
الزّمر/ 9.
روى العلاّمة البحراني (قده) عن ابن شهر آشوب، عن النيسابوري ـ في روضة الواعظين ـ أنّه قال عروة بن الزبير: سمع بعض التابعين، أنس بن مالك يقول:
(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِم) الآية.
قال الرجل: فأتيت علياً وقت المغرب، فوجدته يصلي، ويقرأ (القرآن) إلى أنْ طلع الفجر، ثم جدّد وضوءه وخرج إلى المسجد وصلّى بالناس صلاة الفجر ثم قعد في التعقيب إلى أنْ طلعت الشمس، ثم قصده الناس فجعل بينهم إلى أنْ أقام صلاة الظهر، فجدّد الوضوء ثم صلّى بأصحابه الظهر، ثم قعد في التعقيب إلى أنْ صلّى بهم العصر، ثم كان يحكم بين الناس ويفتيهم (2).
(أقول): لعلّ المراد بقول الراوي (يصلّي ويقرأ إلى أنْ طلع الفجر) هو غالب الليل لا كل الليل، لأنّ علياً (عليه السلام) كان ينام قليلاً من الليل، خصوصاً في أيام خلافته الظاهرية التي لم يكن يستطيع ـ غالباً ـ من النوم في النهار، لانشغاله بأمور الناس، وقد روى عنه (عليه السلام) أنّه قيل له في قلة نومه فأجاب (عليه السلام): (إنْ نمت الليل، ضيعت نفسي، وإنْ نمت النهار، ضيعت رعيتي).
أو كانت تلك الليلة من الليالي التي كان يُحييها أمير المؤمنين (عليه السلام) بالعبادة ـ وما أكثرها في تاريخ علي (عليه السلام)، فقد ورد في حقه، وحق ابنه الحسين، وحفيديه السجاد والرضا ـ (عليهم السلام) ـ أنّهم كانوا يصلون في اليوم والليلة ألف ركعة، نقلت ذلك عدّة من الأحاديث الشريفة.
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ)
الزّمر/ 9
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) عن العتيق، بإسناده المذكور عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى:
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) الآية.
قال: يعني بـ (الَّذِينَ يَعْلَمُون) علياً، وأهل بيته من بني هاشم.
(وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) بني أمية.
(أُولُوا الأَلْبابِ) شيعتهم (يعني: شيعة أهل البيت) (3).
(إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ)
الزّمر/ 10
روى العلاّمة المكي موفّق بن أحمد الخوارزمي (الحنفي) (بإسناده المذكور) عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
إذا كان يوم القيامة، ينادون علي بن أبي طالب بسبعة أسماء (يا صديق)، (يا دال)، (يا عابد)، (يا هادي)، (يا مهدي)، (يا فتى)، (يا علي)، مُر أنت وشيعتك إلى الجنة بغير الحساب (4).
(أقول): يظهر من هذا الحديث أنّ الذين يُعطون الأجر والجنة بغير حساب، هو علي وشيعته، فتكون هذه الآية لهم، وقد كنى عنهم القرآن الحكيم، فقال (الصابرون).
(أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
الزّمر/ 22
روى الواحدي في (أسباب النزول) في قوله تعالى:
(أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) الآية.
قال: نزلت في علي وحمزة.
(فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ).
قال: نزلت في أبي لهب وأولاده (5).

* * * * *

وأخرجه أيضاً إبراهيم الوصالي في أسنى المطالب (6).
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)
الزّمر/ 29
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (قال) أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن عباس في قوله الله تعالى:
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ).
(قال): فالرجل هو أبو جهل، والشركاء آلهتهم التي يعبدونها، كلُّهم يدّعيها، يزعم أنّه أولى بها.
(ورجل) يعني: علياً.
(سلم) يعني: سلماً دينه لله يعبده وحده لا يعبد غيره.
(لرجل) يعني: لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم).
(هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَل): في الطاعة والثواب (7).

* * * * *

وروى هو أيضاً، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي (بإسناده المذكور) عن محمد بن الحنفية، عن علي في قوله تعالى:
(وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ).
قال: أنا ذلك الرجل السلم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) (8).
(ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)
الزّمر/ 31
روى الثعلبي في تفسيره عند قوله تعالى:
(ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ).
قال: روى خلف بن خليفة عن أبي هاشم، عن أبي سعيد الخدري قال:
كنا نقول: ربُّنا واحد، ونبيُّنا واحد، وديننا واحد فما هذه الخصومة، فلمّا كان يوم صفين، وشدّ بعضنا على بعض بالسيوف، قلنا: نعم هو هذا (9).
(أقول): (يوم صفين) هو الحرب الواقعة بين علي ومعاوية، ومن المعلوم أنّ صاحب الحق كان علياً (عليه السلام)، والظالم معاوية، لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، في أحاديث متواترة: (يا علي، حربك حربي، وسلمك سلمي).
(الحق مع علي، وعلي مع الحق).
(عليٌّ مع القرآن، والقرآن مع علي).
(عليٌّ يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت أنا على تنزيله).
إلى غير ذلك من مئات الروايات.. ومئات الأحاديث الشريفة.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ)
الزّمر/ 32
روى العلاّمة، السيد هاشم البحراني (قُدِّس سرُّه)، في كتاب صغير له، قال عنه: (هذه نبذة في مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام)، نقلتها من كتب أهل السنة) قال:
في مناقب أحمد بن موسى بن مردويه، في قوله تعالى:
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ). عن أمير المؤمنين، قال:
الصدق ولايتنا أهل البيت.
ثم قال العلاّمة البحراني: (أقول: قد فسر بعضهم (يعني: بعض العامة) المكذّب بالصدق بمن ردّ قول الرسول في شأن علي) (10).
(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ)
الزّمر/ 33 ـ 34
روى جلال الدين السّيوطي (الفقيه الشافعي) قال:
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة (رضي الله عنه) (في قول الله تعالى):
(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ)
قال (أبو هريرة): هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم).
(وصدق به).
قال: هو علي بن أبي طالب (11).

* * * * *

وأخرجه العديد من الحفّاظ والأثبات (منهم): عالم الشافعية الكنجي القرشي في كفاية الطالب (12).
(ومنهم): الحافظ الشافعي أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه (13) رواه عن لبث عن مجاهد.
(ومنهم): المفسّر محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي في تفسيره (14).
(ومنهم): العلاّمة الأندلسي أبو حيان في تفسيره البحر المحيط (15).
(ومنهم): علاّمة الهند عبيد الله بسمل أمر تسري في أرجح المطالب (بأسانيده) عن أبي هريرة ومجاهد (16).
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)
الزّمر/ 56.
مبغض علي يقول: يا حسرتا...
روى العلاّمة البحراني عن صاحب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة) قال:
يروى عن أبي بكر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) (لعلي بن أبي طالب):
خُلقت أنا وأنت يا علي من جنب الله تعالى.
فقال: يا رسول الله، ما جنب الله تعالى؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): سرٌ مكنونٌ، وعلمٌ مخزونٌ، لم يخلق الله منه سوانا، فمن أحبّنا، وفى بعهد الله، ومن أبغضنا، فإنّه يقول في آخر نفس:
(يا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (17).
(أقول): الله تعالى ليس بجسم، فليس له جنب، كما ليس له عين، ولا يد، ولا رجل، ولا غيرها، وهذه الألفاظ الواردة في القرآن الحكيم والسنة الشريفة يراد بها غاياتها لا أنفسها ـ كما حقق في الفلسفة الإسلامية ـ فلعل المراد (بجنب الله) شدة القرب المعنوي إلى الله تعالى.

* * * * *

وأخرج الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) قال: في المناقب عن أبي بصير عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) قال: قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في خطبته ـ وسرد بعض الخطبة إلى أنْ قال ـ:
قال علي:
(وأنا جنب الله الذي يقول الله تعالى فيه).
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (18).


:: سورة المؤمن (غافر)

(وفيها أربع آيات)

1. (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ (إلى) إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) / 7 ـ 8.
2. (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) / 40.
3. (وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ) / 58.

(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ ْجَحِيمِ * رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
غافر/ 7 ـ 8
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد الصوفي (بإسناده المذكور)، عن أبي الأسود الدؤلي، عن أبيه قال: قال علي:
لقد مكثت الملائكة سنين وأشهراً لا يستغفرون إلاّ لرسول الله ولي، وفينا نزلت هاتان الآيتان:
(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ ـ إلى قوله ـ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
فقال قوم من امنافقين: مَنْ كان مِن آباء علي وذريته الذين أنزلت فيهم هذه الآيات؟
فقال علي: سبحان الله! أمّا من آبائنا: إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، أليس هؤلاء من آبائنا؟! (19).
(أقول): وأمّا (أزواجهم) فمثل خديجة وفاطمة (عليهما السلام) (وأمّا ذرياتهم) فالأئمّة المعصومون من ذرية محمد وعلي (صلوات الله عليهم أجمعين)، وبقيّة الذّرية الطاهرة الذين صلحوا منهم.
وقد نقل الشيخ المحمودي في حاشية الحديث المذكور قال:
وهذا المعنى رواه جماعة كثيرة، ورواه ابن عساكر في الحديث (113) وتواليه من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (ج37 ـ 29) بطرق ثلاثة عن أبي أيوب الأنصاري، وأنس بن مالك، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم).
(وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ)
غافر/ 40
روى (الفقيه الشافعي) ابن المغازلي في مناقبه (بإسناده المذكور) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(يدخل من أمّتي الجنة سبعون ألفاً، لا حساب عليهم).
ثم التفت إلى علي فقال:
(هم من شيعتك وأنت إمامهم) (20).
(أقول): فهذه الآية ـ تطبيقاً ـ تكون بحقّ شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بحكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في هذا الحديث الشريف.
(وَما يَسْتَوِي الأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلاَ الْمُسِي‏ءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ)
غافر/ 58
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدّثني علي بن موسى بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن عكرمة عن ابن عباس قال:
ما في القرآن آية (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل إلا وقد عاتبه الله، وما ذكر علياً إلاّ بخير (21).
(أقول): تكرّر منّا ذكر هذا الحديث، تبعاً لتكرر آية (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) في القرآن الحكيم، ونزولها في علي (عليه السلام) يعني: تكرّر نزول الآية في علي (عليه السلام).


:: سورة فصلت

(وفيها أربع آيات)

1. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) / 8.
2. (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) / 19.
3. (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَنَا) / 29.
4. (أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً) / 40.

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)
فصلت/ 8
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسى بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن عكرمة عن ابن عباس قال:
ما في القرآن آية (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذكر علياً إلاّ بخير (22).
(وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)
فصلت/ 19
منهم أعداء علي (عليه السلام):
روى الحافظ الحسكاني قال (أخبرنا) أبو يحيى الحيكاني (بإسناده المذكور) عن جابر بن عبد الله (الأنصاري) قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فسمعته يقول:
(من أبغضنا أهل البيت، حشره الله يوم القيامة يهودياً).
قال (جابر) (23): قلت: يا رسول الله، وإنْ صام وصلى، وزعم أنّه مسلم؟
فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): (نعم وإنْ صام وصلى وزعم أنّه مسلم، إنّما احتجز بذلك من سفك دمه، وأنْ يؤدي الجزية عن يدٍ وهو صاغر) (24).
وروى الخطيب البغدادي في تاريخه (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن مسعود قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(من أحبني، فليحب علياً، ومن أبغض علياً، فقد أبغضني، ومن أبغضني، فقد أبغض الله عزّ وجلّ، ومن أبغض الله، أدخله النّار) (25).
(أقول): بالبرهان المنطقي السليم يكون نتيجة لذلك، إنّ ممّن تنطبق عليهم هذه الآية ويدخلون النار هم أعداء علي بن أبي طالب، لأنّهم أعداء الله.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الأَسْفَلِينَ)
فصلت/ 29
روى العلاّمة البحراني عن عكرمة (قال): وهو من الخوارج عن ابن عباس قال: قال علي:
أول من يدخل النار في مظلمتي فلان وفلان وقرأ (علي) الآية:
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّن) الآية.
قال: إنّها لمّا نزلت، دعاهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقال: فيكما نزلت (26).
(أقول): (فلان وفلان) كناية عن رجلين من المنافقين نزلت فيهما هذه الآية، ممّن كانوا حول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وأنزل الله تعالى في القرآن سورة كاملة في ذمهم وهي سورة المنافقين، بالإضافة إلى الآيات المتفرقة في سور متعددة من القرآن وردت ضدّهم.
والمقصود بـ (الذين كفرو) ليس النصارى واليهود والمشركين، وإنّما المسلمون الذين كذّبوا بأوامر الله تعالى في علي بن أبي طالب، نظير قوله تعالى: (من كفر) في آية الحج، ونحوه:
والمراد بـ (من الجن والإنس) الاثنين من مجموع الجن والإنس، الّلذين سبّبا ضلالة الصنفين، ولا يشترط كون أحدهما من الإنس والآخر من الجن، بل يصح مثل هذا التعبير مع كونهما كلاهما من الإنس كما لا يخفى.
وفي بعض الأحاديث أنّ أحدهما من الجن وهو الشيطان لقوله تعالى: (إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (27) وثانيهما من الإنس وهو أحد المنافقين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ومن أعداء علي (عليه السلام).
(أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
فصلت/ 40
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن ابن عباس في قول الله عزّ وجلّ:
(أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ) يعني: الوليد بن المغيرة.
(أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) من عذاب الله، ومن غضب الله، وهو علي بن أبي طالب.
(اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) وعيد لهم (28) (المشركين).


:: سورة الشورى

(وفيها أربع آيات)

1. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ) / 22.
2. (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) / 23.
3. (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً) / 23.
4. (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) / 26.
5. (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا) / 28.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)
الشورى/ 22.
روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسى بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن عكرمة (وهو من الخوارج وكان يبغض علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن ابن عباس قال:
ما في القرآن آية:
(الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذكر علياً إلاّ بخير (29).
(ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبى)
الشورى/ 23.
الأحاديث الشريفة في ذلك ملء الكتب، نذكر عدداً منها:
روى إبراهيم بن معقل النسفي (الحنفي) المتوفى سنة (295) في تفسيره عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لمّا نزل قول الله تعالى:
(قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).
قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): علي وفاطمة وابناهما (30).
وروى ابن كثير (إسماعيل القرشي الدمشقي) الفقيه الشافعي، في (تفسيره) عن أبي إسحاق السبيعي قال: سألت عمرو بن شعيب عن قوله تعالى:
(قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).
فقال: قربى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) (31).

* * * * *

ونقل (سيد قطب) المعاصر، في تفسيره (في ظلال القرآن) عند تفسير هذه الآية ـ إلى أنْ قال ـ:
قال عبد الملك بن ميسرة: سمعت طاوساً يحدث عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنّه سئل عن قوله تعالى: (إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبى).
فقال سعيد بن جبير (رضي الله عنه): قربى آل محمد (32).

* * * * *

وقال في تفسير الجلالين عند تفسير هذه الآية:
(الاستثناء منقطع، أي: لكنْ أسألكم أنْ تودّوا قرابتي) (33).

* * * * *

وذكر ذلك أيضاً عالم المالكية ابن الصباغ (34) وعالم الشوافع محمد بن إبراهيم الحمويني (35) وغيرهما
(أقول): الروايات في المقام تعدُّ بالعشرات، وطالبها يطلبها من مظانّها، وفي كتابَيْ (غاية المرام) و (شواهد التنزيل) وحاشيته فقط، ذكر عند هذه الآية قرابة خمسين حديثاً، من طرق العامّة.
وأخرج عالم الحنفية موفّق بن أحمد الخوارزمي (أخطب الخطباء) في كتابيه (المناقب) (36) و (المقتل) (37)، وروى العلاّمة البحراني (قده) في كتاب صغير له أسماه بـ (نبذة في مناقب أمير المؤمنين من كتب السُنّة) عن كتاب (فردوس الأخيار) لابن شيرويه، أبي شجاع الديلمي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(جاءني جبرئيل بورقة من آس خضراء، مكتوب فيها ببياض: إنّي افترضت محبّة علي بن أبي طالب على خلقي، فبلّغهم ذلك عنّي) (38).
(أقول): هذه الرواية وأمثالها ممّا يدل على وجوب وافتراض محبّة أمير المؤمنين (عليه السلام) تكون مؤيدةً لتفسير هذه الآية الكريمة، وهي رواية متواترة بالمعنى، ولعلّها تكون متواترة باللفظ أيضاً يقف عليها المتتبع، لذلك نقلناها واحدة تنبئ عن غيرها أيضاً.
وأخرج الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم):
أنّه قالوا له: من هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): علي وفاطمة وولداهما (39).
وقال الإمام الحافظ أبو القاسم (الكلبي) القرناطي في تفسيره عند هذا الآية:
(والمعنى: إلاّ أنْ تودّوا أقاربي، وتحفظوني فيهم، والمقصد على هذا وصية بأهل البيت) (40).

* * * * *

وأخرج (فقيه المالكية) الزمخشري في (كشافه) عند تفسير هذه الآية قال:
روى أنّها نزلت قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): علي وفاطمة وابناهما (41).

* * * * *

وأخرجه بهذا النص أيضاً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عالم الشوافع السيد المؤمن الشبلنجي في (نور الأبصار) (42).
وأخرجه عالم الأحناف محمد الصبّان، بطرق عديدة، عن ابن عباس، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في إسعافه (43).

* * * * *

وفي كتاب النقول للسّيوطي ـ بهامش تنوير المقياس ـ أخرج عن الطبراني، عن ابن عباس قال: قالت الأنصار: لو جمعنا لرسول الله ـ (صلى الله عليه وآله وسلّم) ـ، مالاً، فأنزل الله:
(قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).
فقال بعضهم: إنّه قال هذا، ليقاتل عن أهل بيته، وينصرهم (44).

* * * * *

وقال المفسّر المعاصر (حافظ عيسى عمار)، وكيل محكمة استئناف القاهرة ـ في تفسيره المسمى بـ (التفسير الحديث للقرآن الكريم).
(قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْر).
أي: لا أسألكم أجراً قطُّ، ولكنّي أسألكم أن تودوا قرابتي (45).

* * * * *

وقال المفسّر المعاصر الآخر (محمد محمود حجازي) من علماء الأزهر بالقاهرة في تفسيره المسمّى بـ (التفسير الواضح) ـ وهو تفسير كبير في ثلاثين جزءاً ـ عند هذه الآية الكريمة: (بمعنى أنّي لا أسألكم أجراً إلاّ أنْ تودّوا قرابتي وأهل بيتي (قيل) ومن هم؟
قيل: هم علي وفاطمة وأبناؤهما (46).

* * * * *

وأخرج علاّمة الشافعية، الّلغوي المعروف مجد الدين الفيروز آبادي صاحب (القاموس) في كتابه في التفسير المسمّى بـ تنوير المقياس من تفسير ابن عباس قال:
(إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبى) إلى أنْ تودّوا قرابتي (47).

* * * * *

وأخرج نحو هذه الأحاديث، متفقة في المعنى، ومختلفة في بعض التعبيرات، عدد آخر من المحدّثين:
(منهم): علاّمة الشوافع أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه (48).
(ومنهم): الحافظ ابن حجر العسقلاني (الشافعي) في تخريج أحاديث الكشاف (49) من طريق الطبراني، وابن أبي حاتم.
(ومنهم): الحافظ محب الدين الطبري في ذخائره (50).
(ومنهم): العلاّمة الكنجي (الشافعي) في كفاية الطالب (51).
(ومنهم): العلاّمة الهيثمي (الشافعي) في مجمع الزوائد (52).
(ومنهم): ابن عبد الله الزرقاني (المالكي) في شرح المواهب الّلدنية (53).
(ومنهم): ابن قتيبة الدينوري في تفسيره غريب القرآن (54).
(ومنهم): عبد الشكور الفاروقي التقشبندي المجددي، في كتابه بالفارسية المسمّى بـ (باقيات صالحات) (55).
(وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)
الشورى/ 23
روى الحافظ الكبير، عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحاكم (الحسكاني) الحذّاء الحنفي، قال: أخبرنا محمد بن علي بن محمد بن الحسن الجرجاني (بإسناده المذكور) عن ابن عباس في قوله (تعالى):
(وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً).
قال: المودّة لأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) (56).

* * * * *

وروى هو أيضاً قال: قال ابن غالب، عن ابن عباس قال: في محبتنا أهل البيت نزلت:
(وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْن) (57).
وقال الزمخشري في تفسير (الكشاف): وعن السدي: أنها (أي الحسنة المقترفة) المودّة في آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) (58).

* * * * *

وأخرج أبو الفرج الأصبهاني (الأموي) في مقاتله خطبةً للحسن بن علي وفيها:
(وأنا من أهل البيت، الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً)
والذين افترض الله مودّتهم في كتابه إذ يقول:
(وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْن).
فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت (59).

* * * * *

وأخرج نحواً من ذلك بتعبيرات مختلفة وأسانيد عديدة، الكثيرُ من المحدّثين:
(منهم): الخطيب الشافعي، والحافظ الجلابي أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه (60).
(ومنهم): علاّمة الشافعية، ابن حجر الهيثمي في صواعقه (61).
(ومنهم): مفسّر الشوافع، جلال الدين بن أبي بكر السّيوطي في تفسيره الكبير (62).
وآخرون عديدون.
(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)
الشورى/ 26
يعني: وهو الذي يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات.
روى الحافظ الحسكاني (قال): حدثني علي بن موسى بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ما في القرآن آية: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذكر علياً إلاّ بخير (63).
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)
الشورى/ 28
روى العلاّمة البحراني، عن إبراهيم بن محمد الحمويني (الشافعي) (بإسناده المذكور) عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال ـ في حديث ـ:
(نحن أئمّة المسلمين، وحججُ الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغرّ المحجّلين، وموالي المؤمنين).
إلى أنْ قال (عليه السلام):
(وبنا يُنزل (الله) الغيث، وينشر الرحمة، وتخرج بركات الأرض... الخ) (64).
(أقول): يعني: لأجلنا يُنزِّل الله الغيث، فلولانا ما أنزل الله المطر، ولأجلنا ينشر الله رحمته على العصاة من عباده، ولولانا لم يعمم برحمته، ولأجلنا تخرج الأرض بركاتها من الزراعة ولولانا لم يأذن الله تعالى للأرض بالإنبات.
وهذا المعنى موجود في عشرات الأحاديث الشريفة (ومنها) حديث الكساء الذي ورد بالطرق العديدة والصحيحة، عند الشيعة والسنة، ومن جملة عباراته: (قالت الملائكة: يا رب، ومن تحت الكساء؟ قال عزّ وجلّ: هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها... (إلى أن ْيقول:) قال الله عزّ وجلّ: يا ملائكتي وسكان سماواتي، إنّي ما خلقت سماءً مبنية، ولا أرضاً مدحية، ولا قمراً منيراً، ولا شمساً مضيئة، ولا فلكاً يدور، ولا بحراً يجري، ولا فلكاً تسري، إلاّ لأجل هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء... الخ).


(1). كتاب (ماذا في التاريخ) ج3/ ص156.
(2). غاية المرام/ ص415.
(3). شواهد التنزيل/ ج2/ ص117.
(4). المناقب للخوارزمي/ ص228.
(5). أسباب النزول/ ص263.
(6). أسنى المطالب للوصابي/ الفصل الثالث عشر/ أو آخره.
(7). شواهد التنزيل/ ج2/ ص118 ـ 119.
(8). شواهد التنزيل/ ج2/ ص118 ـ 119.
(9). تفسير الثعلبي المخطوط/ ج2/ الورقة 192/ الصفحة الأولى.
(10). الكتاب المذكور/ ص109.
(11). الدر المنثور/ ج5/ ص328.
(12). كفاية الطالب/ ص109.
(13). المناقب لابن المغازلي/ ص269 ـ 270.
(14). تفسير القبرطي/ ج15/ ص256.
(15). البحر المحيط/ ج7/ ص428.
(16). أرجح المطالب/ ص60
(17). غاية المرام/ ص341.
(18). ينابيع المودّة/ ص495.
(19). شواهد التنزيل/ ج2/ ص124.
(20). مناقب علي بن أبي طالب/ ص293.
(21). شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.
(22). شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.
(23). من هنا نقل في حاشية شواهد التنزيل.
(24). شواهد التنزيل/ ج1/ ص379.
(25). تاريخ بغداد/ ج13، ص32.
(26). غاية المرام/ ص444.
(27). سورة الكهف/ 50.
(28). شواهد التنزيل/ ج2/ ص129.
(29). شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.
(30). تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن/ ج4/ ص94.
(31). تفسير القرآن العظيم/ الجزء الثالث/ سورة الشورى.
(32). في ظلال القرآن/ (الجزء 25) / سورة الشورى.
(33). تفسير الجلالين/ (الجزء 25)، سورة الشورى.
(34). الفصول المهمة/ المقدمة.
(35). فرائد السمطين/ ج1/ الباب الثاني.
(36). مناقب للخوارزمي/ ص39.
(37). المقتل للخوارزمي/ ج1/ ص27.
(38). الكتاب المذكور/ ص28.
(39). ينابيع المودّة/ ص368.
(40). تفسير الكلبي/ ج4/ ص35.
(41). تفسير الكشاف/ في تفسير سورة الشورى.
(42). نور الأبصار/ ص112.
(43). إسعاف الراغبين/ ص105 (بهامش نور الأبصار).
(44). لباب النّقول في أسباب النزول ـ بهامش تنوير المقياس ـ ص243.
(45). التفسير الحديث/ ج2/ ص127.
(46). التفسير الواضح/ ج25/ ص19.
(47). تنوير المقياس/ ص310.
(48). المناقب لابن المغازلي/ ص307 ـ 309.
(49). تخريج أحاديث الكشاف/ ص145.
(50). ذخائر العقبى/ ص24.
(51). كفاية الطالب/ ص91.
(52). مجمع الزوائد ج9/ ص168.
(53). شرح المواهب اللدنية/ ج7/ ص21.
(54). تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص393.
(55). باقيات الصالحات/ ص367.
(56). شواهد التنزيل/ ج2 ص149 ـ 150.
(57). شواهد التنزيل/ ج2 ص149 ـ 150.
(58). تفسير الكشاف/ سورة الشورى.
(59). مقاتل الطالبيين/ ص52.
(60). المناقب لابن المغازلي/ ص316.
(61). الصواعق المحرقة/ ص175.
(62). الدر المنثور/ ج6/ ص7.
(63). شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.
(64). غاية المرام/ ص28.